مراجعة مدونة الأسرة بشكل يجعل أحكامها تتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال الطفولة

احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الانسان يوم السبت الماضي، في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، ندوة أطرتها اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بطنجة حول موضوع “حق الطفل في البنوة والنسب على ضوء المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وتميز هذا اللقاء بمشاركة كل من سلمى الطود، رئيسة اللجنة الجهوية بطنجة وأنس سعدون، عضو نادي القضاة، وندى بقالي، محامية بهيئة طنجة وعضو بالمنظمة المغربية لحقوق الانسان وخالد الغنيمي، طبيب اختصاصي في طب الأطفال ورئيس جمعية “مائة بالمائة أمهات” بطنجة.
واستُهلت الندوة بتأكيد المتدخلين على ضرورة حماية جميع حقوق الطفل خاصة الحق في النسب طبقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، بحيث شددوا على ضرورة عدم التمييز بين الأطفال حسب الحالة العائلية للوالدين، على اعتبار أن المادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان تنص على أن “جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وُهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء”.
وأبرزت بعض المداخلات أن إشكالية النسب في القانون المغربي تتمثل في كون هذه المنظومة القانونية المغربية تحبل بمجموعة من التناقضات، بحيث أنها تُحمل المسؤولية فقط للطفل والأم بينما يُعفى الأب حتى في حالة الخبرة الجينية. فرغم إثبات الخبرة الجينية للأبوة، فإن القانون المغربي لا يعترف بهذا النسب حتى يتم إقراره من لدن الأب بينما يتم اعتماد هذه الخبرة الجينية بطريقة شبه مطلقة في الجرائم الأخرى. فإقرار الأب يعتبر وسيلة أساسية ضمن وسائل أخرى التي يمكن أن تثبت الأبوة حسب ما تنص عليها المادتين 158 و152 من مدونة الأسرة.
من هذا المنطلق، دعا المتدخلون في هذه الندوة إلى جعل الخبرة الجينية أصلا وليس استثناء في إثبات النسب. وأشاروا إلى أن التمييز بين البنوة الشرعية والغير الشرعية في مدونة الأسرة تنتج عنه انتهاكات لأبسط حقوق الطفل، ألا وهو الحق في الهوية، والحق في النسب، والحق في التسجيل في الحالة المدنية، والحق في الجنسية، بحيث لا تُراعى المصلحة الفضلى للطفل كما نصت عليها الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها القانون وأقرها الدستور المغربي الجديد.
وأبرزت عدد من المداخلات أن السياسة الجنائية المغربية، بالرغم من اعتناءها بالطفل القاصر ضحية جرم معين، قد غابت عنها حماية الطفل المولود خارج نطاق الزواج من الإهمال الصادر من أبيه البيولوجي. فالاختلالات بالترسانة القانونية المغربية تتيح للأب الإفلات من المساءلة حتى عندما تثبت الخبرة الجينية البنوة.
 وبحسب بعض المتدخلين،  يعتبر إخفاء الأب للحقيقة أمام القضاء وعدم إقراره بالبنوة، رغم إثبات الخبرة الجينية للعلاقة البيولوجية، كذبا وإخفاء للحقيقة وتضليلا للعدالة، لكن لا يوجد بالفرع السادس من الباب السادس بالقانون الجنائي أي فصل يعاقب على الكذب الصادر عن أحد طرفي النزاع، لذلك لا يعاقب الأب المخفي للحقيقة أمام القضاء بصفته مدعا عليه ولا يمكن في هذا السياق حتى اعتماد تفسير واسع للقانون أو استعمال القياس نظرا لاصطدام الأمر مع مبدأ الشرعية الجنائية، بينما يعاقب الفرع المذكور والذي يحمل عنوان ” شهادة الزور واليمين الكاذبة والامتناع عن الشهادة” على تغيير الحقيقة من أجل تضليل العدالة وحمل الغير على الإدلاء بشهادة كاذبة والترجمة التي تغير جوهر التصريحات والوشاية الكاذبة واليمين الكاذب. أمام هذا الفراغ التشريعي، يؤكد المتدخلون على أن الأب يعتبر شخصا منفلتا من أي مسؤولية ومن أي عقاب نظرا لانعدام الصفة الجرمية.
وفي هذا السياق، دعا المشاركون إلى مراجعة الترسانة القانونية المغربية خاصة مدونة الأسرة بشكل يجعل أحكامها تتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال الطفولة وكذا أحكام الدستور وتصدير مدونة الأسرة التي تنص في الفقرة الأولى على صون حقوق الطفل.

> حسن عربي

Related posts

Top