دروس الجوار

في مصر أدى رئيس الوزراء كمال الجنزوري وأعضاء حكومته أول أمس اليمين الدستورية، وجاء فريقه الوزاري متضمنا لاثني عشر وزيرا من حكومة سلفه عصام شرف، وأسماء أخرى عملت في عهد النظام المخلوع، وفي نفس الآن يستمر اللااستقرار في أرض الكنانة، وتتواصل الاعتصامات، وتؤكد نتائج الانتخابات تقدم الإخوان المسلمين، متبوعين بالسلفيين، ويعم الغموض الأفق السياسي للبلاد.
في تونس تحرك الاختلاف ليبلغ مكونات الثلاثي الذي تصدر نتائج انتخابات المجلس التأسيسي، وتكثف الجدل في الفترة الأخيرة مع المعارضة ومع مكونات مجتمعية مختلفة حول عديد قضايا جوهرية، وأيضا حول الحاجة إلى وضوح الأفق السياسي في البلاد.
في الجزائر، تعمم الأخبار اعتزام بوتفليقة الترشح للمرة الرابعة، ويثير قانون جديد للأحزاب صودق عليه مؤخرا الكثير من الجدل والخشية من انعكاساته المستقبلية، بالإضافة إلى التزام السلطات هناك صم آذانها عن كل مطالب الإصلاح السياسي المعبر عنها من لدن أطراف متعددة، وهنا أيضا المستقبل يلفه الكثير من الغموض.
ثمة قاسم مشترك في النماذج الثلاثة المجسدة لجوارنا القريب، ويتعلق بقلق شعبي واضح جراء غياب وضوحية المستقبل السياسي، وهو ما يمثل درسا لنا هنا في المغرب يجب الاستفادة منه.
لقد جرت في البلاد كثير خطوات وأحداث وإجراءات وإشارات منذ خطاب الملك في تاسع مارس، وخصوصا منذ فاتح يوليوز، تؤكد قوة الإرادة الدافعة والمحفزة نحو تكريس دينامية الوضوح في منظومتنا السياسية والمؤسساتية.
في البلاد اليوم دستور جديد، يشهد الكل بتقدم مضامينه، وقد عاشت البلاد انتخابات تشريعية سابقة لأوانها قبل الكل نتائجها، وتتواصل اليوم المساعي والمشاورات لهيكلة أغلبية تتولد عنها حكومة سبق أن عين جلالة الملك رئيسها طبقا لأحكام الدستور الجديد، وهذه كلها ضمانات من شأنها بلورة الاتفاقات السياسية الكبرى التي ستؤطر المرحلة المقبلة من صيرورتنا الديمقراطية.
إن مضمون الدستور الجديد، ونتائج الانتخابات، وقوة الإرادة الملكية الداعمة لمسار التغيير، هي محددات التميز المغربي، وهي التي جعلتنا نتفادى إعادة إنتاج ذات المنغلقات التي تكبل اليوم المشهد السياسي في مصر، وإلى حد ما في تونس، ولمواصلة النجاح في هذا التميز والرفع من سرعته التصاعدية، من الضروري التفاف مختلف القوى والإرادات الفاعلة حول أهمية الدفع بكامل هذا المسار إلى الأمام، وجعل الوضوح ينتصر على التحكم، ودولة القانون تهزم كل لوبيات المقاومة وأوساط الريع والفساد.
إن في كل الإرباكات التي تعاني منها مصر وتونس، والمآسي التي تتواصل في اليمن وسوريا، والمخاطر التي تهدد مناطق أخرى في جوارنا المغاربي والعربي، الكثير من الدروس التي توجهنا كلنا إلى ضرورة اليقظة والاستنفار من أجل إنجاح ديناميتنا الديمقراطية المتميزة.
[email protected]

Top