قمة الرياض التنموية

يجتمع القادة والزعماء العرب اليوم وغدا في العاصمة السعودية الرياض، وذلك في إطار القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة، ويحفل جدول أعمال المؤتمر بكثير من النقاط والمواضيع المهمة لبلدان جامعة الدول العربية وشعوبها، لكن مع ذلك لا أحد وسط هذه الشعوب يعول على القمة وعلى مقرراتها، وذلك لسوابق عديدة، تجعل كلها قمم العرب مجرد خطابات وتبادل صور فقط. لكن مع ذلك، يجدر التأكيد على أن قمة الرياض، التي تأتي بعد قمة الكويت في 2009 وقمة شرم الشيخ في 2011، تلتئم اليوم ضمن سياقات سياسية ومجتمعية لا تخفى سخونتها وحساسيتها، ومن ثم فهي مناسبة لاختبار قدرة النظام السياسي العربي على الإنصات الجيد  للنبض الشعبي، والتقاط الإشارات لبلورة أساليب ناجعة وفعالة في التعامل مع مطالب الشعوب وقضاياها الحقيقية.
لا شك أن الانتفاضات الشعبية التي عاشتها بعض المجتمعات العربية في العامين الأخيرين كانت بسبب غياب الديمقراطية والحرية جراء سيطرة أنظمة ديكتاتورية متخلفة، ومن ثم جاءت شعارات(ارحل)للمطالبة بالحرية والتغيير السياسي وسيادة القانون وحقوق الإنسان، ولكنها أيضا انطلقت من مطالب اجتماعية واقتصادية ومعيشية وتنموية، وللتنديد كذلك بالنهب وبالفساد، ومن ثم، فان الجواب على مطالب الشارع لا يجب أن يغفل أيضا البعد الاجتماعي والاقتصادي والتنموي.
إن السياق العالمي والإقليمي اليوم يشهد الكثير من الأزمات، ولهذا، فان إدراج موضوع مثل استثمار رؤوس الأموال العربية داخل البلدان العربية في جدول أعمال قمة الرياض يعتبر في غاية الأهمية، ويجب أن ينال كبير اهتمام المجتمعين، وذلك في أفق تفعيل خطط وبرامج عملية فورية لتحقيق إقلاع اقتصادي وتنموي بما يوفر فرص الشغل والتنمية للشعوب، وأيضا بما يثمن إمكانات وموارد كل بلد، ويستثمر ما تمتلكه المنطقة من ثروات وصناديق سيادية، وهذا ما سيتيح بالضبط تلبية مطالب الشباب العربي والتفاعل الايجابي مع انشغالاته.
من جهة ثانية، إن الظرفية الحالية تفرض التفكير في موضوع مشاركة القطاع الخاص وفق منظور مغاير يبتعد عن عقلية الريع وتشكيل اللوبيات المؤيدة، والانتقال إلى المنطق الهادف إلى جعل القطاع الخاص فاعلا  في التنمية ومنتجا حقيقيا للثروة ولفرص العمل، وانكباب الدول والحكومات، في المقابل، على توفير الأرضيات التشريعية والقانونية وإعداد مناخات العمل والاستثمار، فضلا على أن اهتمام الدول العربية بقضايا إستراتيجية مثل: الطاقات المتجددة، البيئة والتنمية المستدامة، الأهداف التنموية للألفية وغيرها، من شأنه أن يضع التفكير الرسمي والاقتصادي العربي على الطريق الصحيح القائم على الإنصات الجيد لمطالب الشعوب، وأيضا على التفاعل مع ما هو مطروح على عالم اليوم من تحديات اقتصادية وتنموية وديموغرافية وأمنية وإستراتيجية ومناخية وبيئية…
قمة الرياض يجب أن تنجح في جعل العرب أخيرا يستفيقوا، ويلتفتوا إلى حقائق الواقع والمستقبل، فهل يفعلون؟

[email protected]

Top