المجلس الجماعي والمجتمع المدني بأكادير يتعبآن في حملة كبرى لنظافة المدينة وإعادة الاعتبار لفضاءاتها الإيكولوجية

> أكادير – رشيد فاسح  (*)
بكل همة وتفان، شارك عمال النظافة والمغارس بأكادير في إنجاح الحملة الشاملة للنظافة بوسط المدينة، حيث قاموا بتنقية الممرات والمسالك، وشذب أغصان الأشجار، وتنظيف الحدائق، بقلب المدينة وأطرافها. فبعد تنقية محور الطريق السريع، قامت المصالح المختصة للنظافة والمغارس بتجنيد مجموعة من العمال  والآليات عبارة عن جرافتين وشاحنات كبيرة وصغيرة وأدوات مختلفة، للقيام بحملة تنظيف واسعة النطاق خاصة بالمناطق الخضراء لمدينة أكادير من أجل تخليصها من النقط السوداء التي تحولت إلى ملاجئ للمنحرفين ومراحيض لقضاء الحاجات وتعاطي السكر والدعارة، وهي الوضعية التي كانت محور عدة تقارير موضوعاتية سابقة لجمعية بييزاج، وكانت أيضا محور نقاشات مع المسؤولين بالمجلس الجماعي وبمصلحة النظافة حيث أكدت الجمعية على ضرورة إيلاء الاهتمام للفضاءات الخضراء المهملة منذ مدة طويلة. 
وتأتي هذه المبادرة كذلك في إطار مقاربة شاملة وحملات النظافة التي أطلقها فاعلون جمعويون بأكادير بتعاون مع المجلس الجماعي تحت “أكادير مدينة نظيفة”، وتحت إشراف رئيس مصالحة النظافة والمغارس وجودة الحياة والبيئة بالجماعة الحضرية لأكادير والنسيج الجمعوي المحلي بأكادير المدينة.
حديقة ابن زيدونSans titre-6

استهلت حملة تنظيف البساتين، وتنقية الحدائق بأكادير بحديقة ابن زيدون الشرقية، وذلك عبر تعبئة حوالي 50 عامل نظافة ومغارس وتكوينهم وتزويدهم بأدوات تنظيف وأدوات قطع وقص الأعشاب والشجيرات التي تحجب الرؤية وتشكل تهديدا أمنيا للعابرين للحديقة ليلا و نهارا. كما تمت إزاحة العديد من الشجيرات والأعشاب والأزبال والنفايات غير المرغوب فيها والتي تشكل حاجزا وملاذا للمنحرفين والمتشردين والمتسكعين، وكذلك للمهاجرين الأفارقة الذين استوطنوا هذه المناطق بأعداد كبيرة خلال الآونة الأخيرة. وقد تم جمع كم هائل من النفايات والمخلفات، بلغ حوالي 70 طنا. كما تبين بعد ذلك وجود هدر للماء الصالح للشرب المستعمل في الري الموضعي بالتنقيط، نتيجة وجود تسربات مائية بأماكن كانت تحجبها تلك الأعشاب والشجيرات والأشجار الكثيفة، مما سمح بتفعيل إجراءات ضد ضياع هذه المادة الحيوية المكلفة بالنسبة للجماعة. وقد عاينت جمعية بييزاج للبيئة عمال النظافة الذين اشتغلوا على قدم وساق لتنظيف حديقة ابن زيدون وساهموا بمجهود جبار في منح رونق جديد لهذا الفضاء الأخضر بقلب المدينة، بعد أن اتضحت معالم مكوناته النباتية من أشجار متنوعة وممرات وفضاءات مفتوحة، مما لفت الانتباه كذلك لضرورة إعادة النظر في كيفية استغلال هذه الفضاءات لتستجيب لحاجيات الساكنة فيما يخص الأمن والإنارة العمومية، وإمكانية استجابة تلك الفضاءات المترامية الأطراف بالمدينة لممارسة هوايات المشي والدراجات الهوائية والرياضات الخفيفة لعموم الساكنة.
حديقة الذاكرة بحي تالبورجت القديم

يوم 16 يناير الجاري، شاركت بييزاج، في إطار حملتها “انقذوا بساتين المدينة”، في عملية تعد الأولى من نوعها بفضاء أخضر منسي بحي تالبورجت القديم، وذلك بتعاون مع مصالح النظافة والمغارس التابعة للجماعة الحضرية لأكادير، حيث نظم مكتب الجماعة زيارة تفقدية لإعادة تأهيل هذا الفضاء الاستراتيجي ذي البعد الايكولوجي بهذه المنطقة. وقد تم ملء حوالي 40  شاحنة كبرى من مخلفات الأزبال والنفايات المختلفة وبقايا الأشجار القديمة، علما أن هذا المكان أصبح بدوره مرتعا للمتسكعين والمنحرفين والمتشردين الذين احتلوا الفضاءات الخضراء وحرموا بالتالي الأسر والأهالي من ارتيادها والاستمتاع بها رفقة أطفالهم، مما أدى الى وجود ركام هائل من قنينات الخمر والبلاستيك بحديقة الذاكرة لحي تالبورجت القديم. جمعية بييزاج عبأت لهذه المبادرة 20 ناشطا بيئيا ومتطوعا من المنتسبين إليها، في إطار تكتل جمعوي، للتعاون مع عمال النظافة والمغارس الذين أبلوا البلاء الحسن في هذه العملية. وهو ما مكن الساكنة من استرجاع هذه الحديقة من قبضة المنحرفين وكذا استعادة هذا الفضاء الاستراتيجي لحيويته وإمكانياته في مجال الاستجمام والسياحة حيث يمكن انطلاقا منه التقاط صور بانورامية والاستمتاع بغروب الشمس ومشاهدة أكادير أوفلا وشاطئ المدينة.
صون الذاكرة البيئية المحلية 

الحملة عرفت مساهمة مباشرة من رئيس الجماعة الحضرية لأكادير الذي حمل هو كذلك المعول وقام بقطع الأشجار وكنس الأزبال إلى جانب فعاليات المجتمع المدني وعمال النظافة والمغارس، وذلك في إشارة لضرورة انخراط الجميع في حماية البيئة وخصوصا الفضاءات العمومية للحدائق والساحات العمومية والممرات الإيكولوجية بمدينة الانبعاث، كفضاءات مشتركة وملك لجميع المواطنين. وقد قام أعضاء الجمعية كذلك، رفقة وفد مكتب المجلس الجماعي لأكادير، بزيارة لحي المسيرة للاطلاع على البرامج البيئية المفعلة بهذا الحي وضمنها مشاريع إعادة تبليط وتزفيت الأزقة وبعض المساحات الفارغة. كما تمت زيارة الطريق السريع- محور شرق غرب- للاطلاع على عمليات التنقية والتي مكنت هي الأخرى من القضاء على العديد من النقط السوداء للممارسات الإجرامية أو الانحرافات المرفوضة.
أوراش بيئية

كما قام أعضاء جمعية بييزاج، رفقة مهندسي الجماعة ورؤساء مصلحة  النظافة والمغارس، بزيارة تفقدية لمحيط جدار الحديقة التاريخي الذي صمد في وجه الزلزال وبزيارة تفقدية للدرج مع ضرب موعد لحملة جديدة لتنقية الممرات وتزيينها، في إطار نفس الحملة.
يشار أن هذه المبادرة من طرف جمعية بييزاج ومصلحتي النظافة والمغارس، تأتي في إطار مقاربة تشاركية مع أطر وعمال الجماعة في حماية البيئة الحضرية، ومن خلالها تركيز الجهود على تنقية أهم المكونات البيئية بالمدينة وحمايتها، عبر الاعتناء بالحدائق، في زمن التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري ومشكلة الجفاف وشح المياه، ما يقتضي الاعتناء بشكل أكبر ومضاعف بالحدائق كمتنفسات إيكولوجية بالغة الأهمية بالنسبة للأطفال والساكنة بشكل كبير، وفي إطار تنويع الفضاءات وصيانتها والاعتناء بها من خلال مشاريع تأهيلها من طرف الجماعة، مستقبلا، بما يستجيب لتطلعات المجتمع المدني ومن خلاله الساكنة المحلية التي تضطلع بدورها بدور هام في تحقيق هذه الأهداف من خلال الالتزام بسلوكات إيجابية فيما يتعلق بالحفاظ على النظافة وحسن التعامل مع عموم فضاءات المدينة.
 (*) رئيس جمعية “بييزاج” 

Related posts

Top