
يوما عن يوم تزداد محنة السلطات المحلية أو بالأحرى محنة قياد المقاطعات الثلاثة وأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة بسوق السبت مع قراراتهم الجريئة القاضية بتحرير الملك العام من المتجبرين والنافدين ممن احتلوا مساحات شاسعة أمام منازلهم ومحلاتهم وعماراتهم .
عملية التحرير هاته، أمست مغامرة كبيرة بعدما طالت عائلات تمتعت ولسنوات في ملك الدولة، واعتقدت أنها فازت به إلى درجة أنها حولت ما استولت عليه إلى حدائق مملوءة بالأشجار والزهور، وبنت الأسوار، واطمأنت إلى أنها صاحبة هذا الملك أو ذاك وهي في الأصل لا تملك منه حبة خردل.
قيّادو المقاطعات، وجدوا أنفسهم أمام سؤال يتكرر بدل مرة ألف مرة، وتلخصه جملة “مال فلان وفلان” “إوى عنداكم ماتهدموا لفلان” وهي كلها إشارات إلى المسنودين وذوي النفود وأصحاب الجاه من المنتخبين أو غيرهم، ومع تكرار هذه التنبيهات يزداد الحمل ثقلا في غياب دعم قوي من المجتمع المدني الذي اكتفى بمباركة العملية من بعيد ليس إلا، وبتوجيه إنذارات للسلطة من أجل أن تتحمل مسؤولياتها في التعامل مع الساكنة على قدم المساواة وهو الموقف الذي يصفه البعض بـ” المحتشم ” إذ يرى بعض الحقوقيين أن الأمر يستلزم المواكبة والتتبع مع تسجيل هذه اللحظات بكل جدية، لأن سلسلة الإصلاح وكما يتطلع المجتمع المدني نفسه لازالت في بدايتها، فالخلافات الأكبر تهم الملفات المتعلقة بالتجزيء السري والبناء العشوائي والصفقات المشبوهة وربط المسؤولية بالمحاسبة ووو.
وإلى ذلك الحين، يبقى الرهان هو دعم كل خطوة هادفة إلى تغيير مظاهر المدينة نحو الأحسن والوقوف إلى جنب السلطات المحلية من أجل تنفيذ عملها على أحسن وجه، دون ضغوطات فوقية، ودون اتصالات هاتفية، ودون غض الطرف عن هذا أو ذاك. فالمواطنون سواسية كأسنان المشط، والأجدر بمن يبعث تهديده ووعيده من رجالات المدينة أن يكون السباق إلى الترحيب بهذه الخطوة، لأنه وأمثاله القدوة وما أسوأ قدوة بك يا مدينة سوق السبت مدينة الجروح والآهات.
وجدير ذكره في هذا السياق، أن السلطات المحلية تحت إشراف قائدي المقاطعة الأولى والثانية وبدعم من القوات المساعدة وأعوان السلطة، وبحضور القائد المحلي للوقاية المدنية، واصلت عملياتها، لتحرير الملك العمومي من المترامين عليه.
وقد جاءت هذه الحملة، التي وُصفت بالجادة، بعد انتهاء المهلة الزمنية التي منحتها السلطة المحلية لكافة المترامين على الملك العام، وأسفرت ولأول مرة على هدم العديد من الأغطية البلاستيكية والحواجز والأسوارالحديدية التي كانت تستعملها المقاهي والمحلات التجارية وبعض المنازل السكنية دون سند قانوني.
وطالت جرافة السلطة كافة أسوار المقاهي والأسيجة الحديدية للمترامين على الملك العام بما في ذلك تلك التي تهمّ أشخاص نافدين ومنتخبين ورجال سلطة متقاعدين، حيث لم يكن الإستثناء حاضرا على الإطلاق أمام آلة الهدم، وكان المعيار الوحيد المعتمد هو مدى احترام هذا الشخص أو ذاك للنص القانوني أو المسطرة المعمول بها فيها الإطار .
دقة العملية وجدّيتها، خلفت ارتياحا لدى المواطنين، ولدى باقي الفئات المهتمة من جمعويين وحقوقيين الذين تتبعوا أطوار الحملة، وخاصة منهم أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي وصف رئيس فرعها المحلي العملية بالمُهمّة، وقال انه يجب مواصلة هذا العمل بكل شوارع المدينة وأزقتها لتحرير الملك العام، والضرب على أيدي المتعنتين ممن حولوا أرصفة الشوارع إلى دكاكين تجارية والاشتغال وفق مبدأ سواسية المواطنين أمام القانون .
ويبقى المطلب الأخير بعد هذا الصدى الذي خلفته هذه الحملة هو مواصلة العمل وبنفس الطريقة دون ميز او فرق بين كافة المواطنين مهما كانت مكانتهم وذلك تفاديا لأي تأويل خاطئ للعملية برمتها، مع تحمل كافة الأطراف المعنية مسؤولياتها