السودان‭ ‬يطالب‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإسقاط‭ ‬ديونه‭ ‬دعما‭ ‬للسلام‭ ‬

حث‭ ‬علي‭ ‬عثمان‭ ‬طه‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي،‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬إسقاط‭ ‬ديون‭ ‬بلاده‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬آمال‭ ‬السلام‭ ‬قبيل‭ ‬استفتاء‭ ‬على‭ ‬انفصال‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭.‬
وقال‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬إن‭ ‬ديون ‭ ‬السودان‭ ‬الخارجية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬زهاء‭ ‬38‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتأخر‭ ‬السودان‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬مديونياته‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬منعه‭ ‬من‭ ‬التأهل‭ ‬للإعفاء‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬لأي‭ ‬مساعدة‭ ‬مالية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المانحة‭ ‬للقروض‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يحاول‭ ‬فيها‭ ‬البلد‭ ‬الغني‭ ‬بالنفط،‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬بعد‭ ‬أطول‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭. ‬ووقع‭ ‬السودان‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬أنهى‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬وجنوبه‭.‬
وقال‭ ‬طه‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬انه‭ ‬يدعو‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬منبر‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬إعفاء‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬وفقا‭ ‬لنفس‭ ‬المعايير،‭ ‬التي‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬تطورا،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬النمط‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مواجهات‭ ‬وانعدام‭ ‬الاستقرار‭.‬
وتعهد‭ ‬طه‭ ‬ورئيس‭ ‬إقليم‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬شبه‭ ‬المستقل،‭ ‬بالعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام،‭ ‬بينما‭ ‬يضغط‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬وزعماء‭ ‬سياسيون‭ ‬آخرون‭ ‬على‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إجراء‭ ‬الاستفتاء‭ ‬المقرر‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬الجنوب‭ ‬في‭ ‬موعده‭ ‬وبشكل‭ ‬سلمي‭.‬
ويتزايد‭ ‬القلق‭ ‬مع‭ ‬تأخر‭ ‬الاستعدادات‭ ‬للاستفتاء،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استفتاء‭ ‬آخر‭ ‬بشأن‭ ‬منطقة‭ ‬ابيي‭ ‬النفطية‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭. ‬وقال‭ ‬طه‭ ‬إن‭ ‬إعلان‭ ‬النية‭ ‬لإعفاء‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬ديونه‭ ‬سيبدد‭ ‬الشكوك‭ ‬داخل‭ ‬السودان‭ ‬بشأن‭ ‬الاستفتاء‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬ويدعم‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الشمال‭ ‬والجنوب‭ ‬بشأن‭ ‬ترتيبات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستفتاء‭.‬
ومن‭ ‬شأن‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬الاستفتاء،‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬صراعات‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬مرارة‭ ‬وهو‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬أولى‭ ‬حلقاتها‭ ‬بعد‭ ‬استقلال‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬الجنوب‭ ‬الاستقلال‭ ‬ويفضله‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الخرطوم‭. ‬ويقول‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬بموقعه‭ ‬الالكتروني،‭ ‬إن‭ ‬مشاكل‭ ‬ديون‭ ‬السودان‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الستينيات‭ ‬عندما‭ ‬اعتمد‭ ‬السودان‭ ‬إستراتيجية‭ ‬تحول‭ ‬واسع‭ ‬إلى‭ ‬التصنيع‭ ‬جرى‭ ‬تمويلها‭ ‬بقروض‭ ‬عالية‭ ‬الفائدة‭. ‬ويفيد‭ ‬الموقع‭ ‬أن‭ ‬ديون‭ ‬السودان‭ ‬الخارجية‭ ‬بلغت‭ ‬8ر37‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬معظمها‭ ‬ديون‭ ‬متأخرة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬خدمتها‭ ‬بدون‭ ‬إعفاء‭ ‬من‭ ‬الديون‭. ‬وطبقا‭ ‬للبنك‭ ‬الدولي‭ ‬فان‭ ‬نسبة‭ ‬قليلة‭ ‬هي‭ ‬قروض‭ ‬منخفضة‭ ‬الفائدة‭.‬
وقال‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬بتاريخ‭ ‬29‭ ‬يوليوز،‭ ‬يلخص‭ ‬أحدث‭ ‬مراجعاته‭ ‬لموقف‭ ‬السودان،‭ «‬بينما‭ ‬يقر‭ ‬المديرون‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬باحتياجات‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬إعادة‭ ‬الأعمار‭ ‬والتنمية‭ ‬فإنهم‭ ‬يحثون‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬تحجيم‭ ‬الاقتراض‭ ‬عديم‭ ‬الامتيازات‭ ‬ذي‭ ‬الفائدة‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬عبء‭ ‬الدين‭ ‬الخارجي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬خدمته‭»‬‮.‬‭ ‬وأضاف‭ ‬البيان‭ «‬كما‭ ‬سيعطي‭ ‬ذلك‭ ‬إشارة‭ ‬قوية‭ ‬على‭ ‬جهد‭ ‬متعاون‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬السودان‭ ‬ويتجنب‭ ‬التعقيدات‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬إعفاء‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬مستقبلا‭»‬‮. ‬وحذر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬يجتذب‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬سنواته‭ ‬الأولى‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭ ‬بسبب‭ ‬التداعيات‭ ‬المحتملة‭ ‬للديون‭ ‬التي‭ ‬سيرثها‭ ‬عن‭ ‬الخرطوم‭.‬ورغم‭ ‬النمو‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬جوبا‭ ‬عاصمة‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭ ‬منذ‭ ‬أنهى‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬حوالي‭ ‬24‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬بين‭ ‬الشمال‭ ‬والجنوب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التي‭ ‬اجتذبتها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬كينيا‭ ‬أو‭ ‬أوغندا‭ ‬أو‭ ‬السودان‭.‬
‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬آخر،تعهدت‭ ‬الحكومة‭ ‬السودانية،‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي،‭ ‬بتقديم‭ ‬نحو‭ ‬ملياري‭ ‬دولار‭ ‬لإقليم‭ ‬دارفور،‭ ‬لكنها‭ ‬جددت‭ ‬مطالبتها‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬الاتهامات‭ ‬المساقة‭ ‬بحق‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭. ‬وأعلن‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬علي‭ ‬عثمان‭ ‬طه‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬انفاق‭ ‬9ر1‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬أربعة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاقليم‭ ‬بغرب‭ ‬السودان‭. ‬وأوضح‭ ‬عثمان‭ ‬طه‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬الأمن‭ ‬وإطلاق‭ ‬التنمية‭ ‬وإعادة‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬لجأوا‭ ‬الى‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ «‬المصالحة‭» ‬في‭ ‬دارفور‭. ‬وأشار‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السوداني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجديدة‭. ‬وحسب‭ ‬تقديرات‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬قضوا‭ ‬في‭ ‬دارفور‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2003‭.

Top