الكاتب المغربي محمد نفاع: المثقف حلقة وصل مهمة سياسيا فهو مثل رجل المطافئ

أكد الكاتب المغربي محمد نفاع أن بدايته الإبداعية  كانت في مرحلة مبكرة من عمره، فقد خربش طفلا ومراهقا، وفي بداية شبابه من خلال رسائل العشق والخواطر وبعض الإمكانات الشعرية المرتبطة بالقضية العربية الأولى قضية فلسطين وحرب لبنان.
 وصدر للزجال والقاص محمد نفاع  حتى الآن ديوانان شعريان زجليان (عطش الزمان)  في 2018، و(تهتهيت العشية) في 2020
وله أعمال أخرى جاهزة للطبع،  تتنوع بين الرواية (روايتان واحدة منهما سيرة ذاتية)، مجموعة قصصية قصيرة جدا، ديوان نثري، ثلاث دواوين زجلية، بالإضافة إلى عمل فكري يرتبط بتخصصه (الفلسفة). 
وأوضح في حوار لـ”بيان اليوم” أنه  لم يأت إلى عالم الزجل صدفة، فهو ابن الهامش البيضاوي الذي تأثر بقوة بمجموعتي لمشاهب وناس الغيوان . 
وأبرز ذات المتحدث أن عملية الطبع والتوزيع تعرف تملص الجهات والجمعيات الثقافية، وهو اختلال يعوق انتشار المنتوج المعرفي المختلف ببلادنا، هي عملية تحكمها علاقات ملتبسة، علاقات
“اعطني نعطيك” داخل متاهات مفرغة من الإنسانية واللباقة والأدب وذلك حسب مراكز التخصص والعمل والانتماء لكل مستفيد من هذه العملية التبادلية اللامنطقية.
         > في البداية نريد أن نتعرف على بدايتك في عالم الكتابة متى وكيف؟
< متى بدأت الكتابة وكيف؟ سؤال يرتبط بزمن بدايتي للكتابة، والمشاعر، والمعارف، والأفكار والدوافع التي حفزتني وشجعتني على فعل الكتابة. بدايتي كانت في مرحلة مبكرة من عمري فقد خربشت طفلا، ومراهقا، وفي بداية شبابي من خلال رسائل العشق والخواطر وبعض الإمكانات الشعرية المرتبطة بالقضية العربية الأولى قضية فلسطين وحرب لبنان لغنى الموارد الأدبية التي كتبت عنها في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات حيث الجرائد الوطنية والمجلات العربية مليئة بأخبارها وما تركته من مشاعر في أذهاننا. وربما الكتب الجميلة والمتنوعة التي كانت تملأ بيتنا وبيوت عائلتي التي تجاورنا والتي أتردد عليها في كل لحظة وحين. وربما تكون النماذج (أولاد الدرب الكبار القارين) الذين نصادفهم يحملون الكتب باستمرار وكثيرا ما رأيتهم يقرؤون، ويبتسمون، ويتأملون وهم مقبلون على الحياة بكل مباهجها. إذن فبدايتي لفعل الكتابة كان نتيجة تراكم مجموعة من العوامل التي تداخلت فيما بينها، دعمت بعضها البعض، أغنت بعضها البعض ومنحتنا ليس أخيرا كائنا يكتب، لأنه بكل بساطة؛ كائن جمالي وجميل يحب الجمال ويحاول إنتاجه.

> ما هي أبرز أعمالك التي صدرت أو التي تسعى إلى إصدارها؟
< أصدرت حتى الآن ديوانين شعريين زجليين
عطش الزمان في 2018 
تهتهيت العشية في 2020
أما ما أسعى لإصداره مستقبلا إن وجدت هيئات ثقافية مسؤولة تتبنى ذلك، فهو يتنوع بين الرواية (روايتان واحدة منهما سيرة ذاتية)، مجموعة قصصية قصيرة جدا، ديوان نثري، ثلاث دواوين زجلية جاهزة للنشر. بالإضافة إلى عمل فكري يرتبط بتخصصي (الفلسفة). ويوميات مختلفة العناوين.

> أي الطرق قادتك إلى عالم الزجل؟
< لم آت إلى عالم الزجل صدفة أو أني سعيت إليه دون أن يسعى إلي. فأنا ابن الهامش البيضاوي الذي تأثر بقوة بمجموعتي لمشاهب وناس الغيوان. وابن الزاوية الشرقاوية التي ربما ترددي عليها وعائلتي منذ حداثة سني لزيارة أجدادي رسخ في ذهني تلك الذبذبات الشعورية الصوفية التي تسكن الروح والجسد وتهيم بالعقل حيث البرزخ، وحيث اللقاء الصوفي المتعالي .. فلم أكن أحتاج إلا أن أوقظها من سباتها الطويل داخل ذهني. وربما كانت قراءاتي لبعض الكتابات الزجلية بموقع “مطر” الإلكتروني لشعراء مغاربة دافعا لكتابة الزجل! وقد تكون قراءتي لبعض الكتابات بالدارجة المغربية خاصة حلاق درب الفقراء، وسفر السي محمد (مازلت أحتفظ بهما بمكتبتي، كنت اقتنيتهما من سوق الكلب بالحي المحمدي بدرهمين) وهما للروائي المغربي يوسف فاضل.
ولا أنسى رواية الخبز الحافي للروائي المرحوم محمد شكري التي رجت ما علق في ذاكرتي من أزمات شعورية دفينة عند قراءتي لها في طبعتها الأولى وكذلك أثناء قراءتي لها في مرحلة متقدمة من عمري؛ فربما امتزجت هي كذلك بما سبق ذكره، وشكلوا الإيقاع المطلوب لقيادتي لكتابة شعر الزجل.
كل شيء بدأ بالأساس وطريقي نحو الزجل كانت باحتكاكي بجل التجارب الشعرية الزجلية المغربية قديمها وحديثها لا من خلال الملاحق الثقافية أواخر سبعينات القرن الماضي أو عبر الوسائط الاجتماعية اليوم.
لا شيء يأتي من فراغ.

> أي التيمات تكتب فيها أكثر ولماذا؟
< لماذا وجد الكتاب والكتابة؟ أ ليس لخلاص الإنسان وإبداع حياة تليق بمقامه؟ إذن، فالتيمة التي تأسرني وتشغل بالي وتشوش عليه باستمرار هي الإنسان؛ لأن سعادة هذا الإنسان الذي أنا جزء منه هي سعادتي، وشقاؤه هو شقائي.

> أين يجد المبدع محمد نفاع ذاته؟ هل في الزجل أم في جنس أدبي آخر؟
< لا أحب الحدود كما الخيال، أنا إنسان كوني، أعشق الحياة وأحب أن أتمدد فيها كما أشاء لا كما يشاء غيري. وكذلك لا أقتصر في الكتابة على نمط أدبي أو جنس أدبي دون آخر. قراءاتي التي بلا حدود وتفاعلي معها هو من يحدد كتابتي.
المعرفة بستان شاسع وممتد في اللامحدد، ورودها مختلفة الألوان والعطور، وهذا الاختلاف  يصدر أمزجة مختلفة كذلك، وهي ما يدفعني للكتابة والإبداع في كثير من الأجناس الأدبية. وللتذكير فقط، فقد بدأت بنشر القصة القصيرة جدا، ترجمت لي إحداها بعنوان “عنف” للغة الفرنسية من طرف كاتب تونسي. كما نشرت لي قصائد نثر عديدة بمجلات عربية إلكترونية وهي مشروع ديواني النثريين اللذين سينشر قريبا.
> كمبدع، ما رأيك في الحركة الثقافية ببلادنا؟
< تعرف الحركة الثقافية ببلادنا قفزة نوعية محترمة في العديد من الأجناس الأدبية والفكرية (الشعر، الرواية، القصة، النقد، الترجمة…)، والقارئ الجيد اليوم يلاحظ هذا الغزو الثقافي المغربي للساحة العربية، وهذه الدينامية الفاعلة والمتفاعل معها بشكل محترم، يدفعنا للفخر والاعتزاز بهذه المكاسب التنويرية التقدمية وهذا الزخم الإبداعي الذي ينعش الفكر ويخلق الجمال. فكيف إذن نجني نتائج هذه المكاسب الإيجابية إعلاميا كي تنشط الحركة الثقافية أكثر، ونبدع أكثر، وننتج مبدعين أكثر.. من خلال برامج ثقافية تساير وتدعم هذا التطور والنماء الثقافي المغربي ماديا ومعنويا خاصة الأطراف المبدعة الهشة منها.

> ماذا عن ظروف الطبع والتوزيع؟
< هذا خلل من الاختلالات الذي تعوق انتشار المنتوج المعرفي المختلف ببلادنا. فصراحة، هذه العملية تحكمها علاقات ملتبسة، علاقات اعطني نعطيك داخل متاهات مفرغة من الإنسانية واللباقة والأدب وذلك حسب مراكز التخصص والعمل والانتماء لكل مستفيد من هذه العملية التبادلية اللامنطقية. وهذا الخلل يجب تجاوزه ليأخذ كل مبدع حقه من غنيمة الثقافة لأجل المزيد من الفتوحات الثقافية.
بالنسبة لتجربتي في الطبع والتوزيع، فحقيقة، هي تجربة بئيسة جدا فلا يعقل أن يتحمل المبدع كل التبعات الخاصة بنشر التنوير الذي يعتبر مشروعا مجتمعيا يجب أن يساهم فيه الجميع، كتابة، وطبعا، وتوزيعا، وقراءة؛ لينتعش الجميع. المبدع في هذه العملية ضحية (وزيعة) يتكالب عليه الجميع.
وهنا أتساءل، ما دور كل الجمعيات التي تشتغل في الحقل الثقافي إذا لم تكن تساند المبدع بشراء بعض كتبه.. والتعريف بها وقراءتها نقدا وعشقا ومتعة؟ إنها “الحگرة” وعملية تيئيس لبعض المبدعين ليتركوا الساحة للمتحكمين والمحتكرين للشأن الثقافي ببلادنا بمسميات عديدة ومختلفة.

> بمعنى آخر، هل يجد المثقف دعما من طرف الجهات الوصية على القطاع؟
< يجدها في الأحلام فقط! هناك انتقاء سلبي ليس بحكم الجودة واللاجودة؛ وإنما كما قلت سابقا بحكم العلاقات (علاقة: رابح/رابح) والانتماءات..(انظر لما ينشر من أخبار حول جديد الإصدارات) وستجد كل الأجوبة المطلوبة.

> ما رأيك في دور المثقف سياسيا داخل بلده؟
– سؤال لغم.. الجواب عنه يجب أن يكون مجسدا وظاهرا في الواقع الذي نعيشه.
المثقف حلقة وصل مهمة سياسيا فهو مثل رجل المطافئ، يحضر أو يلتجأ إليه عند تأزم الوضعيات ليجد لها الحلول السريعة والفعالة والناجعة بحكم شساعة فكره وعلاقاته العابرة للقارات. يملك المثقف لغة السلام، والحب، وإرساء الأمن والسكينة في عقول وقلوب الجماهير. 
فهل يترك السياسي المثقف يقوم بدوره المنوط به داخل بلده بشكل حر ومستقل؟

ماذا عن المواكبة النقدية للأعمال الأدبية المغربية على الخصوص؟
< أكيد أن  النقد لا يقوم بالدور الموكول له على قدم المساواة بين المبدعين، فعلى الناقد أن يبادر في البحث عن جديد الإصدارات وقراءتها للجمهور.
 لا يمكن أن ننكر أن هناك حركة نقدية مهمة للأعمال الأدبية المغربية، لكنها لا تشمل كل ما ينشر من أعمال عديدة ومختلفة. ولأوضح أكثر، فالأعمال النقدية المنجزة كثيرا ما تكون لأسماء معينة ومكررة .. وهنا تطرح كثيرا من الأسئلة.
فلماذا إذن هذا الحيف في التعاطي مع التجارب الجديدة؟
فكتاباتنا ترقى بالنقد كقراءة تصحيحية وتوضيحية لما لم يستطع الكاتب قوله بوضوح.
وهنا أتحدث عن النقد البناء وليس النقد الهدام.. فالناقد هنا مثل الفلسفة يأتي أخيرا ليصحح مسار الأسئلة التافهة والمخاتلة.

< حاوره: عبد الله مرجان

Related posts

Top