> بقلم: ابراهيم قهوايجي
في الصراحة أنا واقع في في مأزق جميل يخص تقديم شهادة عن الشاعر المحتفى به إدريس الملياني، فإن أنا أسهبت فيما قدمه الرجل ضاع وقت الحفل، وإن أنا اختصرت شعرت بالتقصير المخل، ولكني أعتمد على أن رجلا مثل إدريس الملياني، لا يحتاج إلى تقديم، فالجميع أعلم به وأدرى بما قدم.. وما أعطى لمسيرة الشعر المغربي الحديث والمعاصر، بل وللمشهد الشعري العربي، بله خريطة الشعر العالمي الحديث والمعاصر.
في هذا المقام أستاذي الكبير مولاي إدريس الملياني تفرّ مني حروف أبجديتي رهبة وانحناء أمام ياقوت مفرداتك ومرجان قصيدك، ألوذ مني إليّ. . إلى حروف كَتَبْتَك فقرأتُها، وكم كان عزفك يزُفّ لي من الدهشة أنهارا . . وكم يشبهك البحر يا مولاي إدريس.
أأندب الحرف أم أستنهض القلما
أم للرؤى وقفة تستنطق الكلما
أم يخبر الدهر والأشعار مُسفرة
من ذا هناك ومن ذا فى الديار سما؟
حبيبي، اليوم تحتضنك جمعية الهامش بكل حب وعرفان شاعرا مغربيا أصيلا.. شاعرا ومترجما وإعلاميا ثقافيا.. ولهذا بادر نا في ملتقى جرسيف الدولي للشعر والتشكيل لتكريمك وأنت التكريم الذي أنت تكريمه.. وتكريمك جاء من باب التقدير لمسيرتك الشعرية منذ الستينات، وأنت لا تكفّ عن تطوير جمالياتها باستمرار..
شاعرنا الكبير إدريس الملياني
جرسيف تكرمك اليوم وتمنحك مواطنة الجمال عرفانا منها بعطاءاتك الغزيرة الثمينة في كتابة القصيدة كما في ترجمتها.. ومشرفا على ملحق جريدة البيان الثقافي..
ومن جميل الإبداع أن تحط رحالك هذه المرة في إقليم جرسيف .. لتسكب قارورة الشعر في مساكب السمع والقلب وأنت تغمرنا بشعرك وحبك المكين، وعبقك المرصع بالقداسة الشعرية والمهابة الإنسانية.. وكأنك المولود هنا .. وخالص ما بين والماء والماء .. وسبحان من جعل الماء حياة لكل حي.
فها أشعارك للناس الطيبين ترقصُ في نشوة وأنت تغمضُ عينيكَ حتى ترى نجمة القطب بيضاءَ..
حبيبي أحبك في الشعر حد إنسانيتك الباذخة، وأنت القلب الكبير الذي ينبض شعرا يمعن في التجلي.. وأنت العين التي تسقي عوالم قبحنا بماء الشعر. .
في مدار الشمس رغم النفي
ترقص زهرة الثلج
حداداً عليّ..
وفي ضيافة الحريق
بعيدا عن كثب
تغني مغارة الـريح
نشيد السمندل، وهلم جمالا..
حبيبي عرفتك منذ أكثر من عقدين باعتباري قارئا لمتونك الشعرية هنا وهناك، ولما اقتربت منك في اللقاءات والملتقيات الشعرية الوطنية- القليلة طبعا- ألفيتك رجلا وأخا فاضلا، حميد الخصال.. رجلا أديبا أريبا وشاعرا رفيفا شفيفا، ومشجعا للواعدين من الشعراء.. إنسانا شهما ومعطاء يستحق منا أن نعطيه من وقتنا ومن جهدنا ومن قراءتنا أيضا..وما التكريم إلا جزء يسير مما تستحق، اخترنا له مكان الهامش المناسب نكاية في المركز ليشهد الوطن على ما قدمته، وتكريمك هو تكريم للشعر والشعراء المغاربة .
يزهو سرير الشعر تحتك راسخا
وعلى جبينك تفخر التيجان
حبيبي أنوه بقصائدك التي أوقدتها على أسطر الوجود الولهى لتصنع جماله نبرا مصفى على تراب جنوبنا الأصفى. فتقديرا لكل جمالك على تخوم الغيم والماء في الحقيقة والمجاز.. أدعو المولى عز وجل أن تبقى على صلاتك وعشقك حتى تصيب من الخير والحب والجمال ما تطلب ..
صوْتٌ تألَّقَ في العلياءِ و ابتردَا
تظُنُّهُ في مراقي الشعر مُعْتَقَلاً
يعلو ويعلو،و في الخيراتِ قدْ سَجَدا
يطيرُ شعراً، معَ الآمالِ مُتَّحِدَا
هامش:
نص الشهادة التي شارك بها الكاتب ابراهيم قهوايجي في تكريم الشاعر إدريس الملياني خلال الدورة الثامنة لملتقى جرسيف الدولي للشعر والتشكيل بدار الثقافة بجرسيف.