المغرب – تونس

احتضنت الرباط أمس الجمعة أشغال الدورة السابعة عشرة للجنة العليا المشتركة المغربية التونسية برئاسة رئيسي الحكومتين٬ وهو الاجتماع الذي يلتئم في سياق سياسي متميز في البلدين، كما أنه يأتي بعد العديد من التصريحات والإشارات المتبادلة منذ شهور بين الرباط وتونس، والتي تؤكد وجود توافق في الرؤى السياسية بينهما، ما جعل تصريحات رئيسي الحكومتين أمس تشدد على إرادتهما القوية المشتركة في الرقي بالعلاقات الثنائية، والسعي المشترك لتحقيق تكامل ثنائي في الفضاء المغاربي من شأنه خدمة مصالح شعوب المنطقة وتطلعاتها في التكامل والترابط والتعاون.
لا يتعلق الأمر هنا بأية رغبة لبناء محور تونسي مغربي في مقابل محاور أخرى في المنطقة، لكن الأمر ينطلق من اتفاقات واسعة تبلورت بين البلدين في الرؤى والمواقف، والرغبة في استثمارها للمساهمة معا في إعادة الحياة للعمل المغاربي المشترك، والدفع في اتجاه عقد قمة مغاربية قبل متم العام الجاري، ومن ثم تفعيل الاتحاد المغاربي بما يجعله تجمعا إقليميا ناجعا ومجديا لشعوبه، وداعما للاستقرار والأمن والسلم والتنمية في المنطقة.
التعاون المغربي التونسي يستحق اليوم التشجيع، لأن نجاح هذه الدينامية الثنائية من شأنه تقوية فرص نجاح العمل المغاربي ككل، علاوة على أن نجاح سعي البلدين للنهوض بالاتحاد المغاربي لن يمكن فقط من تلبية مطالب شعوب المنطقة المتعلقة بالتواصل والتكامل والتعاون والوحدة، وإنما سيوفر للدول الخمس محاورا واحدا قويا باسمها أمام الاتحاد الأوروبي، وتجاه كل التجمعات الإقليمية والدولية، وبالتالي سيصير للمنطقة هيكلها التنسيقي والتعاوني القادر على المساهمة  بفاعلية ومصداقية في الجهد الدولي والإقليمي من أجل مواجهة مختلف التحديات الأمنية والإستراتيجية والتنموية المطروحة على المنطقة.
بلا شك إن مباحثات وأعمال اللجنة المغربية التونسية ستنكب على مختلف الملفات الثنائية، وستفضي إلى توقيع اتفاقيات وبرامج مشتركة، لكن الأساس أن المرحلة اليوم لم تعد تسمح بالمزيد من التماطل ولوك الكلام الدبلوماسي الجميل، وإنما الحاجة ماسة إلى الانتقال بالتعاون الثنائي إلى أسلوب البرامج العملية الملموسة، وإلى المشاريع ذات المردودية على الشعبين والبلدين والقابلة لقياس جدواها في أمد زمني منظور، وذلك حتى يلمس الشعبان نتائج التعاون الثنائي على الأرض، وتترسخ لديهما القناعة بأهمية التعاون بين بلديهما، ويصيران بمثابة الامتداد الشعبي والمجتمعي لدينامية التعاون والوحدة.
من الضروري كذلك الإشراك الفعال للقطاع الخصوصي في تنفيذ وتخطيط وبلورة برامج التعاون الثنائي، وأيضا البنوك، حتى يكون كل هؤلاء من ذوي المصلحة والقناعة بأهمية التعاون، فضلا على أن التعاون بين البلدين يجب أن يستحضر الإنسان، ويحرص على تيسير التنقل والتواصل بين الشعبين، ضمن رؤية الحقوق والحريات التي مافتئ يدافع عنها الرئيس التونسي الحالي  بالنسبة للشعوب المغاربية، وهو ما كان قد نوه به جلالة الملك ودعا إليه باستمرار.
[email protected]

Top