حفل الوفاء والعرفان للفنانة الرائدة فاطمة الركراكي

فاطمة الركراكي: أيقونة الدراما المغربية

هي قامة درامية شامخة، انخرطت مبكرا في ترسيخ الحضور النسوي في الدراما المغربية في زمن ندرت فيه المرأة الممثلة.
انطلقت كبيرة، وهي في ريعان شبابها، إلى جانب المؤسسين للتجربة الدرامية المغربية، منذ ستينيات القرن العشرين.
هي واحدة ممن يتصدرن سبورة الرائدات اللواتي صنعن الحدث الدرامي، عبر المشاركات المتميزة انطلاقا من محطات الـتأسيس داخل فرقة التمثيل المغربي وفرقة المعمورة وفرقة القناع الصغير وصولا إلى العديد من الفرق المسرحية المغربية.
حضورها متوهج في الدراما الإذاعية، كما هو الحال في السينما والتلفزيون.
إنها أيقونة متكاملة المواصفات ويكفيها أنها كانت في واجهة القليلات اللواتي أجدن التشخيص بالفصحى، بل هي التي استطاعت أن تتألق في تقديم وتشخيص عشرات الشخصيات الدرامية الإنسانية ؛ ولعل تشخيصها لدور أوفيليا وديدمونة في رائعتي شكسبير أحسن دليل على أن السيدة هي حقا سيدة نساء الدراما المغربية.
ألا تستحق أيقونة بهذا البهاء وقفة تكريم وتحية وإجلال.
كلنا معنيون بكرامة وبمكانة هذه القامة والقيمة النادرتين.
ذ. عبد المجيد فنيش

***

الفنانون المغاربة يحتفون اليوم بالرباط بأيقونة فن التمثيل

ظهرت الفنانة المغربية فاطمة الركراكي، في صورة حديثة لها، في حال جيدة، بعدما حصلت على التفاتة وعناية من طرف النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بتنسيق وتعاون مع وزارتي الثقافة والاتصال والصحة.
وبدت الفناة المغربية القديرة، في صورة لها، سعيدة وسط أعضاء لجنة النقابة، يتقدمهم النقيب مسعود بوحسين بمعية الفنان هشام الوالي، والمنتج والمخرج أحمد بوعروة وبعض أفراد عائلتها، وآخرين…

***

أعلنت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، في بلاغ لمكتبها الوطني توصلت به بيان اليوم، أنها ستنظم احتفالية وازنة تليق بأيقونة فن التمثيل بالمغرب، الفنانة المقتدرة فاطمة الركراكي، تجسيدا للمكانة الكبيرة التي تتبوؤها هذه القامة الفنية الشامخة في قلوب جمهورها، وتفاعلا مع مشاعر الحب والتقدير التي يكنها لها عدد كبير من الفنانين المغاربة..
وأضاف البلاغ أن هذه الاحتفالية التي ستقام يومه الأربعاء 03 يوليوز 2019 بقاعة الحفلات “سمراء” بالرباط على الساعة التاسعة ليلا، تنظم بشراكة بين النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية وجمعية “ملتقى الرباط لإحياء الموروث الثقافي والفني” وقاعة الحفلات “سمراء”، وبتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال، وعدد من المؤسسات الثقافية والإعلامية، وبدعم من محبيها وزملائها من نساء ورجال الحقل الفني والإبداعي ببلادنا..
وسيشارك، حسب ذات البلاغ، في هذا الحفل التكريمي الكبير للممثلة فاطمة الركراكي التي تعد واحدة من رائدات المسرح والسينما والدراما التلفزيونية بالمغرب، العديد من الأسماء الفنية الوازنة (ما يفوق 20 فنانا) من مختلف الأجيال والمدارس الفنية ببلادنا الذين سيصعدون، هذا المساء، لبوديوم الوفاء لإحياء سهرة فنية كبرى بروح تطوعية كعربون على جميل العرفان وخالص المحبة وقيمة الإخلاص والوفاء، ومنهم: نعمان لحلو، البشير عبدو، حاتم عمور، محمود الإدريسي، سعيدة شرف، محمد الغاوي، حاتم إيدار، عصام كمال، تاشنويت، عبيدات الرمى، توفيق البوشيتي، حسنة زلاغ، خالد البوعزاوي، عيساوة (عبد الهادي بنغانم)، عادل الميلودي، مولاي ادريس البوعزاوي، هشام الدكالي، هشام الوالي، عبد الله كويتا وخلود البطيوي…
هذا وتؤكد نقابة مهنيي الدراما بالمغرب، في بلاغها، أنها، إذ تعتز بكل التقدير والاحترام اللذين تحظى بهما هذه الفنانة الكبيرة سواء في الوسط الفني أو لدى شرائح واسعة من الجمهور المغربي، فإنها تسعى بمعية شركائها، أن تجعل من هذا التكريم محطة لترسيخ ثقافة الاعتراف وبادرة أولى نحو المزيد من خلق مناسبات فنية واجتماعية لتكريم القامات الفنية الكبرى بشكل يليق برمزيتها وبوضعها الاعتباري الوازن وبما أسدته من خدمات للفنون والثقافة المغربية.
ولم يفت النقابة وشركاؤها واللجنة المنظمة من الفنانين والفاعلين في المجال، أن تتقدم، في بلاغها الإخباري، بالشكر الجزيل لكل المساهمين، وأن تسجل الحس المهني الذي عبرت عنه العديد من الأسماء المساهمة في الحفل تنظيما وإبداعا، وأن تثمن عاليا المساهمة القيمة للعديد من المؤسسات الحكومية والخاصة وكذا محبي الفنانة وجمهورها.

***

احتفاء تكريمي بالممثلة القديرة فاطمة الركراكي

مسار فني حافل بالتنوع لإحدى أبرز رائدات فن التشخيص بالمغرب

احمد سيجلماسي

بمناسبة الاحتفاء، يوم الأربعاء 3 يوليوز الجاري ابتداء من التاسعة ليلا بقاعة الحفلات «سمراء» بالرباط، بالممثلة القديرة فاطمة الركراكي، نقتطف لكم هذه الورقة عن مسيرتها الفنية الطويلة، وهي منشورة بالجزء الثاني من سلسلة «وجوه من المغرب السينمائي» (2019) لمؤلفها أحمد سيجلماسي:

تعتبر القيدومة فاطمة الركراكي، التي حظيت بعدة تكريمات، رائدة من رائدات التشخيص بالمغرب، فقد تجاوز عمر تجربتها الفنية ستة عقود من العطاء المتواصل (1957 – 2019) في مجالات المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون.
كان دخولها الأولي إلى عوالم المسرح بالصدفة وذلك بفضل المصور والممثل المسرحي عبد القادر بنسليمان، الذي اكتشفها واقترح عليها الانضمام إلى فرقة “التجديد المسرحي” سنة 1957، وهي الفرقة التي كان من بين أعضائها آنذاك العربي الدغمي وعبد القادر بنسليمان وآخرون. ومن المعروف وقتذاك أن عدد الممثلات المغربيات كان محسوبا على رؤوس أصابع اليد الواحدة بفعل الطابع المحافظ جدا للأسر المغربية التي كانت تمنع بناتها من ممارسة التمثيل على خشبات المسارح، ومن بين الممثلات اللواتي سبقن الركراكي إلى التشخيص المسرحي والإذاعي والسينمائي نذكر بشكل خاص الرائدات خديجة جمال وحبيبة المذكوري وأمينة رشيد.
لم يمر وقت طويل على فاطمة الركراكي لكي تندمج مع أعضاء فرقة التجديد وتكتشف أن لها قدرات تشخيصية في حاجة إلى صقل ومزيد من التمرن، وبعد أن تمكن منها عشق أب الفنون وهي لم تكمل بعد عقدها الثاني شاركت في مباراة نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة لاختيار ممثلين وممثلات بغية تكوين فرقة للتمثيل. نجحت الركراكي في الاختبار وبعد مجموعة من التداريب شاركت في مسرحية “عمايل جحا” التي يمكن اعتبارها بمثابة الانطلاقة الفعلية والحقيقية لمسيرتها في التشخيص.
اكتشفت فاطمة الركراكي المغرب بمدنه وقراه كما اكتشفت العديد من الدول الأوربية والعربية وغيرها من خلال جولات فرقة التمثيل المسرحية في الداخل والخارج، وبعد توقف هذه الفرقة التحقت بفرقة المعمورة الشهيرة (1966 – 1974) وكان أول دور لها معها في مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم وتلته أدوار أخرى إلى جانب ممثلين ومخرجين كبار من عيار الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج ومحمد سعيد عفيفي وآخرين.
لم تعمر فرقة المعمورة طويلا رغم نجاح مسرحياتها، وبعد تفككها وتشتت أعضائها التحقت الركراكي سنة 1975 بفرقة مسرح محمد الخامس بالرباط، (مسقط رأسها يوم 14 فبراير 1941)، واحتكت بممثلين وممثلات من عيار محمد الجم ومليكة العماري والهاشمي بنعمر ونزهة الركراكي وعزيز موهوب وغيرهم.
إن هذا الحضور المسرحي المستمر كان يوازيه حضور لا يقل عنه أهمية في أعمال إذاعية مع فرقة التمثيل التي كان يشرف عليها رائد المسرح الإذاعي بالمغرب الأستاذ عبد الله شقرون، وفي أعمال تلفزيونية نذكر منها في السنوات الأخيرة أفلام “آخر طلقة” (1995) للراحل عبد الرحمان ملين (1934 – 2018)، و”أمواج البر” (2001) لمحمد إسماعيل، و”للأزواج فقط” (2008)، و”يما” (2013) لحسن بنجلون، (فازت فيه فاطمة الركراكي بجائزة أفضل ممثلة بالدورة الثانية لمهرجان مكناس للفيلم التلفزيوني)، ونذكر أيضا السلسلة التلفزيونية الفرنسية البلجيكية “أرض النور” للمخرج الفرنسي من أصل أوكراني سطيفان كورك …
أما في مجال السينما فكان لفاطمة الركراكي أول لقاء مع الشاشة الكبرى سنة 1960 من خلال تشخيص دور البطولة إلى جانب الطيب الصديقي في الفيلم القصير “من أجل لقمة عيش” من إخراج الرائد العربي بناني، وبعده ببضع سنوات شاركت، إلى جانب المسرحي الراحل الدكتور محمد الكغاط، في أول أعمالها الأجنبية وهو فيلم قصير أيضا، يطغى عليه الطابع السياحي، من إنتاج ألماني فرنسي أخرجه جان ماسون (JEAN MASSON) سنة 1963 تحت عنوان “شهر عسل بالمغرب”.
وبعد هذين الفيلمين القصيرين توالت الأفلام واختلفت الأدوار، ومن مكونات الفيلموغرافيا السينمائية للممثلة فاطمة الركراكي نذكر العناوين التالية للأفلام المغربية والأجنبية الطويلة التي شاركت فيها: “شمس الربيع” (1969) للطيف لحلو، “السراب” (1979) لأحمد البوعناني، “غراميات” (1986) للطيف لحلو، “كريستيان” (1989) لغابريال آكسيل، وهو فيلم درامي من إنتاج دانماركي إيطالي شارك فيه من الجانب المغربي عبد الله العمراني وفاطمة الركراكي ونزهة الركراكي وعبد القادر مطاع وآخرين، “ياريت” (1994) لحسن بنجلون، “أنا الفنان” (1978 – 1995) لعبد الله الزروالي، “المقاوم المجهول” (1995) للعربي بناني، “وداعا أمهات” (2007) لمحمد إسماعيل… ومن من أعمالها السينمائية الأخيرة “إيما” (2017)، وهو فيلم جميل وعميق للمبدع هشام ركراكي نال جوائز عدة، شخصت فيه على امتداد 26 دقيقة دور امرأة عجوز كشفت لأبنائها الثلاثة قبيل وفاتها بساعات عن سر ثقيل احتفظت به عمرا طويلا.
وقبله لعبت دور البطولة إلى جانب الممثلين القديرين حمادي عمور وعائشة ماهماه في فيلم قصير آخر بعنوان “نهار العيد” (2016) من إخراج رشيد الوالي، تناول فيه وضعية الآباء المسنين وعلاقتهم بأبنائهم.

Related posts

Top