زلازل وكوارث هزت العالم..-الحلقة 16-

على إثر الزلزال مدمر الذي هز تركيا وسوريا الشهر الماضي، والذي تلاه ما يزيد عن 4000 هزة ارتدادية، وهزات أخرى كانت أعنف، تعود بين الفينة والأخرى مجموعة من السيناريوهات التي تقض مضجع الناس حول ماهية هذه الكوارث وطبيعتها وكيف تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها.

وخلال الأشهر القليلة الماضية فقط ضربت عدد من الهزات الأرضية دولا متعددة، وسجلت دول أخرى فيضانات وسيول جارفة، وأدت هذه الكوارث في مجملها لوفاة الآلاف من الناس والتأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على الملايين بدول مختلفة.

بيان اليوم ومن خلال هذه النافذة الرمضانية، تعيد شريط مجموعة من الأحداث التي عرفتها دول مختلفة، وضمنها بلادنا المغرب، حيث هزت، بين ليلة وضحاها، كوارث طبيعية شعور الناس وشدت الانتباه إليها وخلقت حالة من التحول في مسار الملايين.

زلزال سيتشوان 2008.. زلزال دمر 5 مليون مبنى وشرد 15 مليون شخص

تعيش الصين هي الأخرى كوارث متعددة، وتضرب فيها بشكل متكرر زلازل مدمرة، كما هو الحال مع الزلزال الذي ضرب إقليم خبي سنة 1976 بقوة 7.6 درجة على سلم ريشتر، وأدى إلى مقتل بين 242 ألف و655 ألف شخص وشرد الملايين، والذي يعد الزلزال الأكثر دموية في القرن العشرين والثالث من حيث عدد القتلى في التاريخ المسجل.

ويعيش سكان الصين بين فينة والأخرى مخاطر الكوارث الطبيعية التي من الممكن أن تضرب البلاد، لكنها تبقى كوارث متوسطة من حيث الخسائر، وليس على غرار كارثة خبي سنة 1976.

وإن كان زلزال خبي الذي كما قلنا يعد الأكثر دموية في القرن العشرين والثالث من حيث عدد القتلى في التاريخ المسجل، فإن الزلزال الذي ضرب البلاد في عام 2008، يعد واحدا من أسوأ الكوارث التي ضربت الصين في القرن الحالي.

وتعود تفاصيل هذه الكارثة إلى 12 ماي 2008 بمقاطعة سيتشوان، التي تقع جنوب غرب الصين، حيث ضرب زلزال بقوة 8 درجة على سلم ريشتر، على الساعة الثانية والنصف تقريبا بالتوقيت المحلي.

أدى هذا الزلزال إلى هلع كبير بين السكان، خصوصا وأنه جاء بشكل مفاجئ في منتصف النهار، كان البعض حينها في دوام العمل بينما آخرون كانوا في فترة الاستراحة، قبل أن تتحول شوارع المدينة وأحياءها إلى دمار هائل، فيما خرج الكثيرون هربا نحو الفضاءات المفتوحة، فيما كان الهلع يسيطر على الجميع.

كانت هذه الكارثة غير المتوقعة ضخمة للغاية منذ عقود، وأدت إلى خراب هائل وخسائر مهولة، بالرغم من كون بعض التقارير تشير إلى أن الخسائر البشرية كانت لتكون أكثر في حالة ضرب الزلزال ليلا والناس نيام، حيث أن بداية الكارثة صادفت منتصف النهار وأغلب الناس مستيقظين، وتمكن الكثير منهم من مغادرة فضاءات العمل ومغادرات المنازل والمباني التي يتواجدون فيها نحو فضاءات أخرى مفتوحة، كما تمكن البعض من اتخاذ وضعيات وتعليمات السلامة في حالة الزلازل.

وإن كانت هذه المعطيات والتقارير قد أكدت أن توقيت الزلزال قد ساهم في وقوع ضحايا أقل، إلا أن السلطات وبالرغم من ذلك أحصت مقتل ما يزيد عن 87 ألف شخص، وإصابة أزيد من 374 ألفا، وما يقارب 19 ألف شخص مفقود، والذين رجحت التقارير حينها أن يكونوا لقوا حتفهم.

كما أعلنت السلطات عن تضرر أكثر من 45.5 مليون شخصا في 10 مقاطعات ومناطق مختلفة، وجرى على إثر ذلك إجلاء ما لا يقل عن 15 مليون شخص من منازلهم، ووجد أزيد من 5 ملايين شخص أنفسهم مشردين.

وماديا، أحصت السلطات خسائر مادية جسيمة، من ضمنها انهيار ما يقدر بنحو 5.36 مليون مبنى وتضرر أكثر من 21 مليون مبنى آخر، من ضمنها منشئات عامة، فيما جرى تقدير الخسائر الاقتصادية الإجمالية بنحو 86 مليار دولار.

أثرت هذه الكارثة بشكل كبير على الصين، وعلى مواطنيها الذين تأثروا بهذه الكارثة، ولو بشكل مباشر، بين من فقد ذويه، أو أصدقائه، وبين من فقد منصب عمله، او تضررت مشاريعه أو فقد إحدى المباني التي في ملكيته، إذ أن الدمار كان هائلا بشكل لم يكن متوقعا، خصوصا وأن الصينيين عموما يتعايشون مع عدد من الكوارث التي تضرب البلاد بين الفينة والأخرى.

بعد جهود كثيرة من الإنقاذ، تكررت بعد اسبوع تقريبا هزة أخرى، وكانت الهزة الارتدادية الأعنف ذلك الأسبوع، حيث حدثت بقوة 6.1 درجة في إقليم سيتشوان، وحسب المركز الأمريكي للمسح الجيولوجي كانت الهزة على عمق 50 كيلومترا تقريبا وضربت منطقة تبعد 80 كيلومترا غربي منطقة جوانجيوان.

وبالرغم من الهزات الارتدادية التي كانت تعيق عمليات الإنقاذ والإغاثة أو تزيد من مصاعبها، والتي أدت في بعض الحالات إلى ارتفاع عدد الضحايا خصوصا ممن كانوا عالقين تحت الأنقاض نتيجة الزلزال الأول، إلا أن العمليات استمرت إلى حين إعلان توقفها، إذ أعلنت السلطات حينها أن عدد القتلى الجمالي انخفض إلى ما بين 32 ألف و50 ألف قتيل جراء الزلزال وتوابعه، فيما تشبثت مجموعة من التقارير بالرغم الذي يشير إلى مقتل ما يزيد عن 87 ألف شخص.

عقب هذه الخسائر المهولة، استقبلت الصين مجموعة من الإعانات والمساعدات الخارجية، والتي ساهمت فيها بلدان مختلفة بعضها بالإعانات المادية والبعض الآخر بالمساعدات العينية.

وهكذا استطاعت الصين من خلال مهرجان تلفزيوني أذيع على تلفزيون الصين المركزي يوم الأحد 18 ماي من نفس السنة، من جمع تبرعات تقدر بـ 1.5 مليار يوان، أي ما يعادل 216 مليون دولار، كما استقبلت مساعدات أخرى، من ضمنها مساعدات من طرف الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية والتي شملت موادا غذائية وأدوية ومعدات طبية وخيم تبلغ زنتها 10 أطنان، فيما كانت المملكة العربية السعودية أكبر مانح للمساعدات للصين، حيث قدمت السعودية أكثر من 40 مليون دولار كمساعدات مالية و8 مليون دولار كمساعدات غذائية.

كما استقبلت الصين مساعدات ميدانية للإغاثة من دول كوريا الجنوبية، روسيا، وسنغافورة ودول أخر ساهمت وشاركت بفرق إنقاذ خاصة في عمليات الإغاثة والبحث عن ناجين وتقديم الرعاية الطبية للمنكوبين جراء الكارثة.

  • إعداد: محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top