تتواصل التحقيقات الأمنية والقضائية في الجريمة البشعة لحي الرحمة بسلا في سرية تامة، منذ ثلاثة أسابيع على وقوعها، وهي الجريمة التي أودت بحياة ست ضحايا من أسرة واحدة وأعمار مختلفة من بينهم رضيع لم يتجاوز عمره أربعين يوما.
ويواصل المحققون من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرقة الجنائية التابعة للشرطة القضائية بسلا،استجماع مختلف المعطيات والمعلومات حول ملابسات وظروف الجريمة، من تحليل العينات البيولوجية والمادية المأخوذة من مسرح الجريمة والاستماع لإفادات الجيران وأفراد عائلة الهالكين والبحث في المكالمات الهاتفية التي أجراها بعض الضحايا خصوصا مابين الأب والإبن يوم المجزرة، وذلك بتنسيق مع النيابة العامة، وذلك قصد استخلاص الخيط الناظم للجريمة والجناة والدوافع من ورائها، حيث تتجه التحقيقات إلى ترجيح كفة وقوف عصابة منظمة وراءها، بدافع الانتقام وذلك بسبب وحشية الاعتداءات على الضحايا وإحراقها وانتزاع الكاميرات المثبتة بالمنزل؛ بهدف طمس معالم الجريمة والأدلة معها..
مواقع وصفحات اجتماعية تقتات على الجرائم ..
في الوقت الذي يتابع المحققون أبحاثهم وتحرياتهم، سارعت بعض الصفحات الإجتماعية والمواقع التي انبعثت من الرماد فجأة، سارعت إلى متابعة هذه الجريمة على مدار الساعة حيث يتم نشر فيديوهات بشكل مثير وبتكرار مقزز لنفس المعطيات واجترار ما تنشره بعض المنابر الصحفية، وخلط قضايا وجرائم مستجدة بجريمة حي الرحمة بربطها تارة بحادثة بالكارة وأخرى ببنسليمان أو كرسيف وغيرها، في محاولة أصبحت تنكشف أهدافها الضيقة يوما بعد يوم، من خلال استغلالها لتطلع وترقب المواطنين سواء بسلا أو بباقي مدن البلاد الى جديد التحقيقات وذلك لرفع نسبة المشاهدة واللايكات، دون الإستناد على معطيات رسمية…
بل أكثر من ذلك، قام صاحب أحد المواقع الذي يحمل اسما شعبويا مثيرا إلى قمع التعليقات المنتقدة له بسبب عدم إتيانه بالجديد المؤكد رسميا ، قائلا بشكل مستفز ” معندي مندير بيكم ، أنا كنقل ليكم دكشي لي تيتنشر في الصحف والمنابر ، وكنحلل المعطيات وكنفكر ….” ؛ ناسيا أو متناسيا أن العديد من المتتبعين لجديد التحقيقات فطنوا للعبة ويرفضون استبلادهم، ويطالبون بالجديد المستند على الأدلة والمصادر الرسمية..
وفي هذا السياق، تعالت تعليقات عدد من المتتبعين لبعض هذه المواقع -التي تتناقل المعطيات بشكل متزامن ومتشابه في نفس اليوم !!- ، بانتقاد الواقفين وراءها لعدم اتيانهم بالجديد بل فقط نقل ما يتم نشره في بعض المنابر الورقية أوالالكترونية، على قلته من معطيات لا تستند في أغلبها على معطيات مؤكدة ورسمية، مما يدل على اكتشاف المتتبعين والمشاهدين للأهداف غير المعلنة والضيقة لهذه المواقع والتي لا يهمها بشكل صريح وصادق البحث عن المعطيات المسؤولة التي تخص مجريات البحث الأمني..
وفي انتظار ما ستكشف عنه التحقيقات من معلومات رسمية حول لغز وملابسات وظروف المجزرة، عبر عدد من المتابعين عن أملهم في أن يراجع أصحاب هذه المواقع طريقة تناول هذه القضية وعدم استبلاد المواطنين والتحدث معهم بمسؤولية ونزاهة وصدق وأن يعلموا أنهم ليسوا أوصياء على المجتمع وعلى تناول قضاياه الساخنة …!!
أسرة الضحايا تحذر ….
من جانب آخر ،كان أعضاء من أسرة الهالكين قد طالبوا بعدم إصدار اتهامات دون حجة – خصوصا اتجاه الابن الهالك- وترك الأمن والقضاء يقوم بعمله بكل مسؤولية وحرفية، معبرة عن ثقتها في التحقيقات الأمنية المفتوحة وقدرتها على توضيح ملابسات هذا الجرم البشع الذي تجاوز الحدود في وحشيته والذي لا يمكن أن يصدر إلا عن أشخاص بدون حس إنساني وفاقدي الوعي بشكل كامل …
وخلفت الجريمة ندوبا وجروحا عميقة في نفسية ذوي الضحايا والجيران وكل المواطنين الذين استنكروا بشدة وبكل قوة هذه الجريمة غير المسبوقة وطالبوا بانزال أشد العقوبات على مقترفها أو مقترفيها ..!
أول بلاغ رسمي عن الجريمة يحمل تاريخ وقوعها في 6 فبراير 2021…
يذكر أنه فور وقوع الجريمة، فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بسلا، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة،صباح يوم السبت 6 فبراير، وذلك لتحديد ظروف وملابسات اكتشاف جثت ستة أشخاص من عائلة واحدة، من بينهم رضيع وقاصر، وهم يحملون آثار جروح وحروق من الدرجة الثالثة.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن ضباط الشرطة القضائية وخبراء مسرح الجريمة كانوا قد انتقلوا لمنزل بحي الرحمة بمدينة سلا، لمباشرة المعاينات المكانية والخبرات التقنية بسبب اندلاع حريق في مشتملات المنزل، قبل أن يتم اكتشاف جثت خمسة أشخاص من عائلة واحدة تحمل آثار جروح ناجمة عن أداة حادة وحروق بليغة بسبب اندلاع النيران التي يشتبه في كونها ناتجة عن مادة سريعة الاشتعال، في حين تم نقل شخص سادس من نفس العائلة للمستشفى بعدما كان في حالة اختناق قبل أن توافيه المنية.
وأضاف البلاغ أن المعاينات الأولية تشير إلى انعدام أية علامات بارزة للكسر على أبواب ونوافذ المنزل المكون من طابقين، والذي يتوفر على كلبين للحراسة في سطح المنزل، في حين لا زالت عمليات المسح التقني متواصلة بمسرح الجريمة من طرف تقنيي الشرطة العلمية والتقنية وضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بغرض تجميع كل العينات البيولوجية والأدلة المادية والإفادات الضرورية لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.
ع. عسول