يحيي الاتحاد العالمي لمرض الذئبة، في 10 ماي من كل سنة، “اليوم العالمي لمرض الذئبة” وذلك من أجل تحسين الوعي بالجوانب غير المعروفة لهذا المرض المناعي الذاتي النادر. ويواكب الائتلاف الأمراض النادرة في المغرب والجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والأمراض الجهازية، برئاسة الدكتورة خديجة موسيار، هذه المبادرة في كل عام، بمجموعة من الأنشطة، للتعريف بمرض الذئبة الحمراء الذي يصيب أكثر من 5 ملايين شخص عبر العالم، خاصة النساء في تسع حالات من كل 10، وغالبا ما يكونون في سن الشباب. وتكم خطورة المرض في أنه يمكن أن يكون مميتا، وهو فعلا أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الشابات في العالم وفي المغرب.
ومن المغالطات المثيرة التي يجب تصحيحها حول المرض، كما جاء في بلاغ بمناسبة اليوم العالمي، أصدرته الجمعية وتوصلت بيان اليوم بنسخة منه، أن الكثيرين يظنون خطأ أن الذئبة الحمراء مرض معد (مثل مرض الإيدز)، الأمر الذي يزيد من عزلة المرضى أكثر فأكثر. وقد أظهر مسح عالمي في عام 2020 أنه يؤثر بشدة على التنقل والقدرة على القيام بالأنشطة العادية.
مرض متعدد الأوجه
الذئبة الحمراء مرض مزمن من أمراض المناعة الذاتية، علامات المرض متنوعة للغاية لذلك يلقب بـ” المرض ذي 1000 وجه”: الحمى، فقدان الوزن، التعب، آلام المفاصل/ العضلات، مشاكل الرؤية، الاكتئاب، الأعراض النفسية أو العقلية.. لكن أحد أهم أعراض المرض هي الحساسية للشمس التي تصيب 80٪ من المرضى وتؤدي إلى ظهور بقع جلدية حمراء كبيرة تأخذ شكل فراشة تغطي الوجه والخدين وقصبة الأنف. ويشير اسم المرض إلى هذه العلامة الحمراء التي تظهر على وجه المريض وتشبه قناع الكرنفال.
تطور المرض لا يمكن التنبؤ به
شدة المرض تتغير جدا من مريض لآخر وعند المريض نفسه وفقا لفترات حياته. يمكن أن يبقى المرض كامنا لعدة سنوات حتى تحدث النكسة التي يمكن أن تكون شديدة للغاية وتؤدي إلى فشل في الأعضاء (نزيف دماغي أو رئوي، وفشل كلوي)، خاصة أثناء فترة الحمل أو بعدها مباشرة، وهي فترة عالية الخطورة. هذه التحولات التي يعرفها المرض تعقد التشخيص الذي غالبا ما يتم بشكل متأخر. بالرغم من أن التشخيص المبكر للمرض ممكن، بفضل الفحوصات البيولوجية التي ترصد بعض الأجسام المضادة الذاتية، والتي ينتجها الجهاز المناعي ويوجها ضد أعضاء الجسم.
الذئبة الحمراء تسبب الكثير من الوفيات في صفوف النساء الشابات
أظهرت دراسة أمريكية أجريت عام 2018 أن مرض الذئبة هو السبب الرئيسي العاشر للوفاة بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و24 عاما والخامس بين النساء اللواتي في نفس الفئة العمرية بين السكان الأكثر فقرا والسود وذوي الأصول الإسبانية. يمكن الجزم أن النسبة الأخيرة تنطبق أيضا على المغرب، حيث يؤثر المرض على حوالي 20 ألف امرأة. يعد مرض الذئبة، وهو أكثر الأمراض النادرة شيوعا، مشكلة صحية عامة كبرى في بلدنا.و الوضع أسوأ في منطقة إفريقيا السوداء، المنطقة الأكثر تضررا من هذا المرض في العالم.
يتم التحكم في المرض بشكل أفضل حاليا
حققت إدارة مرض الذئبة تقدما هائلا في العقود الأخيرة: كان معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات في فرنسا أقل من 50٪ في عام 1955 وهو الآن أكثر من 90٪. في ظل عدم وجود دواء شاف للمرض، يهدف العلاج إلى منع المضاعفات والسيطرة على الأعراض، بشكل رئيسي عن طريق استخدام هيدروكسي كلوروكوين (البلاكينيل)، وأيضا في أعقاب الهبات المرضية، يستعمل الكورتيزون، ومثبطات المناعة والعلاجات المبتكرة، والعلاجات البيولوجية (التي لها عيب واحد فقط: تكلفتها العالية).
توجد عدة أنواع من مرض الذئبة: الشكل الجهازي الذي يهاجم العديد من الأعضاء والشكل “الجلدي” الذي يكون بشكل عام بسيطا ويبقى مقتصرا على الجلد. قد ينتج المرض عن أخذ بعض الأدوية، ويكون قابلا للتراجع عند التوقف عن الدواء المعني.
آثار كبيرة على القدرات الجسدية وعلى جودة الحياة
في دراسة استقصائية عالمية للمرضى في أكثر من 70 دولة في عام 2020 من قبل الاتحاد العالمي لمرض الذئبة، تبين أن بالنسبة لما يقرب من 7 من كل 10 مشاركين بأن الذئبة تضعف حركتهم الجسدية. أشار غالبية المجيبين على الاستطلاع إلى أنهم لم يتمكنوا من القيام بأنشطتهم اليومية دون صعوبة، بما في ذلك صعود الدرج ونزوله (67٪) والقيام بالأعمال المنزلية (69٪) مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية. كما أن واحدا من كل 10 أشخاص يحتاج إلى عصا أو جهاز آخر للتنقل. كما يبدو أن كل المصابين يعانون من صعوبة في النهوض من الفراش بسبب الشعور بالإرهاق العام الذي يسببه المرض.
يوضح هذا التحقيق بوضوح الآثار المدمرة التي يمكن أن تسببها الذئبة على حياة الأشخاص الذين يعانون منها.
ويعتبر إحياء اليوم العالمي أيضا فرصة لتوعية النساء بأمراض المناعة الذاتية التي تستهدفهن بالأخص والتي يعتبر مرض الذئبة من أخطر أشكالها. في هذه الأمراض، يتم تعطيل جهاز المناعة، الذي يحمي عادة من الميكروبات أو المواد الغريبة عن الجسم، ويتحول ضد خلايا الجسم. تصيب هذه الأمراض 10٪ من سكان العالم وأكثر من 75٪ هن نساء. واحدة من كل ست نساء تأثرت أو ستتأثر خلال حياتها بهذه الاضطرابات المتنوعة للغاية (مثل مرض فرط نشاط الغدة الدرقية – والتصلب المتعدد ومرض السكري من النوع الأول والتهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب الفقار اللاصق ومرض شوغرين).