حتى لا نضيع الفرصة

بالرغم من التراجع الواضح في أعداد المشاركين في مسيرات (20 فبراير) لأول أمس، والبروز الكبير لعناصر أصولية متطرفة وبعض المتياسرين في الصورة العامة لهذه الخرجات الأسبوعية، فإن ما سجله المراقبون، خصوصا في الدار البيضاء، يبقى هو الجنوح نحو شعارات مغالية في التصعيد و…اللامسؤولية، وأيضا إحضار عدد من الأطفال والقاصرين لحمل اللافتات وترديد الشعارات، والتواجد في المقدمة عند أي تدخل لقوات الأمن.
بالنسبة للأطفال، لا يمكن للواقفين وراء استغلالهم هذا إقناع أحد بأنهم جاؤوا من تلقاء أنفسهم، ومن ثم يبقى على الجمعيات الحقوقية، وتلك العاملة في ميادين حقوق الطفل بالخصوص، أن تتدخل لتنبه إلى الظاهرة، وتحذر من تعريض الأطفال للخطر، وهو ما فتئت كل المنظمات التربوية والحقوقية عبر العالم ترفضه وتندد بمن يرتكبه.
أما بالنسبة للشعارات، ولنفخ الأوداج واللسان بالكلام وبالرعونة، فنعتقد أن الأمر لا يستحق كثير توقف، لأنه يحيل على خلفيات محركيه، وعلى المتحكمين الحقيقيين في هذه المسيرات، وهذا قلناه مرارا وقاله وكتبه غيرنا، ونعيد اليوم التأكيد على أن شعبنا يريد تحقيق مطالبه الاجتماعية والاقتصادية فعلا، ويريد القضاء على الفساد والمفسدين فعلا، ويريد تحقيق الديمقراطية والعدالة والتقدم، لكنه يريد كل هذا داخل بلد آمن ومستقر، وليس على جثث أبنائه.
غريب حقا أن تواظب حركة ما على الصراخ والمطالبة بالديمقراطية، وفي نفس الوقت تعلن مقاطعة الانتخابات، وتحجم عن التسجيل في اللوائح الانتخابية، ولا تكلف نفسها عناء استيعاب القوانين الانتخابية والاهتمام بما يجري حولها بهذا الخصوص، ولا تشمر على سواعدها للنزول إلى الميدان لمواجهة سماسرة الانتخابات وأباطرة الفساد الانتخابي، وتكتفي، بدل ذلك،  بالمشي السهل والصراخ السهل في الشوارع كل أحد.
إن المدخل إلى الديمقراطية يوجد في انتخابات نزيهة وشفافة، ومن يؤمن بمدخل آخر، عليه أن يصارح شعبنا وشبابنا بذلك، ويعلنها جهارا، ثم إن هذه الانتخابات النزيهة المأمولة لا تنزل علينا من السماء، بل إنها تنتزع عبر عراك سياسي ومدني في الميدان، كما أن التسجيل في اللوائح الانتخابية وامتلاك صوت ورأي هو حق للمواطنات والمواطنين، ولا نفهم كيف لحركة ولشباب يطالبون بحق المشاركة أن يعزفوا عن التسجيل في اللوائح وعن الحرص على نظافتها ومصداقيتها.
إن الحراك الذي يشهده الشارع المغربي في بعض المدن كل نهاية أسبوع، بدأ منذ فترة يواجه الارتباك، ويهدده الاصطدام بالجدار، ومن ثم فهو مطالب بإنقاذ  نفسه من نفسه، والإصرار على إعلاء استقلاليته عن المتطرفين والظلاميين، والتحامه بالنضال الديمقراطي من أجل دولة القانون والمؤسسات…
لنفتح أعيننا جميعا، حتى لا نضيع الفرصة.

[email protected]

Top