المرحلة الديبلوماسية الجديدة

شهدت نهاية الأسبوع المنصرم حدثين ديبلوماسيين هامين بالنسبة للمغرب، تمثلا في انتخاب عبد الواحد الراضي رئيسا للاتحاد البرلماني الدولي، وبعد ذلك انتخاب المملكة، وبأغلبية ساحقة، عضوا غير دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والحدثان معا يشتركان في كونهما يجسدان ثقة المجتمع الدولي في المغرب، وفي الدينامية الديمقراطية التي يحياها. بالنسبة لرئاسة الاتحاد البرلماني الدولي، فهي تعتبر التتويج المنطقي لكثير من الجهد الديبلوماسي والسياسي الذي استمر لسنوات، إضافة إلى مراكمة العمل على صعيد هيئات برلمانية إقليمية ودولية، ما أكسب البرلمان المغربي تجربة أهلته في شخص رئيسه لنيل ثقة ممثلي الشعوب لتدبير المؤسسة البرلمانية العالمية، كما أن حنكة الشخص وعلاقاته السياسية كانت بدورها حاضرة في خلفية الاختيار، وهو ما يمثل انتصارا وتقديرا للمغرب أولا، ولوطنية ونضالية القوى الديمقراطية الجادة التي تبرز دائما كرافعة ذات مصداقية للنهوض بالمغرب وتعزيز سمعته الدولية.
أما انتخاب المغرب عضوا بمجلس الأمن، فإن رمزيته الأولى تأتي من الظرفية الزمنية، حيث أنه في مناخات الربيع العربي، يمنح العالم ثقته للمملكة، ما يعتبر إشارة تقدير أيضا للنموذج الديمقراطي المتفرد الذي اختارته البلاد، كما أن التصويت لصالح المغرب، يعني قدرة المملكة على الدفاع عن أهداف الأمم المتحدة في العالم، ويعني أيضا الإقرار الدولي بقدرات البلد على صعيد الانفتاح والدمقرطة واحترام القيم الكونية لحقوق الإنسان.
الانتصاران الدبلوماسيان اللذان حققهما المغرب لم يأتيا بسهولة، إنما كشفا عن اصطفاف تزعمته الجزائر ضد الرباط، بمساندة بلدان إفريقية وغيرها، ومع ذلك نال المغرب 130 صوتا لرئاسة الاتحاد البرلماني الدولي، و151 صوتا لعضوية مجلس الأمن، كما أنه في الحالتين معا حظي بتأييد واسع موزع على مناطق وقارات مختلفة في العالم، وكل هذا يحتم على ديبلوماسيتنا اليوم تمثل مميزات هذه المرحلة الجديدة بجميع رهاناتها ومتطلباتها، فلم يعد مقبولا اليوم إغفال أهمية الديبلوماسية البرلمانية وأيضا الحزبية والموازية، وهذا يفرض تقوية حضور المغرب على صعيد المنظمات الدولية غير الحكومية، وفي المحافل السياسية والإعلامية الدولية والإقليمية، كما أن الحاجة باتت اليوم ملحة لتفعيل حضور أكبر للمغرب على الصعيد الإفريقي، وحتى على مستوى الاتحاد الإفريقي، ارتباطا بمتغيرات المنطقة، علاوة على أهمية الانتقال بالدور المغربي إلى مستوى أكثر فعلا وتأثيرا في قضايا الشرق الأوسط والمنطقة العربية، ما سيعطي لثقة المجتمع الدولي في المغرب بعدا أكثر وضوحا، ويتكرس دور المملكة كضامن للأمن والسلام والديمقراطية في هذه المناطق الحساسة والساخنة في العالم.
والأهم في كل هذا، أن المغرب مدعو لمواصلة بنائه الديمقراطي الحداثي وتقوية مسلسلات التنمية والتحديث، حتى تتكرس صورته الديمقراطية المتفردة في المنطقة، وهنا تعتبر انتخابات 25 نونبر امتحانا لمصداقية هذا النهج، ومحطة تحظى بمتابعة العالم كله، ومن المسؤولية الوطنية عدم تضييع الفرصة على بلادنا.
[email protected]

Top