تجار المآسي…

بانبهار كبير وتقدير غير مسبوق عبر التاريخ، يتابع الإعلام الدولي، تفاصيل حملة التضامن الواسعة، وما تعرفه من انخراط واسع للفئات الشعبية، بكثير من التلقائية وبروح تطوعية عالية، مواطنون من الداخل والخارج، هبوا لدعم ومساندة إخوانهم بالمدن والأقاليم المتضررة، يعانون من تبعات زلزال مدمر، ضرب إقليم الحوز والمناطق المجاورة…

عدد كبير من المواطنين والمواطنات، التحقوا بهذه المناطق التي تتميز بوعورة التضاريس، من أجل الدعم والمساندة والمساعدة، كما يقوم الآلاف بتقديم وجمع التبرعات من مواد غذائية، وتجهيزات صحية وطبية، وخيام وأغطية، ومختلف الحاجيات التي يتطلبها المعيش اليومي، في ظل الخراب المحيط بكل الجوانب…

والملاحظ أن هناك تفاوتا من حيث المجهود الوطني المقدم من طرف المؤسسات التجارية، ففي وقت تبرز بعض الشركات المواطنة بمساهمتها القيمة، تسعى أخرى للاستفادة من الأزمة، وتحقيق أرباح، كما هو الشأن لأصحاب شركات المحروقات، والطريق السيارة، والمحلات التجارية الكبرى، مستغلين إقبال المواطنين على اقتناء السلع ومختلف التجهيزات، والسفر بها عبر مختلف الطرق، في اتجاه نحو المدن والمداشر، ومختلف المناطق المعزولة بعمق جبال الأطلس.

ودائما في سياق تسليط الضوء على الدور المريب، الذي يلعبه ما أصبح يصطلح عليهم بـ “تجار المآسي”، يلاحظ النشاط المتزايد لأصحاب المواقع والصفحات، من أشباه الصحفيين والمنتحلين للصفة، في إطار سعي محموم لكسب الزيارات، والاستفادة من الإقبال المتزايد على متابعة الأخبار والمستجدات، ومشاهدة مقاطع الفيديو، بعيدا عن أي وازع أخلاقي أو مهني، أو شعور بقيمة الواجب الوطني.

يحدث هذا في ظل واقع مؤلم، تعشيه فئة كبيرة من الشعب المغربي، وما خلفه ذلك من ألم وحزن يتقاسمه الجميع، فهناك شعور عام بالتأثير المدمر للزلزال، وما ترتب عنه من خسائر فادحة في الأرواح والتجهيزات والمرافق الأساسية، إلا أن هناك من يسعى للكسب السريع ومراكمة الأرباح، حتى ولو كان ذلك على حساب المصالح العامة للوطن والمواطنين…

فقد وصل الأمر بهؤلاء “البزناسة” إلى ترويج أخبار خاطئة، واختلاق الأكاذيب، وتلفيق المعطيات؛ والقيام بتأويلات مغرضة، كل شيء مباح في نظرهم من أجل الكسب السريع، والسعي بالدرجة الأولى للانتشار المجاني…

وهنا لابد من تصدي لمثل هذه النماذج السيئة، صحيح أن الأمر بيد الأجهزة الأمنية والقضائية، لكن على المهنيين أيضا القيام بواجبهم الوطني، وذلك بفضح هذه المصادر والكشف عن الأخبار الصحيحة، والعمل على نشر وتعميم كل ما هو قادم من المصدر الرسمي، ومن عين المكان عن طريق العمل الميداني باحترافية عالية، وروح وطنية صادقة تقتضيها الظرفية الصعبة…

>محمد الروحلي

Top