تيه في تيندوف

جسد مؤتمر انفصاليي تيندوف حالة إحباط واضحة وسط منظميه والمشاركين في فصوله، ومثل العنوان الأكثر تعبيرا عن الوضع الحالي لجبهة المراكشي وحاشيته.
المؤتمر نفسه كان مسبوقا بتجليات الاستياء والتذمر داخل المخيمات منذ شهور، ما دفع حاشية المراكشي إلى اعتماد إجراءات استنفار وترهيب تفاديا لأي تطور قد يقلب الطاولة على العصابة المتحكمة بأمر أسيادها في قصر المرادية بالجزائر، ورغم ذلك، فإن حالة الاستياء وجدت طريقها إلى داخل المؤتمر، وتسللت إلى الكلمات والمناقشات، وإلى انتقاد جماعة عبد العزيز التي بقيت جاثمة على الجبهة الانفصالية لأزيد من ثلاثة عقود.
غياب ممثلي الحزبين الكبيرين في إسبانيا عن المؤتمر، وأيضا ضعف حضور الجمعيات الإسبانية الداعمة والممولة مثل تجليا آخر للإحباط العام الذي ساد وسط الانفصاليين، خصوصا أن أصدقاءهم الكوبيين هم أيضا خف إنزالهم في المؤتمر هذه المرة، وجاءت الصورة كما لو أن الجميع مل من تكرار أسطوانة مشروخة، لم يعد مضمونها يقنع أحدا.
شباب المخيمات أنفسهم لم يستسلموا هذه المرة للخوف، ووجهوا الانتقادات لقيادتهم التي هرمت ولم تتعب من نهب المساعدات الدولية، ومن مراكمة الأموال والأملاك في أوروبا وفي مناطق أخرى، واستنكروا تورط عناصر القيادة في جرائم الاختطاف والتهريب وغيرها…
لم يكتف عبد العزيز وجماعته برفض أي اتهام وجه لهم داخل المؤتمر، وإنما رفضوا حتى تجديد القيادة وإشراك الشباب في المسؤوليات، وبقوا مصرين على إحكام القبضة على  القرار وعلى صنبور المساعدات، وحتى لما لجأوا إلى خطاب التصعيد وتهديد المغرب بالعودة إلى السلاح، لم يفلحوا في جر الشباب المتذمر إلى دائرة الاتفاق ونسيان مواضيع غضبهم، وكل هذا جعل المراقبين يجمعون على أن الجبهة الانفصالية توجد اليوم في نفق حقيقي، ودخل قادتها في تيه لا يدرون سبيلا للخروج منه.
إن التحولات التي يشهدها المحيط المغاربي، خصوصا ما عرفته ليبيا وتونس، بالإضافة إلى تزايد حالات الغضب الشعبي والاحتقان في الجزائر، فرضت على الجبهة الانفصالية أن تواجه الحقيقة أثناء مؤتمرها الأخير، وتدرك أن السياق لم يعد هو السياق، وأن الحسابات تبدلت، ومصالح الشعوب صارت واضحة ومسموعة، وأن الديمقراطية أضحت خيارا لا مفر منه.
وإن المبادرات المغربية ذات الصلة بالنزاع المفتعل، والدينامية الإصلاحية التي تعيشها المملكة، هي كذلك فرضت نفسها على الجبهة وعلى مؤتمرها، ولم ينجح مريدو عبد العزيز في منع عديد أصوات من استحضارها، ومن الدعوة إلى فتح الأعين والأبصار على ما يجري في المنطقة وفي العالم.
الانفصاليون يائسون، حائرون، تائهون، يتطلعون إلى أسيادهم في قصر المرادية كي ينقذوهم من التيه، وكي يتم إسدال الستار، والإعلان عن نهاية مسرحية الوهم…
هل يملك الجيران شجاعة ذلك؟
[email protected]

Top