مراكز حماية الطفولة

لم يتردد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أمس، في التأكيد على أن الزيارات التي قام بها ممثلو المجلس إلى مراكز حماية الطفولة مكنتهم من تكوين(صورة قاتمة)عنها، ودعا السلطات الحكومية إلى الإسراع باتخاذ إجراءات استعجالية. التصريح المشار إليه جاء خلال ندوة صحفية عقدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أمس بالرباط، لتقديم تقريره الموضوعاتي حول مراكز حماية الطفولة، وحول واقع الأطفال المودعين فيها، وظروف حياتهم، كما قدم توصيات ومقترحات لمعالجة ما تم رصده من اختلالات.
وإن من أهم الخلاصات التي تضمنها التقرير، نذكر التأكيد على أن عملية الإيداع في المراكز المذكورة غالبا ما تشكل أول تدبير يتم اللجوء إليه، ودعا التقرير القضاة إلى جعل ذلك آخر التدابير وليس أولها، مقترحا ضرورة التفكير في وضع بدائل للحرمان من الحرية، وبدائل للإيداع في هذه المؤسسات، ولفت إلى أن إيداع الأطفال في مراكز حماية الطفولة غير ملائم لقواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل، كما أن عملية الإيداع لا تضمن مشاركة الأطفال في المسار القضائي، وأيضا حق الطفل في الاستماع إليه وفي التوفر على مساعدة قانونية مناسبة.
في السياق نفسه، كشف تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن عديد فضائح ترتكب في حق الأطفال داخل المراكز المشار إليها، بالإضافة إلى معاناتهم جراء ضعف التغذية والإقامة والنظافة، وبسبب انتشار الأمراض، والإدمان على المخدرات، وأيضا ما يتعلق بالأمن وتعرض الأطفال إلى كثير أشكال من العنف والاعتداء، ثم دعا، على ضوء ذلك، إلى تفعيل مقاربات شمولية لمعالجة كل هذه المعضلات.
يؤكد المتخصصون والفاعلون في هذا المجال أن البلاد تمتلك ترسانة قانونية لا بأس بها، لكن بقدر ما تقتضي الأوضاع والتطورات خطوات أخرى على المستوى القانوني والتشريعي والمؤسساتي، فالأمر يتطلب أيضا وأساسا ضمان التنفيذ الفعلي للقوانين، وذلك من خلال رصد الوسائل المادية والموارد البشرية المؤهلة اللازمة، وتتبع الأطفال المودعين، بشكل منهجي، من لدن القاضي، ومراقبة مقرات الاحتجاز الإداري للأطفال(مقرات مخافر الشرطة والدرك)، وأيضا وضع برامج بيداغوجية – تربوية  ونفسية – اجتماعية مناسبة تهدف إلى التكفل متعدد التخصصات بالأطفال المودعين وتتبعهم، بالإضافة طبعا إلى ضرورة إيلاء أهمية قصوى للوقاية من جنوح الأطفال وإقصائهم وتعاطيهم للمخدرات، كما يجب تنفيذ سياسة اجتماعية لدعم العائلات في وضعية صعبة.
الخلاصة الجوهرية هنا تتمحور إذن حول الوقاية والمقاربات الاستباقية، ثم الحرص على تطبيق القوانين الموجودة بصرامة، وثالثا تقوية مراقبة مراكز حماية  الطفولة، وأيضا مقرات الاحتجاز الإداري لدى الشرطة والدرك، ورابعا جعل مختلف الإجراءات والقوانين والسياسات والآليات تنتظم ضمن مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، وفي إطار مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للرعاية البديلة للأطفال.
[email protected]

Top