اليوم العالمي لحقوق الإنسان ..تراجعات ملحوظة على مستوى المسارين الديمقراطي والحقوقي في المغرب

بحلول العاشر من دجنبر 2021 ، تكون قد مرت 73 سنة عن صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي مدة أكثر من كافية للقيام بتقييم موضوعي للوقوف على مدى تفعيل الحد الأدنى من بنود هذه الوثيقة التاريخية باعتبارها المعيار المشترك التي تستلهم منها الأمم والشعوب حقوقها في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة.
إن مسار حقوق الإنسان بالمغرب، مرتبط، بشكل جدلي، بمسار البناء الديمقراطي في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهما مساران متلازمان، لا يستقيم الواحد منهما دون الآخر.. صحيح أن المغرب منذ بداية الألفية الثانية كان قد أطلق دينامية ملفتة في المسارين الديمقراطي والحقوقي، أفضت إلى تحقيق مكتسبات على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والمؤسساتية، وعولجت في إطارها العديد من القضايا التي كانت تعتبر شائكة، بفضل التقاء إرادتين، إرادة جلالة الملك وإرادة القوى الوطنية والديمقراطية، توجت بدستور 2011.
لكن اليوم، وتحديدا منذ بداية العشرية الثانية، خفتت تلك الدينامية، وعرف المساران الديمقراطية والحقوقي تراجعات ملحوظة، وصفها متابعون، ب”الخطيرة” أفرغت الوثيقة الدستورية من محتواها الذي كان يعد بإصلاحات كبيرة وعميقة على المستوى الحقوقي، حيث يلاحظ أن هناك فشل كبير على مستوى السياسية الجنائية والحقوقية التي لم تتمكن من توفير الحماية اللازمة لممارسة الحريات والحد من انتهاكاتها.
إن تحدي حقوق الإنسان بالمغرب في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يساءل الجميع، الدولة والمجتمع، فكل النخب السياسية والحقوقية وكل الضمائر الوطنية الحية والحكيمة، المؤمنة بقيم الحرية والمساواة، مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بالانحياز، والترافع الحقيقي من أجل إرساء أسس بناء المسار الحقوقي، وذلك بالنظر إلى التحديات التي تواجه قضية وحدتنا الترابية، والتي تفرض تمتين الجبهة الداخلية، وفي الوقت ذاته، التقدم في المجالات الاجتماعية والديمقراطية والاقتصادية، على اعتبار أن متانة المسارين الديمقراطي والحقوقي يشكلان عاملان أساسيان في حسم معركة الوحدة الترابية.
إن إعادة الدينامية الحقوقية إلى توهجها، وإلى مسارها الصحيح الذي انطلق مع بداية الألفية الثانية، يتطلب بلورة مجموعة من الإجراءات الكفيلة بإحداث انفراج سياسي، وفي إذكاء جو من الثقة في الحاضر والمستقبل، ومن ثمة إيجاد حل نهائي لطي ملف معتقلي أحداث الحسيمة، والصحافيين، ومختلف المعتقلين على خلفية حركات اجتماعية، وذلك بإعمال كل الوسائل القانونية المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن تتقيد الدولة بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وضمان الحق في الاحتجاج السلمي، والحق في التعبير، والعمل على ضمان الحقوق المدينة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتنموية.
ففي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد كشف تقرير المرصد الوطني للتنمية البشرية عن حقائق صادمة تبرز مدى حجم الخصاص الذي يتعين تغطيته، سواء على مستوى ردم الهوة بين الطبقات والفئات الاجتماعية وبين الجهات، والقطع مع مظاهر الإقصاء والتهميش، وعلى البطالة في صفوف الشباب.

محمد حجيوي

Related posts

Top