انطلقت يوم الخميس 31 أكتوبر الماضي، الدورة الـ 19 من مهرجان الأندلسيات الأطلسية، التي تواصلت فعالياتها طيلة الفترة الممتدة إلى 2 نونبر الجاري بمدينة الرياح الصويرة.
وتميز حفل الافتتاح الذي أقيم بالمنصة الرئيسية المهيأة بالقاعة متعددة الرياضات بالصويرة، بحفل مزج بين أشعار مغناة بالعربية والعبرية تماهى معها الحضور في استمتاع تام، كل هذا في لقاء فني غني مع فرقة الروافد التي أتت من طنجة بقيادة المايسترو عمر المتيوي، قبل أن يصعد إلى المنصة صلاح الدين مصباح وعمر جايدي ومارك مارسيانو الذي كان يغني بالعبرية مما أعطى رونقا جميلا لفن المطروز الذي مزج بين الأشعار العربية والعبرية.
وكان جمهور المهرجان، على موعد في الوصلة الثانية من حفل الافتتاح مع عرض موسيقي قدمه كل من ليونور ليال وعمر المتيوي، مزج بين الفلامنكو والموسيقى الأندلسية. أما في منتصف الليل، فقد عرف الفضاء الثقافي دار الصويري احتفالية تم فيها إحياء لما يسمى بالرزون الصويري الذي يندرج ضمن فنون الشارع، وهو طقس فرجوي من تراث الصويرة، حيث كان يقام ككرنفال كبير في مدينة الرياح.
صلاح الدين مصباح ومارك مارسيانو
وفي تصريح خص به جريدة بيان اليوم، قال عمر المتيوي عقب انتهائه من الحفل: «نحن جد فرحين بهذا المهرجان الذي في الحقيقة يوطد أواصر المحبة ما بين الأديان وما بين الأجيال وما بين المدن. هو مفتوح مثل البحر الذي يطل عليه.. هي أندلسيات أطلسية جميلة، وهذا ليس مجرد كلام، بل عشناه في هاته المدينة المضيافة مع الطاقم الذي يسهر على هذا المهرجان بحب وتفان. ونشكر لهم دعوتنا لكي نلتقي في هاته الحفلة مع الإسبان والأجناس الأخرى التي بدورنا نسافر عندها، فهو بمثابة رد للجميل لهاته الشعوب التي نتعامل معها، ولنا معها قواسم مشتركة».
طقس الرزون الصويري
ويضيف المايسترو المتيوي: «الغناء بالعربية هو ترجمة لأشعار نستعملها، ويوجد مقابلها في كتاب كناش الحائك، وهو الكتاب الذي يجمع جميع أشعار الموسيقى الأندلسية المغربية في طرب الآلة، والذي جمعه محمد بن الحسين الحائك من مدينة تطوان. ومؤخرا في الثمانينات، استطاع معلم يهودي من مراكش أن يجمع كل تلك الأشعار ويترجمها باللغة العبرية. وهم يفتخرون بهذا الموروث جدا ويعتنون به ويحفظونه مثلنا، ونحن نتقاسم أشياء مع اليهود السفارديم الذين جاؤوا من الأندلس، ووقع ذلك التمازج (…)، هاته القواسم والأواصر المشتركة لا يمكننا بين الفينة والأخرى أو بجرة قلم أن نمسحها، بل هي ذاكرة شعوب، وتتكلم الأغاني عن العديد من القضايا كموضوع المحن وعن حب الأم للابن وغير ذلك.. وهكذا بقيت راسخة في ذاكرتنا المشتركة».
من جهته، قال المدير الفني لمهرجان الأندلسيات الأطلسية، عبد السلام الخلوفي في حديثه مع «بيان اليوم»: «بصفتي مديرا فنيا للمهرجان منذ 2015، لا شك أننا نبحث دائما في القواسم المشتركة بين موسيقى الشعوب. في هاته الدورة، نحاول أن نجد تلك القواسم التي كانت تربطنا دائما مع الضفة الأندلسية حيث نسجنا تراثا موحدا عاش لقرون وتلقفناه وأضاف عليه المغاربة أنفاسهم، اليوم، نحييه ونبحث عن الأثر الموجود في الموسيقى الأندلسية المغربية (…)، هذا اللقاء هو لقاء فني إنساني خاصة، وجارتنا الإسبانية نتقاسم معها الكثير من الأشياء تاريخيا».
عمر جايدي ومارك مارسيانو
يضيف المدير الفني: «هاته الدورة تراهن على مبدأ أساس هو الرهان على الأصوات الشابة، ففي كل العروض تحضر مشاريع محركها الأساس شباب مغاربة يؤمنون بالإبداع وإعطاء الجديد، والاشتغال على التراث وفق الرؤى الخاصة بهم. مهرجان الأندلسيات وفي كعادته في تقديم الأطباق المبتكرة، وفي منح الجمهور عروضا استثنائية (…) فالمهرجان دائما يفتح الباب ليكون بوابة عبور لكل من يمتلكون المواهب ونتمنى أن تكون الدورة في مستوى التطلعات».
جدير بالذكر أن حفل الافتتاح عرف حضور مجموعة من الشخصيات من بينهم مستشار جلالة الملك محمد السادس، والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، أندري أزولاي، وعامل إقليم الصويرة عادل المالكي، ورئيس جماعة الصويرة طارق العثماني، وسفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، بونيت تالوار، وسفير سويسرا بالمغرب، فالنتين زيلويغر، وشخصيات أخرى.
موفدة بيان اليوم إلى الصويرة
سارة صبري
تصوير: سفيان بوهالي