على هامش اليوم العالمي للشعر

اعداد: عبد العالي بركات

يحتفل العالم في الحادي والعشرين من شهر مارس باليوم العالمي للشعر، مع العلم أن هذا الاحتفال كان من اقتراح بيت الشعر بالمغرب، على هامش هذا الاحتفال، يتحدث نخبة من الشعراء المغاربة لبيان اليوم، عن انطباعهم الخاص حوله ووضعية الشعر المغربي المعاصر وموقفهم من ظاهرة نزوح نسبة كبيرة من الشعراء نحو التأليف الروائي، إلى غير ذلك من الأسئلة.

الشاعر احمد بنميمون

حياة بدون  شعر هي حياة بدون وعي
جميل أن يكون للشعر يوم عالمي، ففي ذلك نوع من إثارة انتباه إلى الشعر كجوهر وروح لا يتعلقان به كأحد فنون القول أو كقصيدة غنائية، بل للتنويه بما تقوم عليه الرؤيا الفنية مهما اختلفت وسائل التعبير  فالشعر جوهر الفنون وأساسها مهما اختلفت وسائلها التعبيرية، يبقى أن الشعر يتميز بأنه فن اللغة، وفي هذا يقع سوء فهم الكثيرين له، رغم أن اللغة قريبة من نفوس الخلق، لكن أن تصبح أداة إبداع فعندها لا يعود الفهم موحداً ولا التأويل متقارباً، اللغة بيت الوجود، وفي الشعر يحاول الشعراء أن يؤسسوا بيوتاً وجدانية لآنفسهم من خلال وعيهم بهذا الوجود. وتتعارض رؤيا الشعراء إلى ذواتهم، فيبدون كأنهم يتكلمون بلغة خاصة مما لا يفهمه الآخرون،في تخصيص يوم عالمي للشعر إعادة اعتبار لفن فقد مكانته لدى كثيرين، ممن لم يعد يهمهم وعي بالذات، أو بالفكر أو  بالتاريخ.
 الحياة في الحقيقة بدون  شعر هي حياة بدون وعي وبدون قدرات على قول العالم ، ومعرفة سبيل الذات إلى أن توجد وإلى معرفة كيف توجد.
القصيدة الغنائية أول السلم، وأول الخطوات إلى الشعر كفن واسع، ربما كان المسرح أجمل مجالاته.
والحقيقة المخيفة التي يمثلها عزوف الناس عن القراءة  هي غربة الكتابة في واقعنا مهما كان نوع المكتوب الذي نمارسه، شعراً أم سرداً، وأستطيع أن أزعم أنني أتكلم اليوم عن تجربة.
فليس ما يعرفه واقعنا هو غربة الشعر بل غربة الكتابة بشكل عام.

هذه أحدث إصداراتي
 أحدث إصداراتي ليس شعرياً، بل مجموعتان قصصيتان: الاولى بعنوان(حكايات ريف الأندلس) والثانية بعنوان: (حومة الشوْك) ولكن يتداخل في نصوصهما السردي بالشعري، أما آخر إصداراتي الشعرية فقد كان ديوان ( لؤلؤٌ وهباء) الذي صدر سنة 2015عن اتحاد كتاب المغرب.

يبدأون بنشر دواوينهم الأولى قبل الإطلالة على الساحة الشعرية
 الحقيقة أن هناك فوضى وعدم وضوح في الساحة الشعرية المعربية، وقد سهُلَ النشر على كثيرين، فأنت تجد الآن من يبدأ بنشر مجموعته أو ديوانه الأول دون أن يكون قد أطل على الساحة الشعرية من خلال نشر ورقي في صحف أو مجلات، فمن أين لنا أن نعرف كل ما في الساحة الآن، وجهات التوزيع أصبحت ترفض أن توزع ما كانت ترحب به من قبل، وأذكر أنني كنت قد عُدت إلى نشر مجموعتي الشعرية الثانية (مباهج ممكنة) 2008 بعد أربع وثلاثين سنة من نشر مجموعتي الشعرية الأولى سنة 1974، فاعتبرت ذلك بيني وبين نفسي حدثاً فرحتُ له، إلا أن صديقي الأستاذ محمد قاسمي أحصى  من المجامع الشعرية التي ظهرت في نفس السنة، أي في عام واحد، ثمانين مجموعة شعرية صدرت في عام واحد، فانطفأت فرحتي.

مواضيع إثارة لا تنتج معرفة أدبية أو نقدية
إن من حق الناس أن يكتبوا في أي فن من فنون الكتابة شاءوا، ومسألة تخصص أحد المبدعين بنوع واحد من الكتابة الأدبية مسألة لا توجد تقريباً إلا في الواقع العربي، فنحن حين نرى إلى العالم نجد آلاف الكتاب الذين أبدعوا في أكثر من مجال، دع عنك من يربط  ما يسميه بموسم هجرة الشعراء إلى السرد، أو تراجع الشعر، أو تقدم الرواية على حساب الشعرأو اعتبار الرواية ديوان العرب الحديث، فإن ذلك عندي ليس غير تقليعات(وليست تعليقات) صحفية، ومواضيع إثارة لا تنتج معرفة أدبية أو نقدية.

تأثير إيجابي
تأثرت الكتابة العربية إيجاباً، وتفاعلت بالفعل مع الوسائط التكنولوجية، بما أصبح الآن يكشف عن المستوى المعرفي والفني  الحقيقي، وعن درجة استيعاب المبدع لأدوات فنه،  عنيتُ: الشاعر أو الكاتب  الذي يختار أن ينوع في مجالات إبداعه.

***

الشاعر سعيد الباز: التنكيل بالشعر فوق المنصاتSans titre-13
التنكيل بالشعر فوق المنصات

قد تكون هذه الأيام المخصصة إمّا للشعر أو الموسيقى أو المسرح وليدة مجتمعات أدركت أهمية هذه الفنون في الرقي بالإنسان من حيث الذوق والإحساس. في مجتمعنا كانت لهذه الاحتفالات وظيفة أخرى استغلتها ذات زمن بعض الأحزاب المعارضة اليسارية كوسيلة لإدارة صراعها مع السلطة انطلاق من الحقل الثقافي والإبداعي، وفي الوقت نفسه أدركت الدولة هي الأخرى ولو متأخرة أنّ لا ضير من أن تقيم بدورها احتفالات باليوم العالمي للشعر عن طريق الجمعيات و الهيئات التابعة لها. الآن، و بعد ذهاب هذا التاريخ إلى غير رجعة  ظلّ هذا التقليد مستمرا تطغى عليه الأجواء الطقوسية الفارغة من محتوى الشعر وروحه، وبات احتفالا ظرفيا ومناسباتيا. حاليا لم أعد أحضر هذه الاحتفالات، فمنذ ما يناهز عشرين عاما شاهدت بأمّ عينيّ كيف يتمّ التنكيل بالشعر فوق المنصات وخلف المكروفونات، ورأيت أشخاصا لا يتلبّسهم شيطان الشعر إلّا في هذا اليوم الأغرّ فيخرجون من جيوبهم الخلفية وريقات ولفافات قديمة يدعونها قصائد، ثمّ يبدأ الردح والزعيق لساعات.. صدقوني هناك القليل القليل من الشعر في اليوم العالمي للشعر، وحتّى الشعر بعد السياسة والإعلام.. صار هو الآخر شعبويا.    

كتبي في قاعة انتظار

 كتابي الشعري الثاني والثالث في قاعة انتظار بالمقرّ الرئيسي لشركة مجهولة الاسم تدعى المغرب الشعري. معنى ذلك أنّنى بعد تجربتي الأولى في النشر عرفت الشجرة التي قادتني إلى معرفة الغابة، هل أدفع هذه الكتب إلى أن تستيقظ باكرا من رفوفها أن تتزين قليلا بمكياجات ضرورية وبعض المساحيق البراقة لتهبّ لزيارة السادة الناشرين أن تخضع لشروطهم المجحفة، دون أن تكلّ من ملاحقتهم بالمكالمات. إنّ إخراج كتاب اليوم في المغرب وترويجه يتطلب من كاتبه أن يأخذ بعض الحصص غير المجانية في الماركوتينغ. قد لا أكون محبطا و لكنّي أمارس طواعية فضيلة اليأس، سأخرج هذه الكتب وترجماتي ذات يوم، لكن لا بأس من أن تمكث قليلا في قاعة الانتظار السالف ذكرها.    

شعراء يوزعون بطاقات الزيارة أكثر من الابتسامات

كنت و ما زلت أقول الشعر المغربي بخير وعلينا أن نبحث عنه، كثير من الشباب والشابات يكتبون بشكل جيّد ومعروفون على المستوى العربي دون أن يخرجوا كتابا واحدا. كثير من الأصدقاء الشعراء والنقاد العرب أعربوا لي عن دهشتهم وإعجابهم لما يكتبه جيل جديد أهمّ ما يميّزه أنّه خارج المؤسسة الثقافية يولي ظهره لها و هي الأخرى تبادله الشيء نفسه، وأنّه يمتلك وعيا شعريا ناضجا.. يكفي أن أذكر هذه الأسماء عبد الرحيم الصايل محمد بنميلود كمال أخلاقي سكينة حبيب الله…أبوبكر متاقي سناء عادل… هؤلاء لن تجدهم في الملتقيات والمهرجانات يوزعون بطاقات الزيارة أكثر من الابتسامات،  إنّهم بلا شك ممسوسون بالشعر وأشدّ التصاقا بالحياة.     

أنتظر التقاعد لكتابة رواية

 لقد راودتني فكرة النزوح إلى الرواية وقد نشرت نصا طويلا تحت عنوان»دراجة وينستون تشرشل»، كان بمثابة البنية الأساسية لعمل روائي ثم عدلت عن الأمر، لسبب بسيط  يتمثل في الحاجة إلى التفرغ الكامل لإنجاز رواية. لذلك سأنتظر حصولي على التقاعد، ولو بدا هذه الأيام مستحيلا، لإنجاز هذه الرواية. و مرّة أخرى يبدو المغرب الثقافي قاعة انتظار مليئة بأمثالي. المشكل في ما يُكتب من روايات هي اعتقاد كُتابها بأنّ الرواية هي فقط أن تحكي دون أيّ رؤية للعالم، دون أيّ تصوّر للشكل الروائي أو اللغة الروائية أو حتّى أسئلة وجودية.أعتقد بأنّ لهذه الجوائز البترودولارية  دورا خبيثا  في إحلال نوع من الرواية تعجّ بالأحداث وتفتقد الدلالة، إنّها  أشبه بما يقول إخواننا السودانيون عن الكلام الفاقد للمعنى(إنها كلام ساكت)   

ضريبة لا بدّ من دفعها
 إنّ وسائل الاتصال الحديثة أحدثت شرخا كبيرا في المشهد الثقافي العام، أستطيع أن أقول بأنّها ساهمت بدرجة كبيرة في تعرفي على تجارب شعرية من بلدان متعددة، وأنّها خلقت حوارا غنيا ومثمرا بين الكثير من الشعراء من خلال تبادل الأعمال و النصوص إلكترونيا، لكن في الوقت نفسه كما أشار إلى ذلك الراحل امبرتو إيكو أنّها أتاحت للمزيفين والأدعياء وأرباع المثقفين الفرصة لإشاعة الضحالة والابتذال باسم الإبداع. أعتقد أنّ هذه الضريبة لا بدّ من دفعها، كما ينبغي أيضا أن نستثمر هذا الفضاء الافتراضي من أجل إشاعة قيم الجمال والحرية في أوسع نطاق ممكن.   

***

الشاعرة فتيحة النوحوSans titre-18أنوات  تزهو بنفسها
 الشعر هو طقس غير محدد بحيز زمني ، نحتفي به حينما تكتمل القصيدة  ويتحقق الامتلاء الوجداني، فيما  اليوم  العالمي  للشعر  يخصص للاحتفاء بكتاب الشعر،  لذا في هذه المناسبات  يغيب الشعر ليفسح المجال للأنوات  لتزهو بنفسها.
هذا ما يجعل هذا اليوم بالذات لا يضيف شيئا يذكر، غير  كون كلمة شعر تذكر  بإطناب، كما أنه ثمة  شعور باختلال الميزان،  حيث  يطغى العرض  على الطلب.

 أحدث إصداراتي
 آخر  ما صدر لي هو مؤلف “غبن أن نهوي”  هو عبارة  عن سرد ذاتي  لم تغب عنه النفحات  الشعرية   رغم شكله النثري.
 
حساسيات شعرية المختلفة
أول إيجابية  يمكن تسطيرها،  هو تراكم التجارب  التي يمنحنا إمكانية الاطلاع بشكل موسع على الحساسيات الشعرية المختلفة ، هكذا يتأتى لنا تشخيص الوضع الصحي للمشهد الشعري المغربي المعاصر ، وإن كان التقييم في غالبية الأحيان يتسم بالذاتية  الموضوعية ،فتفاعلنا مع النص يختلف من شخص لآخر وذلك بحسب  ذائقته الأدبية.
 
سحر مضاعف
أجد ظاهرة نزوح الشعراء نحو كتابة الرواية، ظاهرة صحية، فتطعيم  الرواية  بالنفس الشعري إضافة لهذا الجنس الأدبي،  فعندما تسرد لك الحكاية شعرا، فذاك يضفي عليها سحرا مضاعفا، وقد نضيف إليه  نفحة القص، بذلك تستحيل الرواية جنسا أدبيا يضم بين طياته  مفردات الأدب الأخرى، بتقديري حان الوقت لننسف الحدود وننتصر فقط للنص الأدبي  لذاته.
 
رياح التكنولوجية الحديثة
وسائط الاتصال الحديثة  هي كناية عن رياح قد تهب نسيما أو تعصف بك، والشعر خضع لأهواء هذه الرياح هو الأخر، فبينما عبدت هذه الوسائط المسلك أمام الكثير من الموهوبين الذي كانت تعيقهم المحاباة  الثقافية، وبدأ نتاجهم الإبداعي يصل إلى المهتمين بهذا المجال بسلاسة،  خاصة عبر  الفضاء الأزرق الذي ساهم  بشكل كبير بهدم الأبراج الواهية، لكن بالمقابل كشفت هذه الوسائط عن  أشكال من الاستهتار بالكتابة، فاستسهال  النشر أبان  عن جهل تام  بقيمة الإبداع  وأضحى التسيب بالمفردة  هو الأبرز، وللأسف أنه لم يتوقف  ذاك في  الحيز الافتراضي بل نثرت شظاياه بالمطبوع،  فتطالعنا أقلام وضيعة  تتصدر المشهد بدون أية خلفية أو قريحة.
فالشعر جنس إبداعي يحمل بين مجازه رسالة ما، تمرير موقف، التعبير عن حالة أو قلق، وما إلى ذلك من الأهداف التي يتوخاها، وليس خط كلمات متنافرة   نعبث بها هنا وهناك.     

***

الشاعر عبد الناصر لقاحSans titre-16

توطيد العلاقة بين القارئ والشعر

اليوم العالمي للشعر، هو يوم للتحفيز وتفعيل القيم الثقافية عامة والشعرية خاصة، والمفروض أن يكون يوما كما أراده أصحاب الفكرة يوما باعثا على توطيد العلاقة بين القارئ والشعر، أي أنه يوم لمراجعة ومدارسة وإعلان الحب على الشعراء وكتبهم لا يوم احتفال عارض.

جاهز للنشر

 منذ سنوات لم يصدر لي ديوان جديد، مازلت صاحب الدواوين الستة التي تعرفها. لكن لي ديوانا بالعربية جاهزا للنشر وآخر بالفرنسية.

الزجل هو الأقوى حضورا وإبداعا

 أقرأ أغلب ما يصلني من شعر أو أغلب ما يصادفني بالمكتبات أو على المواقع الإلكترونية، وألاحظ تغيرا واضحا في السنوات الأخيرة، إذ صرنا نقرأ شعرا عموديا بعد أن تم التخلي عن العمودي فترة طويلة..وكذا التفعيلي.. ويبقى الأكثر حضورا النثيرة أو قصيدة النثر.. وهي تعاني من كون أغلب من يمارسها لم يمارس قبلها العمودي ولا التفعيلي ولهذا فيها من الضعيف الشيء الكثير.. وفيها طبعا شيء قليل رائع .. وفي مقابل ذلك يبدو لي شعر الزجل أقوى حضورا وإبداعا.
ليس غريبا

كتابة الرواية من قبل شاعر في الأصل أمر ليس غريبا. يدلنا على ذلك فيكتور هيجو وغيره من كبار الشعراء. لكن العكس هو الذي يبدو غريبا، أي الانتقال من كتابة الرواية إلى كتابة الشعر.

  أشياء كثيرة ضاعت

مع زمن الإنترنت تحققت أشياء كثيرة وضاعت أشياء كثيرة… وعموما هذه الوسائط الحديثة في التواصل مفيدة جدا .. لكن الملاحظ أنها سمحت لكثير من الأدعياء من الرجال والنساء بزعم إبداع شعر ورواية وقصة، بل وحتى موسيقى وتشكيل.

***

الشاعر محمد ميلود غرافيSans titre-19

يوم كباقي أيام السنة
 لا شيء يشكله بالنسبة إلي اليوم العالمي للشعر، هو كباقي أيام الأسبوع والشهر والسنة، لأن الشعر بالنسبة للشاعر همّ يومي ومتعة يومية واحتفال يومي بالحسّ واللغة والصورة. كل الأيام عندي يجب أن نعيش فيها ولو قسطا بسيطا من الشعر ضداّ على الشرّ والظلم والقبح الذي يزيد يوما بعد يوم في وقتنا الراهن.
 
أحدث إصداراتي
  ديوان “لا أشرك بالعزلة أحدا” الصادر منذ عام عن دار الأدهم بالقاهرة.
الرداءة مآلها الزوال
 أتابع قدر المستطاع ما ينشر شعريا في المغرب وأجد فيه كل المستويات من رديء محسوب على الشعر بتزكية من طرف المؤسسات الرسمية والثقافية ومنابرها وأبواقها إلى ما هو أرقى جماليا ما يلبث أن ينسيك هذا الرديء كله، فأتفاءل. ثمة أقلام جميلة في المغرب، أكثرها مغمور وتكتب في صمت ذاهبة بالشعر نحو جماليات أخرى وبدهشة أخرى. وقد قلت أكثر من مرة إن الرداءة مآلها الزوال. ما يبقى في الوادي غير حجاره، كما قال بطل رواية اللاز.
 
المهم أن نكتب
 لا أرى في مسألة انتقال الشعراء إلى كتابة الرواية حرجا ولا أي نشاز. المهم أن نكتب. العرب وحدهم مازالوا يطرحون مسألة الأجناس بهذه الطريقة. في الغرب قد يكون الشاعر روائيا والروائي شاعرا أو قاصا دون أن يجعل النقد ولا الصحافة من ذلك موضوعا في غاية الأهمية. ما ألاحظه ليس الإقبال المتزايد للشعراء على الكتابة الروائية وإنما الإقبال المتزايد جدا على الكتابة الروائية، وهذا ليس حصرا على العالم العربي. لاشك أن الجوائز تلعب دورا كبيرا في ذلك، لكن لا يهم. المهم في العالم العربي حيث مازلنا في آخر الركب من حيث القراءة والكتابة هو أن نكتب. الرواية الناجحة ستخلد نفسها ولو لم يلتفت النقد إليها في حينها ولا الساهرون على الجوائز. والرواية الفاشلة ستظل فاشلة وإن حصدت كل الجوائز.

المجلات الرقمية حررت الكاتب من ديكتاتورية المنابر الورقية
بالنسبة إلي التكنولوجيا الحديثة كلها طاقة مهمة في المجال الثقافي وإنتاجه ونشره على نطاق واسع وفي ظرف وجيز. أما الكتابة فالأمر يتعلق بمدى احترامنا لهذه الوسائط. لنأخذ مجال الأنترنيت، فالمجلات الرقمية حررت الكاتب من ديكتاتورية المنابر الثقافية الورقية والحزبية منها خاصة بحيث تعددت المنابر عبر الأنترنيت وأصبح في إمكان الشاعر اختبار أي منبر رقمي يشاء لنشر نصوصه. للفيسبوك أيضا أهميته في هذا الجانب، أنا لا أعتبره سببا في تفشي ما يسميه البعض بالرداءة الشعرية. في المنابر الورقية أيضا كانت هناك دائما وما تزال نصوص لا علاقة لها بالشعر، كنا نقرأها على مضض ونقول “آش هذ الشي ؟” ونرمي بها في المزبلة. يجب إذن أن نقبل بدمقرطة الثقافة ولنترك القارئ يميز بين الغث والسمين.

Related posts

Top