من أنشطة رونق المغرب
احتضنت طنجة مؤخرا، فعاليات المعرض الجهوي الرابع للكتاب، الذي نظمته مندوبية وزارة الثقافة، تحت شعار: “من أجل مجتمع يقرأ”، وتميزت هذه الدورة بمشاركة ثلة من الناشرين والكتبيين والهيآت الإدارية والجمعوية التي تعنى بمجال الكتاب والنشر والقراءة العمومية.
وافتتح “الراصد الوطني للنشر والقراءة” مشاركته في المعرض الجهوي الرابع للكتاب، بورشة إبداعية في القصة القصيرة، أطرها القاص رشيد شباري لفائدة تلاميذ الثانويات التأهيلية (عبد المومن الموحدي، الخوارزمي، ابن الخطيب، مولاي رشيد، علال الفاسي) الذين استجابوا لدعوة “الراصد الوطني للنشر والقراءة” على الرغم من الظروف الجوية الماطرة، مما يدل على مدى تعطش الناشئة إلى المبادرات الهادفة إلى التحفيز على القراءة والكتابة.
ومساهمة منه في التشجيع على القراءة والاحتفاء بالكتاب المغربي، عقد لقاءً مفتوحا حول “تجارب إبداعية”، مع الأساتذة: محمد مرزاق (ناقد/العرائش) حول دراسته النقدية: “تفاعل أجناس الخطاب رسالة الغفران أنموذجا”، حميد الراتي (قاص/سوق أربعاء الغرب) حول مجموعته القصصية: “ضمير مؤنث”، خليل الوافي (شاعر/طنجة) حول ديوانه الشعري: “صدى النسيان” –وهي كتب صادرة عن منشورات “رونق”-. اللقاء تطرق إلى الحديث عن تجارب المشاركين الإبداعية ومخاض الكتابة والمضامين التي تناولتها الكتب المحتفى بها والتي تم توقيعها في نهاية اللقاء بحضور ثلة من المبدعين والمهتمين بالشأن الثقافي.
وفي اليوم نفسه، انطلقت فعاليات الندوة التي طرحت موضوع: “الكتاب المغربي بين أزمة التوزيع والترويج الإعلامي”، وذلك في إطار سلسلة من الندوات يعتزم “رونق المغرب” تنظيمها على المستوى الوطني بإشراك جميع الفعاليات المعنية، من مختلف مواقع المسؤولية الرسمية والمدنية، قصد صياغة ورقة متكاملة تعكس رؤيتنا جميعا مع شكل خارطة الطريق يكون فيها كل المساهمين معنيين بها.
وقد تطرق الأستاذ عثمان بن شقرون (كاتب/طنجة) في مداخلته، إلى أزمة الكتاب المغربي المتعددة والمركبة والمتداخلة فيما بينها، مؤكدا على أن الأزمة مرتبطة إلى حد بعيد بالتغيرات، التي طالت منظومة القيم الاجتماعية والثقافية بالأساس، ومن ثم وجب ربط سؤال القراءة أساسا بالاستهلاك الثقافي بشكل عام، متسائلا عن غياب دور المؤسسات الاقتصادية الكبرى الضاغطة والمتحكمة في دعم الكتاب وتشجيع القراءة – كما تدعم المهرجانات -، ودور المؤسسة التربوية في تنشئة المواطن القارئ، واختتم مداخلته بالحديث عن المعاناة التي يعيشها الكاتب المغربي بين الناشر والموزع والتعتيم الإعلامي، خاصة وأن مسألة دعم الكاتب والكتاب تخضع لمنطق الريع الثقافي – يستفيد منه البعض دون البقية-، مشيرا إلى معاناته الشخصية مع عالم النشر، وغياب الظروف الملائمة للإبداع وإنتاج الكتاب المغربي.
وتحدث الأستاذ عبد الرزاق البقالي (شاعر/العرائش) في مداخلته عن أهمية الكتاب في نشر الوعي وتثبيت المواقف وصقل التجربة، إلا أنه يعاني من إشكالية القراءة والترويج الإعلامي في ظل سيادة المجتمعات العاشقة للمال والمظاهر والعنف -حسب الأستاذ البقالي-، مستشهدا بذلك بمبيعات كتاب القاص أحمد بوزفور الذي لم يتعد 250 نسخة، وهو القاص المعروف مقارنة مع الكاتب المهمش الذي لايزال يبحث عن مكان له في مكتبات لا يزورها أحد، كما أشار إلى جور دور النشر، وتحولها إلى مؤسسات تجارية كبرى، مما ساهم في زيادة تدهور الكتاب ونفور الكاتب من الكتابة وعوالمها، فهي تتعامل مع المبدع بمنطق الربح والخسارة ولا تهتم بجودة المنتوج الأدبي، إضافة إلى تورط الكاتب في توزيع كتابه بالمجان على الأصدقاء في غياب الموزع.
في حين أكد الأستاذ محمد الكلاف (قاص/طنجة) في مداخلته على أن الكتاب يعاني من أزمة ثلاثية الأبعاد تتجلى في القراءة، النشر والتوزيع، وأن الكتاب يمر بعد مراحل مرهقة بدء من الإنتاج مرورا بالطبع والنشر وصولا مرحلة التوزيع وهي مراحل تتطلب مجهودا ماديا ومعنويا خاصة وأن دور النشر تفرض على الكاتب ثمنا تعجيزيا للطبع والموزع يطلب أتعابا كبيرة، بحجة غياب القارئ المفترض وارتفاع تكاليف التوزيع، كما أشار إلى سيادة المحسوبية والإقصاء في الدعم الذي تخصصه وزارة الثقافة للكتاب، إضافة إلى الاستغلال الفاحش لحاجة الكاتب وطموحه وآماله في نشر منتوجه، معبرا عن معاناته الشخصية بين الناشر والموزع.
أما الأستاذة فاطمة الزهراء المرابط (قاصة/أصيلة) فقد عبرت في مداخلتها عن وجهة نظر الراصد الوطني للنشر والقراءة، مشيرة إلى أن واقع التوزيع والترويج الإعلامي لا ينفصلان عن واقع القراءة، خاصة وأن الاكتساح التكنولوجي وانشغال القارئ المفترض عن الكتاب الورقي، يقتضي مجهودا مضاعفا في مجال التوزيع والترويج، مؤكدة على أن غياب مؤسسات التوزيع – كقطاعات خاصة أو عامة – يدفع الكاتب إلى الاختفاء القسري والانزواء في أقبية المطابع وبيوت المبدعين، الأمر الذي أفرز ظاهرة المبدع الموزع كاستمرارية للمبدع الناشر، وفي السياق نفسه تساءلت الأستاذة المرابط عن دور الدولة في هذا الإطار وحدود المساهمة في تنمية الكتاب باعتبار الجسر الوحيد للعبور نحو مجتمع المعرفة، كما تساءلت عن سر اختفاء الكتاب من التغطية الإعلامية الرسمية، وسيادة الرداءة في منتوج القنوات المغربية وخضوع البرامج اليتيمة التي تهتم بالكتاب الى البيروقراطية والمحسوبية، في حين نوهت ببعض التجارب الإذاعية (حبر وقلم بالإذاعة الوطنية وللثقافة أخبار وضيف وكتاب بإذاعة طنجة)، وكذا بعض الجرائد الورقية المواكبة للإصدارات الجديدة تعريفا وتقديما، واختتمت ورقتها بالتأكيد على أن الراصد الوطني للنشر والقراءة” ورغم تواضع الامكانيات فإنه يسعى جاهدا إلى التوزيع والترويج الإعلامي سواء على صفحات الإعلام الورقي أو الإلكتروني وحتى السمعي والبصري، مساهمة منه في إعادة الاعتبار للكتاب المغربي.
واختتمت مشاركة “الراصد الوطني للنشر والقراءة” بحفل تتويج الفائزين في الورشة الإبداعية بحضور لجنة القراءة المكونة من الأساتذة: فاطمة الزهراء المرابط، رشيد شباري، خليل الوافي، والتي أعلنت عن أسماء الفائزين: عبد الله السفياني (ثانوية ابن الخطيب)، منصف البوعزاوي (ثانوية الخوارزمي)، أحلام الضاوي (ثانوية مولاي رشيد)، ياسمينة كرطيط (ثانوية علال الفاسي)، إسماعيل الفغلومي (ثانوية عبد المومن الموحدي)، وقد عرف الحفل نقاش مفتوح بين الأقلام الفائزة وأعضاء لجنة التحكيم، تخللته قراءات قصصية تلاميذية. الحفل اختتم بتوزيع شواهد تقديرية وهدايا رمزية على التلاميذ الفائزين.
وقد عرف المعرض الجهوي الرابع للكتاب، عرض منشورات “الراصد الوطني للنشر والقراءة”: “ماذا تحكي أيها البحر..؟” للقاصة فاطمة الزهراء المرابط، “ضمير مؤنث” للقاص حميد الراتي، “صدى النسيان” للشاعر خليل الوافي، “تفاعل أجناس الخطاب رسالة الغفران أنموذجا” للناقد محمد مرزاق، “بصمات” كتاب جماعي للفائزين بجائزة رونق الإبداعية، وقد حظي المعرض خلال هذه الدورة باهتمام ملحوظ من طرف التلاميذ والمبدعين والمهتمين بالكتاب مقارنة مع الدورات السابقة.