تقرير مجلس الحسابات

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن عديد اختلالات في عمل مؤسسات عمومية وجماعات محلية كثيرة، وأيضا في أداء القائمين على تدبير شؤونها، كما عرض التقرير ملفات كان وراء تحريكها أو أنه بصدد التحقيق فيها.
لا شك أن المتابعين كانوا يتطلعون إلى التغيير الذي سيحدثه الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للحسابات في أسلوب عمل المؤسسة، وفي منهجية إعداد التقارير السنوية، وقد بدا واضحا أن تقرير 2011 جاء موضوعاتيا أكثر منه عموميا، ما قد يعتبر مؤشرا عن الأسلوب الجديد للرئيس إدريس جطو، لكن الأسلوب نفسه، وإن كان لقي استحسان الكثيرين، فهو لم يسلم من أسئلة، خاصة على مستوى اختيار هذه المؤسسة أو تلك، أو هذا القطاع أو ذاك، كما تساءل البعض عن سر غياب الحديث عن مؤسسات كبيرة، وأيضا جماعات كبرى دار حول تسييرها حديث طويل عريض في السنوات الأخيرة…
وبالرغم من ذلك، فإن الكل يتطلع إلى تقوية فاعلية المجلس الأعلى للحسابات واستقلاليته، والحرص على أن تكون لتقاريره الآثار العملية في الواقع، سعيا لتمتين ثقة المغاربة في مؤسسات الدولة، ومن أجل تقوية سير البلاد نحو توطيد الحكامة الجيدة في مختلف المؤسسات والقطاعات.
لقد أورد التقرير أن حصيلة عمل غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أسفرت عن البت في ملفات تتعلق بـ 72 متابعا خلال 2011، كما ورد أن المسطرة متواصلة بشأن ملفات أخرى، منها ما هو في طور التحقيق(129 ملفا)، ومنها ما تم استكمال التحقيق بشأنه (34 ملفا)، وبخصوص القضايا ذات الطابع الجنائي، فقد أحالت النيابة العامة على وزير العدل، خلال عام 2011، ثماني قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبات جنائية في حق 27 شخصا، كما رفعت أمام المجلس بواسطة الوكيل العام للملك ثلاث قضايا جديدة في 2011، تابعت النيابة العامة بشأنها 28 شخصا، ووصل العدد الإجمالي للقضايا الرائجة أمام المجلس ما مجموعه 75 قضية تهم 320 متابعا، في حين بلغ عدد الأحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات في 2011 ما مجموعه 1345 حكما، منها 1172 حكما نهائيا، و173 حكما تمهيديا…
وفي هذا المحور بالذات تكمن الحاجة اليوم إلى خطة تواصلية قوية تجاه المواطنات والمواطنين لإخبارهم بتفاصيل مقررات المجلس، وبمصير القرارات السابقة، بما في ذلك تلك التي صدرت في تقارير سبقت تعيين إدريس جطو، وتفسير معايير اختيار هذه المؤسسة أو تلك للتفتيش، وشرح طبيعة عمل المجلس ومهام فرقه وقضاته، ومصير ما تتضمنه التقارير السنوية من نتائج وتوصيات، وخصوصا مصير الملفات التي تحال على القضاء، وبهذا سيطمئن المواطنون والفاعلون الاقتصاديون حول إرادة البلاد في محاربة الفساد وتمتين منظومة النزاهة والحكامة الجيدة في كل المؤسسات التي تتولى التصرف في المال العام.
لقد أفرد الدستور الجديد فصول كاملة للمجلس الأعلى للحسابات وصلاحياته، وجاء القانون الأسمى للمملكة بكثير مبادئ جديدة مثل ربط المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ استقلالية ودسترة هيئات الحكامة، ولذلك من حق المغاربة معرفة مصير مقررات المجلس وتوصياته…
[email protected]

Top