عيد بدون مشاكل صحية

رمضان هو شهر جوع وعطش ولكنه يعتبر في نفس الوقت بلسما وشفاء للأجساد والأرواح. وللصيام فوائد عديدة، تتوزع على العديد من الجوانب، منها الجانب الروحي والديني، الأخلاقي الاجتماعي، وكذا بالنسبة إلى الصحة البدنية للصائمين. ويوجد اليوم إجماع من قبل العلماء والأطباء على فوائد الجوع لفترات قصيرة للجسم، فأثناء الجوع يبدأ الجسم في تنظيف الأمعاء والكبد والدم من السموم، وتتقلص أمراض الأوعية الدموية، كما أن الجوع لفترات قصيرة ينشط المناعة. في هذه الزاوية، نسلط الضوء على بعض الجوانب الصحية التي يجب استحضارها من أجل صيام يجسد القول المأثور “صوموا تصحوا”.

بعد اعتياد الجسم على الصيام وتناول وجبة الإفطار في وقت محدد يوميا، لا بد من التروي في تناول الطعام خصوصا في الأيام الأولى من الإفطار، والتي تتزامن مع فترة الأعياد حيث يزيد الوضع صعوبة على الصعيد الصحي، لا سيما خلال الزيارات العائلية التي يضطر فيها الأشخاص إلى تناول الحلويات والمشروبات المختلفة بشكل متكرر من دون الأخذ بعين الاعتبار ما قد يترتب على هذه الممارسات من انعكاسات سلبية على صحة الجسم عامة وعلى صحة الجهاز الهضمي خاصة.

فيما يلي توضيحات حول بعض المشاكل الصحية الشائعة خلال الأعياد وكيفية التعامل مع كل منها.

التلبك المعوي

تعد مشكلة التلبك المعوي وما يرافقها من ألم في البطن وانتفاخ وإسهال في بعض الأحيان إحدى أكثر المشاكل الصحية انتشارا وخاصة خلال أول أيام العيد حيث تصيب كافة الفئات العمرية، وتحدث هذه المشكلة كنتيجة للتغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول، إضافة إلى العبء الكبير الذي يتحمله الجهاز الهضمي من دون سابق تمهيد أو إنذار. وللتقليل من احتمالية إصابتك بالتلبك المعوي قم باتباع النصائح التالية:
+ التدرج في تناول الطعام بعد شهر الصوم: فالبدء بتناول كميات قليلة من الطعام وتصغير حجم الوجبات يؤمن الراحة لجهازك الهضمي، ويتيح الفرصة لعملية هضم مريحة وكاملة؛ إذ إن التدرج في تناول الطعام يهيئ المعدة على استقبال الطعام. ومن المفيد تحديد أوقات الوجبات، وتنظيم مواعيد تناولها، وتجنب الاستمرار في تناول الطعام طوال اليوم، كي تتاح الفرصة للجهاز الهضمي للقيام بوظائفه على نحو طبيعي.
+ عدم الإفراط في تناول الحلويات صباح يوم العيد: إذ إن أكثر الحلويات تحتوي كمية عالية من الدهون والسكريات، ويؤدي الإفراط في تناولها إلى إرباك الجهاز الهضمي وحدوث تلبكات معوية، كما قد يؤدي إلى حدوث إسهال شديد مصحوبا بالكثير من المخاطر الصحية، وتتضاعف المخاطر الصحية للإفراط في تناول الحلويات لدى المصابين بكل من داء السكري والسمنة وارتفاع دهون الدم وأمراض القلب والشرايين.
ومن المقولات الصحية الخاطئة أن تناول المعمول بالتمر لا يرفع معدل السكر في الدم ولذلك لا بد لنا من التنويه والتحذير من أن التمر مصدر غني بالسكر والكربوهيدرات سهلة الامتصاص، ومن ثم تعمل على رفع معدل السكر في الدم بشكل لحظي وفوري ما يسبب مشاكل في السيطرة على ارتفاع السكر في الدم، فعلى مريض السكري  أن يحذر من تناول حلويات العيد دون الانتباه لتأثيرها على صحتك.
 حرقة المعدة
تعد حرقة المعدة إحدى أكثر المشاكل انتشارا أول أيام العيد. وتعرف حرقة المعدة علميا على أنها الشعور بحرقة أو الحموضة عادة أسفل المريء وأعلى المعدة. وتزداد سوءا هذه الأعراض عند تناول القهوة بكثرة أو تناول الشوكولاتة وحلويات العيد أو حتى قد تكون كنتيجة للتدخين وللتقليل من هذه الأعراض ننصحك بما يلي:

+ هناك أنواع معينة من المأكولات والمشروبات والأنشطة وكثير من الأدوية التي قد تزيد من الإحساس بهذه الأعراض أو تجعلها أشد مثل؛ الشوكولاته، القهوة، الشاي، مشروبات الكولا، النعناع، الكحوليات، الأطعمة الحريفة، الدهون، عصائر البرتقال والليمون، والخضراوات الحامضية مثل؛ الطماطم، البطاطا المقلية، الطعام المتبل، الطعام الدسم الغني بالدهون. أما الأنشطة فتتمثل في الانحناء للأمام، الاستلقاء على الظهر أو البطن بعد الأكل مباشرة.
+ عدم الأكل في وقت متأخر من الليل قبل الذهاب للفراش.
+ تجنب تناول المأكولات والمشروبات التي تساعد على حدوث حرقة المعدة مثل؛ حلويات العيد كالمعمول والشوكولاتة عصير الحمضيات، البطاطا المقلية، الطعام المتبل، الأطعمة الدسمة الغنية بالدهون.
+ تناول وجبات عديدة وخفيفة بدلا من تناول وجبات كبيرة وثقيلة.
+ تجنب تناول معطرات الفم بخاصة التي تكون بطعم النعناع بعد الأكل مباشرة إذ إن النعناع يعمل على إرخاء صمام المعدة ما يزيد من أعراض حرقة المعدة.
+ أما عن الأدوية فلا بأس من تناول الأدوية المتوافرة في الصيدليات ولكن ضمن الجرعات المحددة لاستخدامها والإرشادات الخاصة بكل منها، وفي حال كنت امرأة حاملا أو مرضعة فلا تنسي إخبار الصيدلاني بذلك قبل شراء أي علاج لحرقة المعدة.

التسمم الغذائي
عادة ما يرتفع معدل الإصابة بالإسهال والحمى في أيام العيد نتيجة الإصابة بحالات من التسمم الغذائي من أنواع مختلفة، ومن الضروري الحرص على اختيار مصادر الغذاء الآمنة والموثوق فيها. والحرص على الانتباه لصفات الأطعمة  الطبيعية الدالة على سلامة الطعام وهي اللون والرائحة والطعم والابتعاد عن تناول أي طعام تشك في تغيير هذه الصفات فيه بخاصة الأطباق التي لا تطهى مثل؛ السلطات والسندويشات. وإذا حصل وأصبت بالإسهال الناتج عن تناول غذاء ملوث احذر من تناول أدوية الإسهال لإيقاف؛ حيث إن استخدام هذه الأدوية قد يؤخر إخراج البكتيريا وسمومها المسببة للتسمم من جسمك، بل اكتف بتعويض جسمك بالسوائل والأملاح والراحة.

إرشادات خاصة لبعض الحالات المرضية المزمنة في العيد

  • مرض السكري: يجب تجنب حدوث ارتفاع في سكر الدم خلال أيام العيد، وينصح بتناول الوجبات بناء على إرشادات اختصاصي التغذية، وعدم الإفراط في تناول السكريات والنشويات حتى لا تؤدي إلى ارتفاع في مستوى سكر الدم، وتوزيع الوجبات إلى 5 – 6 وجبات صغيرة.
    وعلى المريض أن يعود إلى تناول أدويته سواء الأقراص أو الأنسولين بانتظام كما كان الوضع قبل شهر الصوم، وممارسة الرياضة يوميا.
    عليك عدم تناول النشويات بإفراط (مثل الأرز والفواكه خاصة التمر) حتى لا تؤدي إلى ارتفاع في مستوى سكر الدم.
    تناول حليبا أو لبنا رائبا قليل الدسم، ومقادير محددة من الأرز أو المعكرونة أو خبز القمح الكامل، وتناول السلطة والخضراوات المطبوخة واللحم المشوي أو المحمر الخالي من الشحم أو الدجاج أو السمك، ويمكنك توزيع الوجبات إلى ثلاث وجبات رئيسية و2 ـ 3 وجبات خفيفة، وممارسة الرياضة يوميا.
  • أمراض القلب: عليهم تجنب تناول وجبات كبيرة يمكن أن ترهق القلب، قلل تناول الملح والدهون، تجنب تناول وجبات كبيرة، يفضل توزيع الوجبات اليومية إلى ست وجبات صغيرة حيث يمكن أن تؤدي الوجبات الكبيرة إلى إرهاق القلب، تجنب تناول كميات كبيرة من السوائل مع الوجبات، ويفضل تناول السوائل بكميات صغيرة وبنمط متكرر، قلل تناول المشروبات المحتوية على الكافيين (مثل الكولا، الشاي، القهوة، والشيكولاتة).
  • ارتفاع ضغط الدم: تجنب الأطعمة الغنية بالدهون والأطعمة المقلية، وعليهم تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على الملح والدهون مثل المكسرات المالحة، الأجبان، المخللات، اللحوم المُدَخَنة، وعليهم الإكثار من شرب الماء، والبسكويت الهش والمخللات والأطعمة المدخنة وغيرها، حيث إنه يخفف من ضغط الدم المرتفع، ويحمي نسيج الكلى من الأثر السلبي لضغط الدم المرتفع.
    تناول وجبات صغيرة ومتعددة موزعة خلال اليوم، مع ممارسة رياضة المشي كعادة يومية.

    + قرحة المعدة: قلل من تناول الحلويات المركزة والأطعمة المحتوية على الفلافل والبهارات، والموالح والمكسرات والصلصات الحارة، والكافيين، والأطعمة الدسمة والمقليات، والمشروبات المحتوية على الكافيين مثل الكولا، الشاي، القهوة، والشوكولاته. عليك تجنب تناول وجبات كبيرة وتقسيم الوجبات إلى عدة وجبات صغيرة، وتناول الأدوية حسب إرشادات الطبيب. وينصح الأشخاص المدخنون الذين تمكنوا من الامتناع عن التدخين خلال شهر رمضان المبارك بأن يستمروا وأن يقاوموا إغراءات العودة إلى التدخين.

  • مرضى السمنة: عليهم تجنب الإفراط في تناول الحلويات والأطعمة الدسمة أيام العيد وتخصيص جزء من إجازة العيد لممارسة أي نشاط رياضي مناسب وعدم الخمول الذي يؤدي إلى البدانة والسمنة.

    > إعداد: سميرة الشناوي

Related posts

Top