أصاب وباء كورونا الحياة الثقافية ببلادنا بالشلل التام، منذ مطلع الشهر الجاري، حيث أجبر العديد من المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على تعليق أنشطتها حتى إشعار آخر، في إطار اتخاذ التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من انتشار عدوى هذا الفيروس، خصوصا بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية وباء عالميا أو جائحة.
العديد من الأنشطة الثقافية كانت مبرمجة خلال الشهر الجاري، أخذا بعين الاعتبار أنه شهر الاحتفال بالأيام العالمية بامتياز، ولم يتم اتخاذ قرار إلغاء تلك الأنشطة إلا قبل وقت وجيز، ظنا من المنظمين أن هذا الوباء سيكون عابرا أو أن بلدنا سيكون بمنأى عنه، لكن مع توالي الأخبار التي تحمل مزيدا من المصابين بين ظهرانينا، لم يكن بد من إلغاء كافة الأنشطة الثقافية الوطنية والجهوية والدولية على حد سواء.
وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الداخلية عن إغلاق كل المرافق الثقافية العمومية في وجه العموم، وحتى إشعار آخر، انطلاقا من أمس الإثنين على الساعة السادسة مساء، بما فيها المقاهي، والمطاعم، والقاعات السينمائية، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب وملاعب القرب، وذلك في إطار التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا المستجد بالمملكة، ومن منطلق المسؤولية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين.
وفي وقت سابق اعلنت وزارة الثقافة والشباب والرياضة، أنه في إطار التدابير الوقائية المتخذة على المستوى الوطني لمواجهة وباء كورونا، تقرر “ابتداء من السبت الماضي، وحتى إشعار لاحق، توقیف الدراسة والأنشطة الثقافية والتربوية والرياضية والتعليمية التي تحتضنها جميع المؤسسات التابعة للوزارة أو الخاضعة لوصايتها..”.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن “هذا الإجراء يشمل دور الحضانة في القطاعين العام والخاص ورياض الأطفال والنوادي النسوية ومراكز التأهيل المهني النسوية ودور الشباب والثقافة والمراكز السوسيو – رياضية ویم والمؤسسات والقاعات الخاصة بالرياضة بجميع أنواعها، وكذا المكتبات وقاعات القراءة والمسارح و قاعات السينما وجميع مؤسسات التكوين والمعاهد، فضلا عن ومؤسسات التعليم العالي التابعة لقطاعات الثقافة والشباب والرياضة والاتصال”.
وأكدت الوزارة أن هذا الإجراء “يرمي إلى حماية صحة الأطفال والتلاميذ والطلبة والشباب والأطر العاملة بالقطاعات التابعة للوزارة لتجنب انتشار الوباء”.
كما أعلنت مؤسسة منتدى أصيلة عن توقيف جميع الأنشطة المبرمجة بكافة مرافق المؤسسة حتى إشعار آخر.
وأكدت مؤسسة منتدى أصيلة، في بلاغ صحافي صادر عقب انعقاد مكتبها الإداري يوم السبت الماضي، قرار توقيف جميع الأنشطة بجميع مرافق المؤسسة بأصيلة، بما في ذلك تعليق الأنشطة المبرمجة بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية ومكتبة الأمير بندر بن سلطان ودار الصباح للتضامن وقصر الثقافة.
وأشارت المؤسسة إلى أن هذا القرار يأتي “تفعيلا للإجراءات التي أقرتها الحكومة المغربية في إطار اتخاذ التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من انتشار عدوى جائحة فيرس كورونا المستجد”.
ومن جهتها كذلك، أعلنت مؤسسة روح فاس عن إلغاء الدورة السادسة والعشرين لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة التي كان مقررا تنظيمها خلال الفترة من 12 إلى 20 يونيو القادم.
وذكر بلاغ للمؤسسة أن ذلك تقرر “بالنظر إلى الوضع المرتبط بتداعيات فيروس كورونا وتطبيقا لتوصيات السلطات المختصة”.
كما أعلنت جمعية مغرب الثقافات عن إلغاء الدورة التاسعة عشر لمهرجان موازين إيقاعات العالم، التي كان من المقرر تنظيمها بالرباط من 19 إلى 27 يونيو القادم.
وذكر بلاغ للجمعية أن هذا القرار تم اتخاذه “تماشيا مع الإجراءات الأمنية الوقائية المتخذة من طرف السلطات المغربية ومنظمة الصحة العالمية التي توصي بمنع التظاهرات الكبيرة”.
وخلصت الجمعية إلى أنها تولي أولوية أولى، قبل كل شيء، لصحة المواطنين المغاربة وأمنهم.
وأعلنت جمعية تيميتار عن إلغاء الدورة السابعة عشر من مهرجان تيميتار، والذي كان من المرتقب تنظيمه من 3 إلى 6 يوليوز المقبل بمدينة أكادير.
وأوضحت الجمعية في بلاغ لها أن “هذا القرار يأتي في إطار تدابير السلامة المتعلقة بوباء فيروس كورونا، التي توصي بالحد من التظاهرات الكبرى والتجمعات الحاشدة وحفاظا على سلامة المواطنين”.
وكانت رابطة كاتبات المغرب تستعد لتنظيم مجموعة من الأنشطة خلال الشهر الجاري، احتفالا باليوم الوطني للكاتبة، الذي كانت قد بادرت إلى إقراره، وجاء في بلاغ لها أنه تقرر تعليق كل أنشطتها داخل الوطن وخارجه، وذلك “للمزيد من الإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس كورونا”.
هذه القرارات التي امتثلت لها مختلف المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، تنم عن الوعي العام بمدى الخطورة التي يشكلها وباء كورونا، بالنظر إلى الوتيرة السريعة التي ينتشر بها يوما بعد يوما، في مختلف دول المعمور، مهددا حياة المصابين ما دام لم يتم إلى حد كتابة هذه السطور، اكتشاف اللقاح الناجع المضاد له.
عبد العالي بركات