الراوبط الاجتماعية لها تأثير إيجابي في تكوين واستقرار شخصية الإنسان. لكن هذه الأهمية تزداد مع تقدمه في السن. دراسة حديثة تكشف عن نتائج مثيرة حول الروابط الاجتماعية والإصابة بمرض الخرف.
لا شيء يضاهي التواجد في كنف محيط أسري دافىء، وذلك لما للعلاقات الأسرية والاجتماعية بشكل عام من أهمية في تكوين شخصية متوازنة ومستقرة للإنسان. بيد أنه وحسب آخر الإحصاءات، باتت العزلة الاجتماعية منتشرة بشكل واسع حول العالم.
وفق دراسة استقصائية أجريت عام 2017، نقلا عن موقع (no Isolation)، يقضي نصف مليون شخص فوق سن الستين في بريطانيا كل يوم بمفردهم، وفي ثلثي البلدان الأوروبية أكثر من واحد من كل عشرة أشخاص فوق 65 عاما إما ليس لديهم أصدقاء أو لا يلتقون بهم أبدا.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يعاني 1 من كل 4 أشخاص فوق سن 65 عاما من العزلة الاجتماعية، وفق المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة. العزلة الاجتماعية قد تؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، لكن بالأخص كبار السن.
هذا ما أظهره باحثون من الولايات المتحدة الأمريكية من خلال دراسة جديدة نشرت نتائجها في مجلة الأكاديمية الأمريكية لطب مكافحة الشيخوخة (A4M)، ونقلتها مجلة Aponet التابعة لـ”الجمعية الاتحادية لاتحادات الصيادلة الألمان” (ABDA). وكشفت أن العزلة الاجتماعية تزيد من احتمالية الإصابة بمرض الخرف لدى كبار السن.
من بين 5022 شخصا شاركوا في مسح وطني للشيخوخة الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية، أبلغ ربع الأشخاص المشاركين تقريبا (1172 شخصا أو 23 بالمائة) عن شعورهم بالوحدة والعزلة الاجتماعية.
أهمية الراوبط الإجتماعية في زمن الأوبئة
إلى جانب عوامل مثل العمر أو الجنس أو غيرها من المشاكل الصحية، كان الأشخاص المعزولون اجتماعيا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 28 في المائة على مدى السنوات التسع المقبلة مقارنة بالأشخاص الذين لم يشعروا بالوحدة.
وعن نتائج هذه الدراسة وأهميتها في تحسين صحة الإنسان في عمر متقدم، قال البروفيسور، توماس ك. م كودجو من كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور: “تزداد أهمية الروابط الاجتماعية وتأثيرها على صحة الإنسان في سن الشيخوخة. وتعمل دراستنا على تحسين فهم الآثار الضارة للعزلة الاجتماعية على خطر الإصابة بالخرف مع مرور الوقت. آمل أن يكون هذا بمثابة دعوة لنا جميعاً للوعي والتفكير بشكل أفضل في دور الروابط الاجتماعية في صحتنا المعرفية “.
دراسات عديدة سابقة تناولت مشكلة الوحدة والعزلة الاجتماعية ومدى تأثيرها على رفاهية وصحة الإنسان. غير أن جائحة كورونا قد عمقت من هذه المشكلة وحثت على البحث عنها. ويعتقد مؤلفو الدراسة أنه من الممكن أن يؤدي توضيح الآلية التي تعزز بها العزلة الاجتماعية الخرف إلى حلول جديدة للوقاية من الخرف والتخفيف منه مستقبلا.