في مشهد كارثي.. مجمع الشفاء بغزة يدمر بالكامل بعد 14 يوما من عمليات جيش الاحتلال

جثث متحللة وأشلاء متناثرة، مبان تم تدميرها بالكامل، و”رائحة الموت في كل مكان”… مشهد يوحي بـ”نهاية العالم”، تواصل نقل صوره وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، منذ فجر أول أمس الثلاثاء، إثر انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من مجمع الشفاء في قطاع غزة، وذلك بعد أن حولته إلى بناية “شبح” يستحيل أن تعود لتقديم خدماتها للمرضى والجرحى الفلسطينيين ضحايا حرب الإبادة المستمرة في القطاع منذ 180 يوما.

14 يوما من الحصار، عاش خلالها المرضى والعاملون داخل المستشفى كابوسا مرعبا عناوينه القصف والقتل والتنكيل بالأسرى، وعزل وتجويع المرضى، حسب الشهادات التي تناقلتها القنوات التلفزية وصفحات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووثقت صور وفيديوهات مشاهد أشلاء وجثامين متحللة، وأخرى قامت جرافات الاحتلال بدفنها في ساحة المستشفى، فيما أشار شهود عيان إلى انتشال قرابة 400 جثة، إلى حدود يوم أمس الثلاثاء، من داخل ساحة المجمع ومن المباني المحيطة به.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في الثامن عشر من مارس الماضي، قراره بتنفيذ عملية عسكرية في مجمع الشفاء، تحت مبرر “توافر معلومات استخبارية” عن وجود “مسؤولين كبار” من حماس والجهاد الإسلامي بداخله.

ومساء الاثنين، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، تعليقا على العملية العسكرية في المجمع الطبي “لقد قتلنا أكثر من 200 مخرب واعتقلنا أكثر من 900 شخص يشتبه بارتكابهم أعمالا إرهابية بعد أن استسلموا، ومن بين هؤلاء أكثر من 500 عنصر في حماس والجهاد الإسلامي، وبعضهم يشغلون مناصب عليا”، حسب ما زعم.

وقالت حركة حماس بعد انسحاب جيش الاحتلال من مجمع الشفاء الطبي، إنه تم “اكتشاف آثار عمليات إعدام مروعة وجثامين لشهداء مقيدي الأيدي، مدفونين أحياء”.

وأشارت، في بيان، أن الاحتلال قام بـ”تدمير للمباني وحرق وتجريف الأقسام، ونسف الأحياء المحيطة بالمجمع على رؤوس ساكنيها”، إلى جانب “شهداء تحللت أجسادهم وتعفنت، وآخرين داستهم جنازير الدبابات، وغيرها من الفظائع”، وفق تعبيرها.

وقالت الحركة إن “هذه الجريمة المروعة، تؤكد على طبيعة هذا الكيان الفاشي المارق عن قيم الحضارة والإنسانية، والذي فاقت جرائمه وانتهاكاته كل حدود، والمستمر في مهمته الواضحة”، وهي “تنفيذ أبشع حروب الإبادة الجماعية بحق المدنيين والبنية المدنية في قطاع غزة، دون أن يحرك العالم ساكنا، وبدعم كامل من إدارة الرئيس الأمريكي بايدن”.

وطالبت “حماس” المجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ”إدانة هذه الجريمة الفظيعة التي ارتكبها العدو الصهيوني المجرم بحق مجمع الشفاء ومحيطه والمواطنين فيه”، ودعتهم إلى التحرك الفوري للدخول إلى مدينة غزة والاطلاع على حجم الجريمة التي تعرض لها.

كما طالبت الهيئات القضائية الدولية، وخصوصا محكمة الجنايات الدولية، بـ”البدء في إجراءات فعلية للتحقيق في الجرائم والفظائع التي حدثت في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وفي مجمل الجرائم التي تحدث منذ ستة أشهر”.

من جهتها، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إنها شعرت بـ”الذهول” من الدمار الذي لحق بـ”مجمع الشفاء الطبي” الذي اقتحمه الجيش الإسرائيلي ودمره بالكامل.

وأضافت في بيان على منصة “إكس” أنها “مصدومة أمام تحول مستشفى الشفاء إلى أنقاض” بعد 14 يوما من الهجمات التي نفذتها القوات الإسرائيلية داخل المنشأة وما حولها.

وجاء في البيان: “إن أكبر مستشفى في غزة أصبح الآن خارج الخدمة، وبالنظر إلى حجم الدمار، فإن الناس في غزة لم يتبق لها سوى عدد أقل من خيارات الرعاية الصحية في شمال غزة”. وذكر البيان أن الوصول إلى مستشفى الشفاء أصبح مستحيلا لعدة أيام (أثناء اقتحامه)، وأن المرضى بداخله لم يتمكنوا من تلقي العلاج.

ووفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية في الفترة ما بين 18 و31 مارس الماضي، فقد توفي 21 مريضا وحوصر 107 أشخاص داخل المستشفى عندما كان تحت الحصار.

وأضافت منظمة الصحة العالمية: “رغم أننا لا نستطيع تأكيد العدد الدقيق للجرحى، إلا أن مئات منهم بمن فيهم العاملون في المجال الطبي فقدوا أرواحهم، ووفقا لتقارير إخبارية، فإن الجثث ملقاة في الشارع. كما تم القبض بشكل جماعي على العاملين في المجال الطبي وغيرهم من الأشخاص داخل المستشفى وما حوله”.

من جانبه، قال المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر بغزة، عبد الجليل حنجل، إن مستشفى الشفاء “خرج بشكل كلي عن الخدمة”، مشيرا إلى أن أكثر من 30 مستشفى في القطاع توقف عن العمل، إضافة إلى أن باقي المستشفيات تعاني من نقص الموارد وتكدس المرضى. وأشار المتحدث في تصريح صحفي أول أمس الاثنين أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الكوادر الطبية بشكل ممنهج.

  • سميرة الشناوي
Top