شكل موضوع “دولة الحق والقانون وشروط المحاكمة العادلة على ضوء مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد”، محور أشغال الملتقى الخامس للعدالة، الذي نظمته يوم الأربعاء الماضي، بقصر المؤتمرات بالعيون، هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير والعيون وكلميم. وعرف هذا اللقاء، المنظم بشراكة مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب ووزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ومحكمة الاستئناف بالعيون وجامعة ابن زهر، حضور والي جهة العيون – الساقية الحمراء عامل إقليم العيون عبد السلام بكرات، وعدد من المنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية، إلى جانب ثلة من القضاة والمحامين والأساتذة الجامعيين. وأكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالعيون، إبراهيم بن تزرت، في كلمة بهذه المناسبة، أن إعادة تغيير وصياغة قانون المسطرة المدنية بالكامل عمل “جبار” تطلب آلاف ساعات العمل وطاقات قانونية متعددة وهامات قضائية رائدة، مبرزا أن المشروع الحالي انتقل من 528 مادة سابقا إلى 644 مادة حاليا، بزيادة حوالي 116 مادة. وذكر، في هذا الصدد، بالطفرة التشريعية التي تعيشها المملكة وسرعة وتيرة ومنحنى التشريع وتغيير القوانين وتجويدها، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، داعيا إلى ضرورة تضمين المسطرة المدنية إجراءات صريحة تسهل الانتقال الرقمي وتبرز أولوية الإجراء الرقمي على الإجراء الورقي. وأضاف أن نجاح أية مسطرة مدنية رهين باستجماعها لخصائص السرعة والنجاعة والدقة والشفافية، مشيرا إلى أن كل هذه الخصائص تتوفر في الأدوات والمساطر الرقمية، مما يقتضي اعتماد الرقمنة باعتبارها قطب الرحى لتغيير قانون المسطرة المدنية. من جهته، قال الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالعيون، محمد الراوي، إن إصلاح قانون المسطرة المدنية بالمملكة مر من عدة محطات منذ سنة 1913 وإلى غاية المشروع الحالي، والذي يعتبر أيضا من بين الثمار التي يتم قطفها في إطار تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة. وأبرز الراوي أن هذا المشروع جاء مركزا ودقيقا وعصريا من حيث المعجم القانوني المستعمل فيه، مشيرا إلى أنه يحمل في طياته أدوارا طلائعية للنيابة العامة، بالإضافة إلى تضمنه مجموعة من المستجدات، يتصدرها تعزيز دور القاضي في حسن سير المحاكمة العادلة، من خلال إعطائه دورا أكثر إيجابية في سير المسطرة، وتجاوز جزء من إشكاليات التبليغ المتعلق بعنوان المدعى عليه، وتنزيل مبدأ وحدة القضاء من خلال دمج المقتضيات المتعلقة بالقضاء المتخصص في صلب قانون المسطرة المدنية الجديد، مع ملاءمته لمقتضيات القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي. وأكد أن “التآم أسرة العدالة بمدينة العيون، وما تعيشه المملكة المغربية اليوم من تثبيت لدولة الحق والقانون ودولة المؤسسات واحترام حقوق الإنسان يجعلنا كفاعلين في حقل العدالة على التزام بالمساهمة في البناء المؤسساتي لجهاز العدالة، الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يحث عليه في خطبه السامية، لاسيما خطاب جلالته بمناسبة افتتاح المجلس الأعلى للقضاء بالرباط في فاتح مارس 2002”. وأشار، بالمناسبة، إلى ما تشهده محكمة الاستئناف بالعيون والمحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها، سنة بعد أخرى، من ارتفاع لعدد القضايا المدنية المسجلة لديها، وما تبذله من مجهودات جبارة لتصفيتها في آجال معقولة، محققة بذلك النجاعة القضائية المرجوة.
من جانبه، أكد نقيب هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير والعيون وكلميم، نور الدين خليل، أن “الحديث عن المسطرة المدنية في حقيقته حديث عن سير العدالة والحق في التقاضي والحق في الولوج للعدالة”، مشيرا إلى أن القانون هو الذي ينظم الحق في التقاضي وسير الدعوى بجميع مراحلها وإشكالياتها. وأشار إلى أن الحصول على المساعدة القانونية والاستشارة القانونية أضحى عنصرا أساسيا من عناصر الحق في الولوج إلى العدالة، خصوصا أمام تعدد وتعقد القوانين والمساطر والتنظيمات القضائية، وأمام تشتت مصادر القانون وتنوع الإدارات والمؤسسات المعنية، مما يجعل اللجوء إلى مهنيي القانون أمرا لازما وضروريا لا يتحقق الواجب إلا به. وانكب المشاركون في الملتقى على مناقشة وتدارس مجموعة من المواضيع التي تمحورت، بالخصوص، حول “المحاكمة العادلة من خلال مشروع قانون المسطرة المدنية”، و”أي ضمانات للمحاكمة العادلة في مشروع قانون المسطرة المدنية”، و”مظاهر المحاكمة العادلة في مشروع قانون المسطرة المدنية”، و”الزمن المعقول في مشروع قانون المسطرة المدنية، ضمانة لتحقيق المحاكمة العادلة”، و”تأثير المعيار المالي على الحق في الدفاع ودور المحامي في مشروع قانون المسطرة المدنية”، بالإضافة إلى “القوانين الإجرائية المدنية ومبدأ حق التقاضي، تأملات حول مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية”، و”اختصاص المحاكم من خلال مشروع قانون المسطرة المدنية”.