اللغة القصصية في مجموعة ” ندوب ” للقاص المغربي ميمون حيرش

 بقلم: مسلك ميمون

اللّغة وعاء الفكر، حين يحتدّ الجدل الفلسفي والعلمي والفكري.. ولغة الإعلام حين يعمد المخاطِبُ إلى الإخبار والإبلاغ والإعلان .. ولغة التلقين حين يصبحُ دور المخاطِـبِ إيصال مفاهيم و معلومات، ومعارف و نظريات ..ولغة أدب لمّا تصبح المهمة انتــاج إحساس وأمثال، ووعي وخيال.. وهذا يعني فيما يعنيه أنّ اللّغة لغات من حيث التّوظيف، والاستعمال. يل هي أنواع وفي الجنس الواحد، فلو أخذنا الأدبَ كجنس جامع لأجناس مختلفة، فلغـة الشّعر تختلف عن لغة النّثر، و لغة النّثر الفنّي تختلف عن لغة النّثر العادي..
وما دمنا في مجال السّرديات، البون شاسع بين لغة الرّواية في سعتها ورحابتهـا، واستطرادها وتكرارها، وإسهابها وتفاصيلها، وعنايتها بالزّمان والمكان، والوصف، وجزئيات الأحداث .. ولغة القصّة، التي تفتقد كلّ هذا، أو إنْ شئتَ، تُجمّله إجمال اختزال، وتكثيف، وإيجاز، وإضمار، وحذف.
إنّ الحديث عن اللّغة من حيث التّوظيف يفتح متناً لغوياً يحتار في تشعباته وتشكيلاته دارسو اللّسانيات في اهتماماتهم اللّغوية/ اللّفظية . بل ويحتــار السميولوجيون (علمــاء الإشارات) في استبطان نوايا الدّال، ومنطوق المَدلول،  ويبقى كــلّ ما يأتي اجتهــادات قراءات مختلفة، واستنتاجات من لغات متميّزة، متنوعة. وبخاصّة منها الأدبية التي تؤسّس لعملية إنتاج مِخيالي ذهني دائم كما عبّر عن ذلك ( بينيديتو كروتشه) : ” إنّ اللّغة خلق دائم، فما عُـبِّر عنه تعبيراً لغوياً، لن يتكرر”.
   انطلاقا من هـذا ما عسى القول في لغة مجموعة “ندوب ” للقاص ميمون حرش، والتي صدرت عن مطابع الرباط نت سنة 2015 تزين غلافها لوحة للفنان التّشكيلي والقاص عبد الحميد الغرباوي، وتقديم للنّاقد جميل حمداوي.
 بادئ ذي بدء، ينبغي الإشارة إلى أنّ اللّغة القصصية، تختلف اختلافاً واضحاً وبيّناً عن باقي صنوف وأنواع فنّ الكتابة، وإنْ كان البعض يسمح بالتّقاطع ، والاستفـادة ، والاقتراض، والتّعايش بين لغات الأجناس، كالذي نجده بين لغة القصّة القصيرة جداً، ولغة الشّعــر.. ولكن ينبغي التّأكيد أنّ التّقاطع، والاستفادة، لا تعني محو لغة الجنس/ الأصل، أو الهيمنة عليها، فكثير من القصص القصيرة جداً ـ بسبب لغتها الشّاعرية المكثفة الرّمزية ـ تصبح مقطعاً من قصـيدة نثريـة، أكثر منها قصة، ومن تمّ انبثقت دواعـي الانحـراف الفنّي اللاّ شعوري، واللاّ معرفي ..واستطاب ذلك بعض النّقد الحداثي، فوقـعَ الدّمـج اللاّ متجانس بين لغات الأجناس من باب التّلاقح اللّغوي، وفي ذلك مبالغة، وخروج عن طبيعة الحال ، وعدم مراعاة متاهات المآل..فهذا أقربُ ما يكونُ إلى التّناسخ الفجّ من الاستفـادة و الإثراء.
فمجموعة “ندوب”  قدّم لها النّاقد جميل حمداوي وركز في تقديمه على الصّورة السّردية الموسّعة: كصورة التّوازي، والسّخرية، والمقابلة، والميتوس، والمشابهة، والتّدرج، والمفارقة، والمُضمرة ، والإمتداد، والإجالية ، والنّقيضية، والوصفية، والميتا سردية، والمدمجة.
 ولا شك في المجموعة صور أخرى،كما أشار إلى ذلك جميل إلا أنّ هذه الصّور جميعها وليدة تلك اللّغة القصصية التي بدونها يستحيل أن تُرسم صورة فنّية ذهنية لدى المتلقي،أو تَتحدّد رؤية الكاتب للعالم، أو تكون هناك قصّة.
 فإنّ الاهتمام باللّغة لم يأت إلا إشارة في نهاية التّقديم :» تندرج كتابة ميمون حرش ضمن الكتابة السّردية المهجّنة التي تجمع بين التّجريب والتّأصيل ومن ثمّ تتميز لغتـــه بالعتاقة ، والرصانة التّراثية، والتّهجين الإحالي، والأسلبة البوليفونية.« إلى أن يقول:»..واستعمال الكتابة التّراثية بناء و تجنيساً و صياغة و رؤية .«
 لعلها تلميحات مفيدة، وإشارات هادفة ناجعة .. ومع ذلك نرى أنّ اللّغــة القصصية في مجموعة ” ندوب “جاءت إلى حدّ ما مختلفة عن لغة المجموعات السّابقة: “ريف الحسناء ” و”نجي ليلتي ” و”النّظير”، وفضلا عن اللّغة التّراثية، احتفت بلغة الحلم، ولغة الواقع.

1 ــ اللّغة المقدّسة و التّراثية:

إنّ عملية توظيف تراكيب و جمل تعود للتّراث الأدبي العربي: شعراً و نثراً، في جنس أدبي كالقصّة القصيرة جداً ، مسالة لافتة لغوياً و فنياَ وهناك أقلام تعارض هذا، يقول فؤاد تكرلي: »فليس واقعياً في الوقت الحاضر أنْ نتبنّى لغة التّراث الموجودة في كتب الأخبار أو في الخطب والرّسائل، أو تلك الموجودة في المقامات وكليلة ودمنة وألف ليلة وليلــة، إذ أنّ كل هذه اللّغات خاصّة بزمانها أولاً وهي ثانياً ذات دلالة قصصية ضعيفة إن لم نقل منعدمة«  () و يرى أدونيس أنّ »المسألة ليست أنْ يكرر لغة معروفة، بل المسألة أنْ يكتشف لغة غير معروفة « ()  والمبدع في سبيله لاكتشاف هذه اللغة يكافح ويعاني وهو » كفاح يجعل اللّغة باستمرار ملغومة ، ومحولة عن عاداتها «.  () و يقول الباحث محمد سناجلة في معرض توضيح قوّة التغيير و مجاراة العصر و ظروفه : ».. نحن الآن ندخل في عصر جديد هو العصر الرّقمي، وفي مجتمع جديد هو المجتمع الرّقمي، وفي هذا العصر كما في كلّ عصر، حاجات جديـدة، ومفردات جديدة، ومصطلحات جديدة، وبالتاّلي لغة جديدة ..هذه هي سنة الحياة وصيرورتها التاريخية التي لا بدّ هي آتية لا ريب فيها «.()
  وإن كنت لا أعارض الاستفادة من اللّغة التّراثية ، فإنّني في توظيفها واستعمالها أبحث عن الجدوى و الفائدة ، واللّذة والمتعة في كلّ ذلك، ويثيرني سؤال الحيرة: هل ضاقت اللّغـــة المتداولة المعاصرة ..حتّى نّسعى جاهدين لاقتناص عبارة، أو جملة قيلت أو كُتبت منذ مائات السّنين . ثمّ أعود و أقنعُ نفسي : ما وجه الخطأ في كلّ هذا إذا استحسنَ القاص عبارة جاهزة وجدهـــا أبلغ ممّا عنده ، وآثرها عن كلّ ما يمكن أن يأتي به؟ أليس الاقتباس من ضروب البلاغة؟
 فالقاص في مجموعته ” تدوب “استحبّ التّعبير عن أفكاره من خلال لغــة مطعّمة بـحمولــة لغويــة تراثيـة، و اقتباسات من القرآن الكريم ، و مــن ذلك : [ فار تنور الثّورة ] مــن نص “مبارك ” ص/21 اقتباساً من الآية (حتّى إذا جاء أمرنــا وفار التنور..) هود/40 ، و [ وهــن العظم منه ] من نص” الحكاية الأخرى” ص/22 اقتباساً من الأية (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَــنَ الْعَظْــمُ مِنِّي..) مريم/3 و [ .. الرجال كأن على رؤوسهم الطير ] من نص ” طيور ..” ص/44 اقتباساً من الحديث النبّوي  الشريف (كأنّ على رؤوسهم الطّير) وفي رواية عند أحمد والشيباني بلفظ ( كأنّما على رؤوسهم الطير). و من الشعر العربي القديم  و رد في نص”جاران” ص/40 :
[ ( عبد الغني ) ثري و ابن جلا . يدعو إلى مأدبته الجفلى .. و جاره منبوذ  لا نصيب له منها .رث الثياب ،عاصب البطن ….]
و يهمّنا من ذلك [ ابن جلا] و قد وردت في بيت  لسحيم بن وثيل الرّياحي ، من مشا هير قبيلة الرّياحات في الجاهليه .و قد تمثل به الحجاج بن يوسف عندما عين والياً للعراق من قبل حاكم الدولة الأموية : الوليد بن عبد الملك والبيت هو:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .. متى أضع العمامه تعرفوني
و [ الجفلى ] و قد وردت في بيت طرفة بن العبد :
 نحن في المَشْتاةِ ندعو الجَفَلَى .. لا ترى الأدب فينا يَنْتَقِرْ
و [ عاصب البطن ] و نجدها في مطلع قصيدة الحطيئة :
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل.. ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما
و هي بذلك لغة تستجيب لبنائية اللّغة التّراثية ففضلا عن الاقتباس من القرآن الكريم ، و الحديث الشّريف ، و عيون الشّعر العربي..نصادف بعض التّلاعب اللّغوي الذي كان في الشّعر خلال الدّولة العباسية.. كالذي نقتنصه في هذا النّص :
[الصّد] ص/27

“صعقتني بالصّدمات.. و لمّا أدمنَ قلبي منها الصّدّ .. مات “

كما نجد لعبة الجناس غير التام، و قد تكرّرت مثلما هو في نص [كي أعيش ] ص/37
” امنعوا عنهم “العيش” ، و اضربوا الجيش بالجيش ، كي أعيش “
و في نص [محارب] ص/53 ” و في رماية القوس مهر و بهر “
و لعبة السّجع  في نص [عانس ] ص/66 ” شيبها لائح ..و وهنها فادح “

     نلاحظ أن هذه اللّغة التّراثية ، و حتّى المقدسة منها ،جاءت في بعض النّصوص معبّرة و هادفة و بخاصّة ما جاء منها عفو الخاطر، و لا شك أنّها تترك في صنف من المتلقين القدامى
المتمرسين لغوياً و ثقافياً أثراً نوسطالجياً خاصاً ، يُحي في الذّاكـــرة معاني و قيماً و مبــادئ وذكريات تثقيفية زمن الدّرس و التّحصيل …بينما الصّنف الثّاني من الأجيال الحديثـة و التي تعاني قطيعة ابستملوجية وثقافية، وتعيش للحاضر، ولا ترى لها ماض..يصعبُ أنْ تجــد نفسها في مثل هذه اللّغة رغم رصانتها، وقوّة تَعبيرها، وجميل بلاغتها..

2 ــ اللّغة الواقعيــة:

اللّغة الواقعية وإن كانت غير مُهيمنة، ولا كثيرة في نصوص المجموعة، ولكنّها موجودة بشكل ملحوظ، ونعني بها لغة المشاعر الواضحة، إزاء  ما كان،  وما هو كائن، أو سيكون.. بدقّة لا تخلو من وضوح وكشف وتحديد وصدق فنّي ..ونلمس ذلك في النّصوص التّالية مثلا: “سعيد جداً” و “ذكورة ” و “باروكة ” و”محام شهير ” و” انفصام ” و” بدون ” و” بحر المدينة” و”شعراء ” ..
 فإن كانت هذه اللّغة ـ على نسقية ، وحجم النّص القصصي القصير جداً ـ ألفاظا دالة ، وجملا قصيرة، و تركيزا، و إيجازا ..فإنّها في المقابل، لم تساعد على رحابة الرّؤية، وتشعبها، وتعدد القراءات واختلافها. لما هي عليه من دقّة في رَسم الحدث. وتَحديد الخِطاب..واتّخاذ نسق المعيارية اللّغوية في الغالب ..ومن ذلك هذه النّماذج:

[موت] ص/116

“أحلم بأني متّ .تركوني في العراء دون دفن . و في الصّباح ، أدركت أنّه علي أن أحيا أولا كي أموت ..”

[ اغترار] ص/117

“فاز بمسابقة في القصة القصيرة جداً .اغتــرّ.. فاحرق الروايات الطويلة . “

[ تشويش] ص/118

” الفوضى في داخلي، وعبثاً أرتب الأشياء في خارجي”
   هل هذه اللّغة اختيار و اقتناع ، أم ترى سردانية النّص استحكمت؟
إنّ النّسبة القليلة من النّصوص التي صيغت بلغة واقعية أقرب إلى اللّغة المعيارية ، توضّح أنّ الأمر ليس اختياراً وتؤكد ذلك لغة ّ المجموعات السّابقة و بخاصّة مجموعته ” نجي ليلتي” التي اعتمدت الإشارات الإيمائية  والتّعدد الدّلالي الشيء الـذي
فتح المجال واسعاً لعملية التّأويل  كالذي نلمسه في أغلـــب نصوص  مجموعة ” ندوب ” والتي كُتبتْ بلغة الحلم .فحقّقت الهدفَ من القصّة، و هو: خلق إحساسٍ بالحالة لا قول المَعنى.  

3 ــ لغــة الحلم :

للحلم الذي ألفناه في نومنا لغة خاصّة تختلف عن لغتنا العادية، ولفهمها لا بدّ من اعتماد التّمثيل و التّشبيه، لأنّ صور الحلم لا تعني ذاتّها فهي في جميع الأحوال تكون رمزاً وعلامة و مؤشّراً وشَفرة..لا بدّ من فكّ غموضها، و كشف مكنونها.. وهــذه مسألة ليست متيسّرة للجميع ، وأحياناً كثيرة يحتار في فهمهـا خاصّة المهتمين، بل خاصّة الخاصّة ، لتشابكهــا، وتـداخلهــا، وغرائبيتها غير المُعتادة ، واللا المألوفـة.
فمن ثمّ اسْتعيرتْ لغة الحلم في الكتابة الفنّية عمومــاً ، و في القصّة القصيرة جــداً بخاصّة . لوحدة الشّبه، و قوّة التّماثل ..و لعلّ القاص ميمون حرش ، يبدع في مجال هذه اللّغة أحسن و أفضل من الصّنفين السّابقين [اللّغة التّراثية ، و اللّغة الواقعية ] .
إذ تسمو الصّورة السّردية في إطار لغة شعرية مكثّفة، أساسها التّضاد و المفارقة و الغرائبية
يقول أندري بروتون » إنّ الصورة إبداع خالص للذهن   و لا يمكن أن تنتج عن طريق المقارنة أو ” التّشبيه ” إنّها نتيجة التّقريب بين واقعين متباعدين قليلا أو كثيـــراً، و بقدر ما تكون علاقات الواقعين بعيدة، و صادقة ، بقدر ما تكون الصّورة قوية و قــادرة على التّأثير الانفعالي ,, « ()
و يوضح لغة الحلم عبد المقصود عبد الكريم قائلا: » يمكن أن نقول إنّ الحلم لغة. لغة طورها الإنسان عبر التّاريخ، لغة تستخدم الصّورة كاللّغات البدائية, ولا تخضع للمنطــق المعتاد، كلغة الجنون، وألاعيب الأطفال اللّغوية ،حين يعاملون الكلمات معاملة الموضوعات و يبتدعون لغات جديدة وصوراً نحوية مصطنعة، لغة تستعين بالتّّمثيل الكنائي والرّمــز والتّكثيف، مثلما تفعل لغة الفن،إنّها لغة نتذكرها نياماً وننساها أيقاظاً، ولذا تستحــق وصف “اللغة المَنسية”، الوصف الذي أطلقه إريك فروم «  ()
 فكذلك تبدو لغة بعض النّصوص في مجموعة “ندوب” تستجيب لنظرية الإيقونص
 وتتّسم بالغرابة، والعجائبية والإبهام، والغموض .. لذا ترتفع بمستواها التّركيبي والقصدي /الدّلالي إلى مستوى التّخييل، الذي ينفتح على عدّة قراءات، وتأويلات تُشبع نهمَ المتلقي، في تفسير الأحداث ومراميها، وسبرمتاهات تعبيرها وسياقها.. في إطار سردانية النّص، ومقاربته التّركيبية .. لنتأمل نماذج من هذه اللّغة:

(المومس ) ص/31
” تجول “س” في حديقة صدرها . شجرة “القلب” تصدّها .تُطردُ خارجاً لترعى الغرس من جديد.,, بعد سنوات تعود ..كانت الحديقة قد اختفت تماماً .. و ما درت أنّها ضلّت الطريق من البداية .”
[نون ] ص/93

جاءت أحد أبنائها تحمل البحر بين كفيها .. تأمّها.. صعقه حسنها..يغرق في عينيها .. و لم ينتبه للماء يتنخل من بين أصابعها .نقطة ،قطرة، زخات .. غابت فأدرك المدينة الجفاف .,.

(ليل نفسي ) ص/94
جئت نفسي ليلا ..وجدت الباب مشرعاً ، و الأنوار في داخلي لا من يوقدها ..لا كوة .. لا ستا .. رأساً ولجت موطن الأضغان .. و على صولجانه يجلس غريباً كأمير متوج .. تفرست في ملامحه.. ثمّ صعقت ..لم يكن غير أنا ..

وفضلا عن غرائبية الصّورة المنبثقة من تركيب غير مألوف، تجاوز ما يعرف بلغة المجاز إلى فنطازية التّركيب، و استيهامات Fantasmes التّعبير كالذي نجده في هذه التّعابير: [ بين الأول و الآخير مسافة عري..] من نص ” فقير” ص/ 28 و [ أصعد الهاوية ..]  نص هوية ص/87 ، و [إسرائيل تفلي الحديد ، و ترسم الخريطة.] قفلة نص ” الخريطة “ص/30 و[ خرج إليها عاريا ، فلبسته للأبد ,] قفلة نص “حياة ” ص/ 33،  و [و كبطـل فيلم بورنـو ينتفض الجمهــور بلّله العهر] قفلة نص ” مطربة ” ص/50 و كذلك [هوت من القاع كالشلال ..] من نص “انتحار” ص/88 و[ العالم كله محمول ، عبثا يبحث عن ظهر,] نص ” مقعد ” ص/110
إنّ التّنوع اللّغوي في مجموعة “ندوب” أثرى السّياق ، وأبعد الملل، ومنح النّصوص انسيابية قرائية، حافلة بالثّراء اللّغوي القصصي سواء في بنيته الثّراثية المعتّقة الرصينة ، أو في بعدها الواقعي الموضوعي، أو في مسارها الحلمي الغرائبي الحداثي…فاتّضح أنّ اللّغـة  ـ من خلال المجموعة ــ مهما اختلفت في نَسقها، ونوعها.. تبقى في علاقة جدليــة خالصة مع السّرد الفنّي القَصصي، الذي لا ينفك يعتمدها وفق تشكلاتها المختلفة، حتّى تتضح صوره، وتصل خطاباته..من جهة. ومن جهة أخرى فاللّغة ـ أساساًـ تبقى الوسيلة المثلى لإبداع النّص القصصي كتابة. فبدونها لا يوجد ولا يُعـدّ..إنّ مجموعة ” ندوب” إبداع قصصي، واحتفـاء لغوي، يشهد أنّ السّرد القصير جداً، يستجيبُ لكلّ الأنساق اللّغوية، إذا ما توفرت الشّروط الذّاتية، والموضوعية، كما توفرت للقاص المبدع ميمون حرش في هذه المَجموعة.

هوامش

 ــ فؤاد تكرلي :”  شهادة حول الدلالات القصصية للغة //bafree.net/alhisn/showt”  (الحياة )
http://daharchives.alhayat.com/issue_archive/Hayat%20INT/1998/3/26
  ــ ادونيس ، الثابت و المتحول صدمة الحداثة/ أدونيس/ دار العودة/ بيروت/ ط4/1983. ص ً/312
  ــ السابق ص/ 315
  ــ محمد سناجلة / اللغة في رواية الواقعية الرقمية  ( دروب )
      http://www.doroob.com/archives/?p=5206
  Pierre caminade Image et métaphore Bordas Paris (p 5 et 115- 5
  ــ د عبد المقصود عبد الكريم  / لغة الأحلام   http:hread.php?t=112232

Related posts

Top