الأستاذ والكاتب المغربي الكبير الميلودي شغموم يعيش محنة صحية ويعاني منذ أسابيع من آلام المرض، لكنه يعاني كذلك من الجحود وقسوة الإهمال وتركه وحيدا مع عائلته وقلة من أصدقائه يصارع في هذه الظروف العصيبة.
الأستاذ الميلودي أفنى حياته في تربية وتعليم أجيال من المغاربة من الابتدائي إلى الجامعي ومن ابن احمد إلى سطات فالبيضاء ثم مكناس والرباط… وتخرج على يديه على مدى أربعة عقود أفواج من الأطر والباحثين والمسؤولين والعلماء..
والميلودي أيضا باحث مغربي رصين أغنى الخزانة الفكرية المغربية بأبحاث عميقة حول فلسفة العلوم ومناهج البحث والفكر الإسلامي والصوفي والمتخيل… ناهيك عن أنه من أهم الروائيين المغاربة وأغزرهم إبداعا وأكثرهم تقديرا وطنيا وعربيا.
ورغم كل هذه المسيرة المهنية المحترمة والطويلة وهذه التجربة الإنسانية العميقة وهذا القدر من العطاء والإشعاع، فإننا لم نر من الأستاذ إلا التواضع الجم والإنصات الحكيم والنصح الأبوي العطوف.
لم يطلب يوما منصبا ولا سلطة ولا سعى لمال أو لكسب مادي ولم نسجل عليه يوما أنه سعى لوساطة أو تدخل لجني منفعة له او لمقربيه.
هو اليوم على فراش المرض يصارع بشجاعة
لكن المؤلم ألا يجد غير عائلته التي تصرخ فينا اليوم لتنبهنا دولة ومجتمعا لفداحة إهمالنا وجحودنا في حق أحد أهم كتابنا ومربينا واحد نبلاء الفكر والكلمة والقلم بالمغرب.
هذا بيان العائلة والأصدقاء:
“أُدخل الكاتب والروائي الميلودي شغموم، بالأمس (الاثنين)، إلى مستشفى الشيخ زايد من جديد، بعد أن تدهورت حالته الصحية فجأة. وليست هي المرة الأولى التي ينقل فيها إلى هذا المستشفى طلبا للعلاج، فمنذ أواخر شهر يوليوز حين داهمه المرض وهو يتردد على هذا المستشفى برفقة عائلته وأصدقائه المقربين. ورغم البيانات الخجولة والتصريحات الصالونية، فإنه لم يحظ لحد الآن بأي رعاية معنوية أو مادية من الجهات المسؤولة عن قطاع الثقافة في بلادنا، وفي غياب تام للمنظمات الثقافية التي اكتفى البعض منها بإصدار بيانات خجولة كانت موجهة لغايات أخرى لا علاقة لها بصحة الميلودي شغموم وعافيته.
لقد أعطى الميلودي الشيء الكثير للأدب والرواية والفكر داخل وطنه وخارجه. وقضى جزءا كبيرا من عمره يلقن أبناء المغاربة المعرفة في المدارس والمدرجات الجامعية، وظل ينتج ويبدع في صمت بعيدا عن الجوائز والصالونات الأدبية، ولم يطلب في يوم من الأيام شيئا. لقد أغنى الريبيرتوار الروائي والقصصي المغربي بعشرات الروايات والكتب، وظل لسنوات طويلة موضوعا للأبحاث الجامعية. ولم يسمح لنفسه في يوم من الأيام أن طلب مقابلا لما كان يقوم به، فتلك كانت وظيفته ككاتب وكمثقف للوطن عليه حق الاحتفاء به والتغني بسمائه.
ألا يكون للميلودي اليوم حق الاعتراف من الوطن من خلال عناية صحية ومصاحبة نفسية، بقدر تاريخ وفكر الرجل، تشعره بأهمية مساهماته وتذكره بعدد المتخرجين على يده، بتقدير حقيقي لما أسداه لهذا البلد، تجعله ينسى وضعه الصحي والنفسي الحرج من خلال إحساس مشرف بالانتماء لهذا الوطن.
نحن، أصدقاءه وعائلته، لا نطالب بشيء سوى إثارة انتباه الرأي العام الثقافي والفكري في بلادنا إلى هذه المعاملة الغريبة، التي لا تليق بكاتب من حجم وقيمة الميلودي شغموم”.