بدون أجانب…

حقق فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم إنجازا مهما، بعد الفوز بالكأس العربية التي تحمل هذه السنة اسم جلالة الملك محمد السادس. وتأتي أهمية هذا التتويج، لكونه جاء على حساب فريق اتحاد جدة، الذي كان يعتبر مرشحا فوق العادة.

ففارق الإمكانيات، وظروف الإعداد، وثقل النجوم الأجانب، عوامل كانت تلعب لصالح الفريق السعودي، بينما عانى الرجاويون كثيرا من تأخر الاستعدادات وإضراب اللاعبين، بالإضافة إلى غياب الموارد المالية الكافية…

إلا أن النقطة التي تعتبر  الأهم، هى كون فريق الرجاء تمكن من تحقيق الفوز والتتويج، بدون لاعبين أجانب، واللاعب الأجنبي الوحيد الذي ظهر ضمن تشكيلة المدرب التونسي لسعد الشابي، كان هو الغيني مصطفى كوياتي، الذي ظهر كاحتياطي، والمنظم منذ أيام فقط للقلعة الخضراء.

هذا المعطي التقني، يذكرنا بفوز الوداد البيضاوي بعصبة الأبطال الأفريقية سنة 2017 تحت قيادة المدرب المغربي الحسين عموتة، وعلى حساب ناد كبير  كالأهلي المصري، وبدون أي لاعب أجنبي.

معطي تقني يفيد بأن التألق ممكن حتى بدون أجانب، شريطة توظيف جيد للإمكانيات المتوفرة من لاعبين محليين، من طرف الأطقم التقنية، دون الحاجة إلى الاستعانة بالخبرة الأجنبية.

يمكن القول إن مثل حالتي الرجاء في كأس العرب، والوداد بعصبة الأبطال، تعتبر مرحلة استثنائية لا يعتد بها، ويبقى الاعتماد على اللاعبين الأجانب خيارا أساسيا لا غنى عنه، كما هو الحال بالنسبة لأبرز الأندية على الصعيد القاري والدولي، خاصة الأندية الملزمة بالمشاركات الخارجية.

إلا أن هناك حقيقة لابد من الوقوف عليها بكثير من الدراسة والتحليل، وتتجلى في أهمية الاعتماد على الكفاءات المحلية بصفة أساسية، دون إغلاق الباب أمام أهمية الاستعانة بخدمات اللاعبين الأجانب، شريطة، حسن الاختيار، وتدبير أفضل لطريقة الانتقاء.

إلا أن الأساس هو ضرورة تجويد أسلوب التكوين والاهتمام أكثر بالفئات الصغرى، وهذا يمر عبر وجود مراكز تكوين تتوفر فيها كل أساليب العملية الحديثة، القادرة على إبراز مواهب، بطريقة موجهة بدقة وبمنهجية واضحة.

هذا هو المستقبل القادر على ضمان الاستمرارية المطلوبة، أما المبالغة في عقد الصفقات، والاعتماد المطلق على اللاعبين الجاهزين، فهو جد مكلف من الناحية المالية، كما لا يسمح للنادي بلعب الدور الاجتماعي والتربوي والاقتصادي المطلوب منه، خاصة بدولة كالمغرب، حيث المشاكل الاجتماعية، والفقر والهشاشة، ومساهمة الرياضة في الرقي الاجتماعي مسألة حيوية.

فمقارنة الأندية المغربية بمثيلاتها بالدول الصناعية الكبرى، ونظيراتها بدول البترودولار، عملية إسقاط كبيرة، تسمح بممارسة تغليط مقصود، وغير منطقي تماما، وما تألق الرجاء البيضاوي قاريا وعربيا، بفضل الاعتماد على مجموعة من اللاعبين تكونوا بفئاتها الصغرى، إلا مثالا حقيقيا على أهمية الاعتماد على المنتوج المحلي، الذي يمكن أن يقدم المنتظر منه، دون الإحساس بأي نقص أو شعور بالدونية.

نعم للتكوين، وضرورة تشجيع المواهب المحلية، دون إغلاق الباب أمام الاستعانة بالكفاءات الأجنبية، لكن هذا الاختيار يبقى هو الاستثناء، وليس قاعدة…

محمد الروحلي

Related posts

Top