يصاحب انقطاع الطمث عند المرأة الكثير من المتاعب الصحية من بينها هبات الحرارة وآلام أسفل الظهر والمفاصل ما يشعرهن بعدم الراحة في حياتهن اليومية، وكثيرا ما يصف لهن الأطباء المختصون الهرمونات التعويضية لتساعدهن في التغلب على أعراض انقطاع الدورة الشهرية، غير أن الشائعات التي تقول بأن لهذه الهرمونات تأثيرات سلبية على صحة المرأة تجعلهن يترددن في الالتزام بأخذها.
ويقول استشاري أمراض النساء كمال إسماعيل إن سن اليأس بالنسبة لمعظم النساء عملية تستغرق سنوات، حيث تشهد انخفاضًا أو تناقصًا تدريجيّا في إنتاج الهرمونات التناسلية، ومع انخفاض مستويات الأستروجين وعدم انتظام الدورة الشهرية ثم توقفها تمامًا، تظهر أعراض كلاسيكية لسن اليأس مثل هبات الحرارة والإعياء والتعرق الليلي وتقلبات المزاج والجفاف المهبلي والارتشاح السيولي والنسيان واضطرابات النوم، ومن شأن العلاج التعويضي بالهرمونات أن يخفف من حدة هذه الأعراض، ويمكن البدء به بمجرد بدء علامات أو مؤشرات سن اليأس.
ويؤكد إسماعيل أنه للحصول على حماية قصوى ضد هشاشة العظام وأمراض القلب، يُفضل البدء بتعاطي الهرمونات التعويضية عند اقتراب سن اليأس. وتستطيع النساء الأكبر سنًا واللواتي أمضين سنوات منذ أن دخلن مرحلة استعداد الجسم لانقطاع الطمث أن يستفدن من العلاج التعويضي بالهرمونات. والنساء اللاتي لا يستطعن أو لا يرغبن في الإقلاع عن التدخين يدخلن سن اليأس في وقت أبكر من الوقت الذي تدخل فيه غير المدخنات سن اليأس، كما يواجهن خطرًا أكبر في ما يتعلق بالإصابة بهشاشة العظام وأمراض القلب.
من جانبه يشير أستاذ أمراض النساء بجامعة قناة السويس حسام جلال إلى أن هبوط مستويات الأستروجين خلال سن اليأس يعمل على تسريع فقدان العظام لكثافتها لدى جميع النساء. وتواجه المرأة التي تدخل سن اليأس قبل الخامسة والأربعين عاما من العمر أو التي أجرت عملية استئصال للرحم خطرا أكبر في الإصابة بهشاشة العظام.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه بالإمكان تقوية العظام فاقدة الكثافة خلال فترة تتراوح بين 18 و24 شهرًا من استخدام العلاج التعويضي بالهرمونات، وذلك إذا تم البدء بالعلاج في فترة قريبة من آخر دورة شهرية. وتتوقع العديد من الدراسات أن تواجه النساء فوق الخمسين عامًا اللاتي يتعاطين العلاج التعويضي بالهرمونات لعشر سنوات أو أكثر خطرًا محدودا في ما يتعلق بالإصابة بسرطان الثدي، لذا فإن أولئك اللاتي لديهن تاريخ شخصي مع المرض أو لديهن قريبة مباشرة أصيبت به ينصحن إما بعدم تعاطي العلاج التعويضي بالهرمونات وإما بالحد من عدد سنوات تعاطيه.
من جهة أُخرى أظهرت بعض الدراسات أن النساء اللاتي يستخدمن العلاج التعويضي بالهرمونات أو يعانين من سرطان الثدي، يقل معدل الوفاة لديهن بسبب المرض قياسًا باللاتي لا يتعاطين علاج الهرمونات.
وبحسب تفسير أستاذ أمراض النساء فإنه قبل سن اليأس يقوم هرمون الأستروجين بوظيفة مثالية في ما يتعلق بحماية الشرايين من تراكم دهون الدم، كما يُساعد في الحفاظ على جدران الأوعية الدموية صحية ومرنة، ويبدو من المنطقي أن يُساعد العلاج التعويضي بالهرمونات في استمرار هذه الحماية بعد سن اليأس. وتدعم بعض الدراسات هذا المنطق، حيث تظهر وجود انخفاض بنسبة 40 بالمئة في أمراض القلب والسكتة الدماغية لدى النساء اللاتي يستخدمن العلاج التعويضي بالهرمونات.
ويرى المختصون أنه من الطبيعي أن تكون هناك آثار جانبية عند استخدام العلاج التعويضي بالهرمونات للمرة الأولى، وقد تشمل هذه الآثار زيادة في الوزن أو آلاما في الثديين أو غثيانا أو تقلصات في الساق.
ويقول أستاذ أمراض النساء والتوليد أسامة عبدالرحمن إن هناك حالات يتم فيها استخدام الهرمونات التعويضية، منها معاناة السيدات بعد انقطاع الطمث من الآثار السلبية لانخفاض الهرمونات الأنثوية، وتعرض النساء إلى الفشل المبكر للمبيض. وخضوع النساء للعلاج بالأشعة أو العلاج الكيميائي، ومعاناة الفتيات من تأخر في ظهور الصفات الأنثوية، ومن تأخر في نضوج المبيض.
وتتوافر الهرمونات التعويضية بأشكال مختلفة مثل أقراص الأستروجين، وأقراص البروجستيرون، وأقراص مكونة من مزيج من البروجستيرون والأستروجين، والرقع الجلدية اللاصقة، وكذلك حبيبات الهرمون.
ولكن التأثيرات الإيجابية للهرمونات التعويضية لا تنفي ما لديها من آثار جانبية مثل الصداع والشعور بالغثيان، والإحساس بآلام في الثدي، وزيادة الوزن التي قد تؤدي إلى الإصابة بالجلطات الدموية في الرئتين أو الجلطات الوريدية في الساقين، وقد تؤدي أيضا إلى حدوث السكتات الدماغية والنزيف الداخلي، لذا ينبغي على الطبيب إجراء فحوصات شاملة قبل اعتماد العلاج بالهرمونات التعويضية.