مدينة الجديدة تستقطب آلاف الزوار من مغاربة الخارج والداخل والسياح الأجانب بفضل شواطئها الملهمة وساكنتها المضيافة

بفضل مؤهلاتها الطبيعية والسياحية، ومنها بالخصوص برودة الطقس ووفرة الأسماك والخضر والفواكه، استطاعت أن تجد لها مكانا ضمن أكثر الوجهات جذبا للزوار خلال موسم الصيف والذي شهدت فيه تدفق الزوار بالآلاف خاصة خلال شهر غشت الجاري

عرفت الجديدة كباقي المدن الساحلية للمملكة الشاطئية تزامنا مع موجة الحر التي تجتاح بلادنا خلال هذا الصيف، توافد أعداد كبيرة من الجالية المغربية المقيمة في الخارج ومغاربة الداخل وكذا السياح الأجانب .
وتفضل ساكنة المدن الداخلية، كالفقيه بنصالح، خريبكة ومراكش وبني ملال، وسطات، وبرشيد، التوجه لعاصمة دكالة بالنظر لقرب المسافة من جهة، وتواجد شقق المبيت بأعداد تلبي الكم الكبير من الزوار .
ويتوفر الشريط الساحلي لمدينة الجديدة على أكثر من 30 شاطئا انطلاقا من شاطئ الواد المالح بالمهارزة الساحل شمالا، مرورا بشواطئ أخرى، في اتجاه شاطئ مريزيقة والحرشان جنوبا، دون الحديث عن شاطئ الوليدية التابعة لإقليم سيدي بنور، والذي يستقبل بدوره أعدادا مهمة من الزوار والمصطافين من مختلف جهات المملكة.
ومن أجمل شواطئ المدينة، شاطى سيدي بونعايم التابع لجماعة هشتوكة، فهو يتميز بوجوده قرب غابة كثيفة الأشجار، فضلا عن رماله الذهبية الخالية والبعيدة عن مصادر التلوث .
ومعلوم أن هذا الشاطئ كان يطلق عليه اسم شاطئ ” كناص ” نسبة إلى مستعمر فرنسي، ثم فيما بعد سمي بشاطئ “دولاسيس” قبل أن تطلق عليه الجماعة الترابية لأثنين هشتوكة سنة 1986 اسم شاطئ سيدي بونعايم، ويبعد هذا الشاطئ الجميل عن الدار البيضاء بـ 57 كلم وعن الجديدة بـ 33 كلم.
وغير بعيد عن شاطئ سيدي بونعايم في اتجاه مدينة أزمور، يوجد شاطئ للا عائشة البحرية، الذي يستقطب كل يوم زوارا من نوع خاص، يجمعون بين ما هو ديني وترفيهي، ولهذا الشاطئ سحر خاص، فهو يستقطب زوارا وسياحا من داخل وخارج المغرب، وخاصة من أفراد الجالية المقيمة بالخارج، أغلبهم من النساء اللواتي يمزجن بين السياحة الدينية والترفيهية.
ويشهد حركة ذؤوبة بحكم أن كل زوار الضريح خاصة النساء اللواتي تقصدن الولي الصالح ” للا عائشة البحرية ” وتسمى أيضا “للاعائشة النهرية ” لأن قبرها يوجد في نقطة التقاء نهر أم الربيع بالمحيط الأطلسي، لابد لهن أن يعرجن على البحر ،ليقتنصن فرصة للاسترخاء والاستجمام .
وعلى بعد أقل من كيلومتر واحد، يتربع شاطئ الحوزية، الذي ظل يحافظ على اللواء الأزرق طيلة 12 سنة متتالية، لجودة مياهه ورماله ونقاء فضائه، وكذا نوعية الأنشطة التي تنظم فيه.
ويعتبر هذا الشاطئ، من أهم شواطئ الساحل الأطلسي، وله مكانة خاصة في نفوس المصطافين الراغبين في الترويح عن النفس والاستجمام، و يمتاز بمقومات طبيعية، منها قربه من النهر والغابة، والتي جعلته قبلة للعديد من الزوار من كل المدن المغربية، بما فيها المدن الشاطئية .
وإلى جانب هذه الشواطئ التي تحظى بإقبال لافت من قبل المصطافين، يتوفر الإقليم على شواطئ أخرى لا تقل عنها جمالا، كشاطئ زفير مزغان، والدوفيل بالجديدة، وسيدي بوزيد، و ومولاي عبد الله و سيدي بلخير، المعروف بوعورة السباحة فيه، وسيدي عابد وسيدي موسى و مريزيقة و الحرشان.
وجميع هذه الشواطئ تتحول كل موسم صيف إلى محج مفضل للمصطافين والزوار الراغبين في الجمع بين الاستجمام والاستمتاع بألق الطبيعة الساحلية.
وعرفت شوارع مدينة الجديدة وأزقتها خلال منتصف غشت الجاري وتزامنا مع موسم مولاي عبدالله أمغار اكتظاظا بسبب توافد الزوار الذين جاؤوا للاستمتاع بأجواء الموسم قضوا وهروبا من لهيب الحر اللافح.
والأكيد أن هذه الحركية قد ساهمت بشكل واضح في انتعاشة اقتصادية بالمدينة انعكست ايجابا على حياة ساكنة الجديدة.

رواج اقتصادي

لاشك أن الحرفين والباعة كانوا ينتظرون فصل الصيف بفارغ الصبر، لأنه فرصة سانحة لهم للرواج الاقتصادي، إذ تنتعش جميع الحرف بالنظر لأعداد الزوار الذين يحجون للمدينة، وبذلك يتضاعف حجم المبيعات سواء تعلق الأمر بالغذائية منها أو الملابس لأن اغلب الأسر وخاصة النساء يفضلن العودة إلى مسقط الرأس بتذكار يرتبط بعاصمة دكالة .

مهن جديدة

على مستوى الشواطئ تظهر مهن جديدة يكون مسرحا لها الشاطئ، هذه المهن المتعددة والتي لا تؤثر أي منها على الأخرى سلبا، ولا يتأثر ممتهنوها من كثرة أعداد ممارسيها، بسبب كثرة الطلب عليهم وعلى منتوجاتهم والخدمات التي يقدمونها، تمارس بكثرة من قبل الأطفال والشباب، الذين يختارونها كبديل عن إمضاء الصيف بين جدران المنزل، دون دخل يذكر.
ولعل أبرز هذه المهن، التي تنتشر في جل الشواطئ المغربية، خاصة منها التي تعرف اكتظاظا، أذكر بائع القهوة المعطرة والمنسمة بأعشاب وتوابل رائعة المذاق، تفوح فتوقظ شهية المصطاف، وتستميل حتى غير المدمنين على شربها، ثم أصحاب الإبل والأحصنة يتجولون بأحصنة قوية مسرجة ونظيفة، يتم كراؤها للذهاب في جولة حول الشاطئ بثمن زهيد للغاية، وفي كثير من الأحيان تجد عوض الحصان حمارا ذو قامة قصيرة، يخصص للأطفال الصغار ممن يخافون علو الأحصنة بالإضافة إلى الإبل.وبائع السجائر، وهو غالبا شاب يحمل في يده علبة سجائر كبيرة، يبيع محتواها بالتقسيط، بنفس الثمن الذي تباع به في أماكن أخرى، المدخول يكون متوسطا، لكن كثرة الطلب عليه بالنظر لبعد المحلات عن الشاطئ تجعل الأمر محفزا لعدد من الشباب، بائع الحلويات المنزلية”البِيني”، وهي حلوى مغربية يتم تحضيرها خلال الأعياد، تغلف بالسكر، تعد في المنزل ويعرضها الشباب للبيع، وتلقى إقبالا كبيرا خاصة الأطفال، بائع المثلجات، بسبب الحرارة المفرطة، يجد بائعو المثلجات المتنقلين الحاملين لثلاجات صغيرة ولائحة لمنتوجاتهم، تهافتا ملحوظا على اقتناء سلعتهم.
لُعَب الأطفال وخاصة منها تلك التي تستعمل في البحر، لتشكيل مجسمات من الرمال، أو الأخرى التي تستعمل أثناء السباحة لتفادي الغرق، ثم مهنة بيع الفواكه الطرية والجافة وهي من أكثر السلع الطبيعية مبيعا على شاطئ البحر، إذ أن المصطافين يجدون فيها مقبلا لما بعد تناول وجبة الغذاء، ولذة عند الاستمتاع بشمس الصيف، فمذاقها المتنوع وبرودتها، تمنح الجسم طاقة تمكنهم من البقاء مدة أطول في الشاطئ.

شقق بأثمنة خيالية

مع حلول الصيف تطفو من جديدة ظاهرة” السمسرة ” من أجل كراء شقق للزوار، وهكذا ينتشر على طول شاطئ الدوفيل شباب ونساء يلوحون بمفاتيح من أجل جلب الأسر التي تريد كراء شقة للمبيت الليلي.
وإذا كان فصل الصيف بمدينة الجديدة يترك آثارا ايجابية على دخل الأسر المعوزة، فانه من جانب آخر يترك نقطا سوداء تسيئ للمدينة بشكل عام في ظل غياب دور فعال للمجلس البلدي، ومن ذلك أن الكم الهائل من النفايات المنزلية يتم رميه في الشارع دون حسيب ولا رقيب، في وقت يظل مسؤولو المجلس الإقليمي يتفرجون على الوضع والمدينة تغرق في الأزبال، ناهيك عن الاكتظاظ وسط المدينة، الذي كثيرا ما يستغله ذوو السوابق من اللصوص، من أجل سلب المواطنين هواتفهم وحتى نقودهم، أمام قلة الأمن بالنظر للاعداد القليلة لرجال الشرطة والتي لا تكفي لتغطية النقط السوداء وأماكن تجمع الزوار بالليل .

<عبدالله مرجان

Related posts

Top