تدخل النائب إدريس بوطاهر باسم فريق التقدم الديمقراطي حول «إصلاح أنظمة التقاعد»

السيد الرئيس المحترم،
السيد رئيس الحكومة المحترم،
السيدات والسادة الوزراء المحترمون،
السيدات والسادة النواب المحترمون.
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم فريق التقدم الديمقراطي في إطار مناقشة موضوع “إصلاح أنظمة التقاعد”، وهو موضوع نوليه أهمية قصوى من منطلق ارتباط التقاعد بحال ومستقبل شعبنا وبلادنا، وارتباط مناقشته بحرصنا الجماعي على تحقيق هذا الإصلاح الذي نتطلع أن يكون وطنيا وتشاركيا وديمقراطيا وشموليا ومستديما. ولهذا السبب، دعونا وندعو مجددا إلى مواصلة الحوار الاجتماعي الجدي والمسؤول لبحث مختلف القضايا ومنها ملف التقاعد، انطلاقا من إرادة حقيقية في تعزيز السلم الاجتماعي باعتباره المدخل الأساسي لتقوية المسار التنموي الكفيل بإيجاد الحلول الفعلية لمختلف المطالب المشروعة والعادلة.
موقفنا الايجابي إذن ينطلق من”الإصلاح المعياري”، الذي يبدو أنه لا محيد عنه على المدى القصير،خصوصا بالنسبة للمعاشات المدنية، والتي يدبرها الصندوق المغربي للتقاعد، والذي يجب أن يندرج في إطار إصلاح شامل. ونؤكد على أن أي تأخير في الإصلاح ستكون عواقبه وخيمة، وستعقد مهمته غدا وربما بتكلفة أعلى، لهذا لابد من الإسراع في بلورة ملامح الإصلاح، خصوصا وقد راكمنا أفكارا مهمة في هذا الموضوع، لاسيما منها تلك المضمنة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وما تفضلتم به السيد رئيس الحكومة، وما جاء به جوابكم هذا اليوم .
نشكركم ونحييكم السيد رئيس الحكومة على وضوحكم وصراحتكم معنا، ومن خلالنا  مع كل المغاربة، باعترافكم بأن هذا الإصلاح مرحلي على أساس أن تباشر الحكومة القادمة الإصلاح الشمولي والمستدام. ويتطلب هذا الإصلاح من وجهة نظرنا، اعتماد مخطط إرادي لتوسيع قاعدة المنخرطين، وتغطية المواطنين النشيطين، ونعتقد أن هذا المخطط، بأهداف ووسائل محددة، من شأنه أن يمكن من رفع نسبة الساكنة النشيطة التي تتوفر على تغطية نظام التقاعد من النسبة الحالية إلى ما يناهز النصف، ليصل المغرب إلى مستوى عدد من الدول التي تتواجد في نفس مستوى التنمية. ولتحقيق هذا الهدف لابد من اعتماد قانون إطار حول الموضوع، وهو هدف يبقى في المتناول إذا ما تم توسيع قاعدة المنخرطين نساء ورجالاً، مثل أصحاب المهن الحرة، التجار، المهنيين والحرفيين، الصناع التقليديين والصيادين.
وفي السياق ذاته، لابد من أن يحدد الإصلاح الشمولي أيضا آليات مراجعة مبلغ المعاشات، والتصدي لمسألة المعاشات الهزيلة ومعاشات الأرامل التي يجب أن تكون في مستوى يحفظ كرامتهن، وإقرارحق توريث المعاش بالنسبة للزوجة المتوفية كما هو الحال بالنسبة للأزواج.
إن إشكالية تمديد سن التقاعد لا يمكن معالجتها دون الأخذ بعين الاعتبار مسألة بعض المهن الشاقة. فبالنسبة للوظيفة العمومية، يجب التعاطي مع قضية رجال ونساء التعليم، وخاصة التعليم الأساسي والابتدائي، ومهن التمريض أو الأمن، بشكل يراعي خصوصيات هذه المهن.وبخصوص المعاشات الصغرى، فإن اتخاذ تدابير إيجابية لرفع الحد الأدنى بالنسبة لأنظمة معينة تندرج ضمن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، لا يعفي من محاولة إيجاد حل أكثر شمولية، وأكثر عدالة. إن ضعف متوسط ​​معاشات التقاعد التي يقدمها الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يدعونا إلى التعامل إنسانيا واجتماعيا مع مبالغ المعاشات التي يتم صرفها للأرامل. وبصفة عامة، يجب وضع آلية لربط مستوى معاشات التقاعد بتكلفة العيش، لتوفير ظروف معيشية لائقة للمتقاعدين.
إن قضايا الحكامة في صناديق التقاعد تبقى أساسية: ترشيد النظام من خلال تجميع الصناديق في صندوقين اثنين، الأول للقطب العمومي والثاني للقطاع الخاص، مع تعزيزه بإجراءات تكميلية تبدو منهجية جيدة للإصلاح، وتعزيز الرقابة في التصريحات لدى صندوق الضمان الاجتماعي.
وعلاوة على ذلك، من الضروري الحرص على التوظيف المعقلن لأموال الصندوقين من أجل ضمان توفير الأرباح. وينبغي أيضا تصحيح الشروط التي يتم بموجبها تعويض أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المدفوعة إلى صندوق الإيداع والتدبير، من خلال تبني شروط بمعدلات تعادل معدلات السوق.
على العموم، نسجل لحكومتكم، السيد الرئيس، جرأتها السياسية في فتح هذا الملف الذي يراوح مكانه منذ 2003. لقد انطلق قطار الإصلاح، ولا يمكن أن يقف، ليس فقط في هذا الملف، ولكن أيضا في كل الملفات التي تهم مستقبل العباد في هذه البلاد، وعلى هذا السبيل ندعمكم وندعو لكم بالتوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

Related posts

Top