يخوض المحاسبون المعتمدون جولة ثانية مصيرية في معركتهم ضد الحكومة باتخاذ قرار توقيف العقود، احتجاجا على تمرير غرامات مالية غير مسبوقة ضدهم بمشروع قانون المالية الذي تمت المصادقة عليه في جلسة عمومية بالأغلبية.
ويأتي تصعيد المحاسبين المعتمدين من أجل إسماع صوتهم قبل التصويت بمجلس المستشارين على مشروع قانون المالية في جانبه المتعلق بالمادة 206 مكرر والتي تتضمن فرض غرامة مالية تصل الى 1000 درهم في حال ارتكاب أي خطأ او ملء معلومات ناقصة تتعلق بتسجيل عقد أو اتفاق عبر البوابة الخاصة بالمديرية العامة للضرائب.
يتواصل الجدل حول مشروعا ق الما لسنة 2025 والذي نجحت الحك مة معومة بالاغلبية في تمريره خلال الدلسة العمومية في انتظار نفس المعركة بمجلس المستشارين
في هذا السياق أصدر المحاسبون المعتمدون “عبر تنسيقيتهم الوطنية بلاغا كشفوا من خلاله عن ورود غرامات مالية غير مسبوقة بقانون المالية في مواجهة مهنيي هذا القطاع، وهو ما عبر عنه المحاسبون الغاضبون في بلاغهم ب”حالة القلق والترقب ” في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التصويت بمجلس المستشارين على مشروع قانون المالية في جانبه المتعلق بالمادة 206 مكرر والتي تتضمن فرض غرامة مالية تصل الى 1000 درهم في حال ارتكاب أي خطأ او ملء معلومات ناقصة ننعلق بتسجيل عقد او اتفاق عبر البوابة الخاصة بالمديرية العامة للضرائب.
وأوضح عضو في تنسيقية المحاسبين المعتمدين، في تصريح لبيان اليوم، بأن الإجراء الاستثنائي الذي حملته المادة 206 من مشروع قانون المالية يعتبر سابقة في تاريخ التشريع المغربي لما يشكله من مخاطر على مهنيي القطاع الذي باتوا مهددين بتغريمهم بسبب ارتكابهم أخطاء في تسجيل المعلومات.
وإذا كانت وزارة الاقتصاد والمالية تبرر هذا التغريم برغبتها في الحصول على قاعدة بيانات دقيقة وخالية من الأخطاء، فإن المحاسبين المعتمدين، وفق مصدرنا، يتهمون الوزارة ذاتها، بالمقابل، بالاقتصار على فرض العقوبات المالية باحثة عن أعذار لتحصيل الذعائر والغرامات والزيادات وصوائر التحصيل، علما أنها تملك كل الامكانيات التكنولوجية والبشرية لاكتشاف الأخطاء وتسهيل عملية التصحيح على المهنيين.
وما يزيد من ترجيح كفة المحاسبين المعتمدين في حربهم ضد الحكومة هو لا دستورية مقتضيات المادة 206 في مشروع قانون المالية، لكونها جاءت ليس فقط حاملة لتدابير عقابية في حق المهنييين، بل أيضا وأساسا، لكونها تصادر الحق في الطعن أو الشكاية لدى الادارة التي ترغب فقط في استخلاص الغرامات بشكل فوري دون اتباع أي مسطرة قانونية، مما يعتبر، بحسب المهنيين، خرقا سافرا للدستور المغربي الذي يكفل حق الدفاع لكل من لم يرقه قرار إداري صادر ضده.
وتساءل مصدرنا حول إمكانية إشهار وزارة المالية لذات التدبير في حق موظفيها إذا امتنع المهنيون عن القيام بإجراء تسجيل العقود، خصوصا في غياب تقنية التسجيل الالكتروني،حيث نبه، في هذا السياق، الى ما أسماه صعوبة الحصول على المعلومة الضرورية التي تشير اليها المادة 206 مكرر في مشروع قانون المالية 2025، مثل رقم الملكية والمساحة وطبيعة العقار، خاصة بالنسبة لتسجيل عقود الكراء، مشددا على أن هذه المادة ستثير الخوف من الإقدام على عمليات تسجيل العقود لأن غياب المعلومة وصعوبة الحصول عليها سيجعل المحاسب المعتمد يفضل أن لا يقوم بعملية التسجيل عوض أداء غرامة 1000 درهم عن كل عقد به أخطاء.
ووفق ما صرح به العديد من المهنيين، فإن المادة 206 مكرر تعتبر أبرز نقطة تسترعي الانتباه في مشروع قانون مالية ترغب الدولة في جعله فرصة لتسريع عملية رقمنة القطاع المالي والإداري، إلا أن ذلك يتزامن مع تحديات كبيرة، خاصة للمحاسبين المعتمدين، والعدول، والموثقين الذين يمثلون خط الدفاع الأول في تأمين الشفافية والنزاهة في التعاملات المالية، ويواجهون عبئا إضافيا مع فرض غرامات مالية كبيرة على عقود قد تكون غير متوافقة مع المعايير الجديدة. فعلى الرغم من أنهم يقدمون خدمة حيوية تعزز من سلامة العقود والتعاملات المالية، إلا أنهم يصبحون عرضة لخسائر فادحة في ظل هذه الغرامات، مما يشير إلى عدم التوازن بين الأعباء المالية المفروضة والموارد المتاحة لهؤلاء المهنيين.
ولا يعارض المهنيون مواصلة الجهود لرقمنة قطاعهم من أجل تحسين المناخ الاستثماري وتعزيز الشفافية في المعاملات المالية في أفق استراتيجية المغرب الرقمي 2030 ، بل يطالبون فقط بأن تواكب السياسات المالية تطلعاتهم ومصالحهم، وضمان تحقيق العدالة في تطبيق أي مادة جديدة ضمن مشروع قانون المالية.
مصطفى السالكي