كشف البروفيسور مهدي القرقوري، الرئيس الوطني لجمعية محاربة السيدا، أن جائحة كوفيد 19 كان لها آثر سلبي على الجهود المبذولة على الصعيدين العالمي والوطني من أجل مكافحة وباء السيدا، إذ تسببت الجائحة في تراجع تحليلات الكشف بنسبة 22 في المائة عالميا، وبنسبة 20 بالمائة وطنيا، وهو التراجع الذي يخشى أن يكون له تبعاته في الرفع من معدلات انتشار وباء السيدا خاصة في أوساط الفئات أكثر عرضة لخطر العدوى.
وأوضح القرقوري خلال ندوة صحفية عقدتها جمعية محاربة السيدا يوم الاثنين الماضي بالدار البيضاء، أن هذا الانخفاض في معدلات الكشف والتحليل يرجع أساسا إلى ظروف الإغلاق والحجر الصحي التي شهدتها بلادنا على غرار دول العالم في بداية جائحة كورونا، كما يعود أيضا إلى انخفاض الوعي العام بأهمية الكشف الأولي في التكفل بمرض السيدا والحد من نسب الانتشار.
وأكد القرقوري أن الجمعية لم تتمكن في تلك الفترة الحرجة من تحقيق معظم أهدافها الرامية إلى الوصول إلى حاملي فيروس فقدان المناعة المكتسبة عن طريق تحليلات الكشف ومتابعتهم في سائر مراحل التعايش مع المرض.
وأعطت الجمعية خلال هذه الندوة انطلاقة الأسبوع الدولي للتحليلة الخاصة بالكشف عن داء السيدا، في دورته الثانية، والذي يطمح المنظمون إلى نجاحه في تدارك التراجع الحاصل في زمن الجائحة. وتنظم هذه النسخة من 22 إلى 28 نونبر الجاري بمبادرة من الائتلاف العالمي لمحاربة السيدا الذي تعد الجمعية عضوا فيه، وبشراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بالمغرب.
وقال القرقوري إن الجمعية ستساهم من خلال هذه المبادرة في تحقيق الأهداف الوطنية لمحاربة السيدا وعلى رأسها تعزيز وتنويع عروض الكشف وتقليص خطر الإصابات الجديدة، وكذا الحد من الوفيات، وتفادي الانتقال العمودي للمرض من الأم إلى الجنين.
وستعمل الجمعية مع شركائها (أكثر من 50 جمعية مدنية)، خلال هذه التظاهرة، على إنجاز أنشطة للتوعية والتحسيس، وتقديم تحليلات الكشف المجانية والسرية الخاصة بداء السيدا والالتهابات الكبدية والتعفنات الجنسية، وذلك على مستوى 100 موقع بـ50 مدينة موزعة على التراب الوطني. كما ستنظم حملة رقمية تعتمد وصلات ورسائل تحسيسية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتكمن أهمية التحليلة الخاصة بالسيدا في كونها الخطوة الأولى نحو وقف انتشار الوباء ورفع مستوى الوعي بسبل الوقاية، من خلال معرفة المصابين بحالتهم وتمكينهم من التعايش بشكل أفضل مع المرض والحصول على العلاج، وبالتالي الحد من المضاعفات ومن خطر الوفاة.
ولأن جميع هذه الأهداف لا يمكن أن تتحقق إلا بفضل جهود مئات المتطوعين والمتطوعات، والمتدخلين/ات والمساعدين/ات، الذي يعملون مع الجمعية في الميدان بصفة يومية، من أجل الوصول إلى الفئات المستهدفة وتقديم الخدمات لها، فإن الأسبوع الدولي للتحليلة يشكل أيضا هذه السنة مناسبة للتحسيس والترافع حول وضعية هؤلاء الفاعلين الأساسيين في جهود محاربة السيدا ببلادنا.
ويوضح القرقوري أن من أسماهم بـ”المستشارين المجتمعاتيين” يقومون بدور هام في القيام بالتحاليل والتوعية بسبل الوقاية وشرح طرق العلاج والتعايش مع المرض. وكشف بالمناسبة أنهم يحصلون على تعويضات عن العمل الذي يقومون به من الجمعية بتمويل من الصندوق العالمي لمحاربة السيدا. لكنهم يعانون في نفس الوقت من غياب إطار قانوني لتدخلاتهم وعدم استفادتهم من أي حماية اجتماعية.
وتسعى جمعية محاربة السيدا إلى تعبئة الجهود من أجل الاعتراف بوضعية هؤلاء المتدخلين/ات من خلال إدماجهم في إطار هياكل المنظومة الصحية، وإحداث مرجع وطني لتدخلاتهم خلال جميع مراحل عملهم إلى جانب المتعايشين مع السيدا، وكذا ضمان نظام حماية لهم ووضع برامج تكوين معتمدة خاصة بهم.
تجدر الإشارة إلى أن جمعية محاربة السيدا التي تأسست سنة 1988، على يد البروفيسور حكيمة حميش، الرئيسة السابقة للجمعية والرئيسة الحالية للائتلاف العالمي لمحاربة السيدا، تعد أول جمعية متخصصة في محاربة السيدا على صعيد منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهدفها المساهمة في الحماية من الإصابة بالداء في أوساط الفئات الأكثر عرضة، وتسهيل الولوج إلى العلاج مع احترام حقوق المتعايشين مع المرض ومحاربة الوصم والتمييز ضدهم.
وتشتغل الجمعية على الصعيد الوطني إلى جانب العديد من الجمعيات الشريكة عبر مختلف جهات المملكة، كما تعمل ضمن عدة برامج شراكة إلى جانب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مما أفضى إلى نتائج إيجابية عل مستوى زيادة عدد التحاليل المنجزة في أوساط الفئات الأكثر عرضة للإصابة، وتعزيز برامج التكفل والولوج إلى العلاج، وكذا خدمات التوعية والتحسيس.
ويقدر عدد المتعايشين مع فيروس السيدا بالمغرب بحوالي 22 ألف شخص، تمكنت جمعية محاربة السيدا من الوصول إلى 17 ألف منهم حيث حصلوا على الكشف والعلاج المجاني (تؤكد الجمعية أن 45 بالمائة من الأشخاص المسجلين حاملين للفيروس بالمغرب قد تم اكتشافهم بمراكز الجمعية مع أنها لا تنجز سوى 10 بالمائة من التحاليل على المستوى الوطني)، فيما قد يصل عدد الحاملين للفيروس ممن يجهلون إصابتهم إلى آلاف الأشخاص الآخرين، حسب تقديرات الجمعية.
> سميرة الشناوي