منتدى المناصفة والمساواة بأكادير يناقش الحقوق الإنسانية للمرأة الصحراوية في مخيمات تندوف

نظمت، مؤخرا، بأكادير ندوة فكرية حول الحقوق الإنسانية للنساء في تندوف أطرها ثلة من الجامعيين والحقوقيين والمهتمين بالشأن الصحراوي. وقد تعبأ كل اعضاء تنسيقية فرع المنتدى بأكادير في تنسيق تام مع قيادتها الوطنية للتحضير والإعداد الجيدين لهذا اللقاء التواصلي ذي البعد الوطني، مما أكدته نوعية الحضور وكثافته وكذا دقة التنظيم والتقديم التي سمحت للجميع بالاستفادة والإفادة والتقاسم الأمثل لكل المعطيات المتعلقة بالملف.

كشف توفيق جازوليت أستاذ القانون والعلوم السياسية بالجامعة الدولية بالرباط في عرضه خلال هذا اللقاء عن جهل السواد الأعظم لمتتبعي ملف الصحراء المغربية لمفهوم مشروع الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب كحل بديل وأمثل لحلحلة هذا المشكل المصطنع من قبل أعداء المغرب منذ أزيد من أربعة عقود، مضيفا، بأن الحكم الذاتي هو أحد مكونات القانون الدولي داعيا الأحزاب الوطنية التقدمية إلى العمل على ضرورة التوفر على مركز الأبحاث حتى يتسنى لها تتبع كل الأحداث على المستويين الوطني والدولي بشكل دقيق مع التركيز على اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة البحث والعلوم والتواصل الدولي بامتياز مقارنة مع اللغات المعتمدة حاليا في بلادنا، مذكرا، بأن القانون الدولي العام الخارجي يساند طرح الانفصال ومبدأ تقرير المصير في الوقت الذي يدافع فيه القانون الدولي الداخلي على الحكم الذاتي، موضحا، أهمية قرارات هيلسينكي التي استغرق فيها النقاش والجدل  قرابة سنتين (1973/1975) ليخرج الجميع بقرارات مهمة تمنع منح الاستقلال للأقليات وتشجع وحدة الدول، مشيرا إلى أن الحكم الذاتي هو استقلال داخلي وأن الجهوية المتقدمة هي مرحلة متقدمة من الحكم الذاتي الموسع.
وأضاف الأستاذ والباحث والخبير في العلاقات والنزاعات الدولية بان الحكم الذاتي نجح في أوروبا وفشل في باقي بقاع المعمور لكون أوروبا تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان مختتما عرضه بضرورة العمل على إنجاح الجهوية المتقدمة والاهتمام بالديمقراطية وحقوق الإنسان وترسيخ الثقة بين كل مكونات المجتمع الصحراوي وباقي إخوانهم المغاربة.
من جانبه، عزا الأستاذ عبد الهادي مزراري، الأمين العام لمنظمة غوث الصحراويين في مخيمات تندوف، فشل ملف الصحراء المغربية إلى حدود اليوم، للمحامي المكلف بالدفاع عن هذا الملف في أروقة الأمم المتحدة والذي لم يستطع تقديم أية إضافة للقضية، متهما إياه، بجهل تفاصيل القضية، وإن كان من أهلنا ومن ذوينا. وقلص المتحدث من تأثير الجزائر ومسؤولي الانفصاليين والقوى الكبرى التي تبتز المملكة المغربية في ثروتها وفي تاريخها وسيادتها. وقال مزراري بأن انفصاليي البوليزاريو، بنوا مشروعهم الانفصالي على المرأة الصحراوية التي تضطلع بمكانة خاصة وجد مهمة في مجتمعها، باعتبارها محور التسيير والتغني لدى الشعراء وهي عمود محوري من حيث الاهتمام والتكريم بل والتواجد في حد ذاته، مستدلا بمهر المرأة الصحراوية الذي يتضاعف بعد طلاقها، عكس ما هو سائد في باقي المجتمعات، كما ساق مثالا لمصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي كان مقاوما ومدافعا شرسا على الصحراء المغربية كقائد للقوات المغربية، وابنيه المختطفين في الجهة الأخرى، قبل أن يستسلم ويلتحق بهما مكرها، بعد معاناة مع الوحدة والعزلة اللتين خلفهما غياب زوجته  التي التحقت  بدورها بالجبهة مجبرة، لعدم قدرتها تحمل العيش بعيدة عن فلذات كبدها، فمكر الانفصاليين يتجلى في الاعتماد على المرأة، لأنك إذا اخذت المرأة الصحراوية استوليت على الأبناء وعلى الزوج وعلى العشاق وعلى كل من يحيط بها، لهذا ركزوا على هذه النقطة بالذات باعتبارها نقطة تغيير المسار بالنسبة للمجتمع الصحراوي.
واستطرد مزراري في تحليله قائلا بأن قياديي الجبهة الانفصالية يستغلون وضعية النساء المرحلين أبناؤهن إلى كوبا وإسبانيا والجزائر وإلى دول أخرى خارجية لتحويل طاقاتهم العاطفية إلى قوى الردع والمراقبة وتدبير مختلف المناطق داخل المخيمات في خرق سافر لحقوق الإنسان وفي غياب أدنى شروط الاعتناء والاهتمام بالمرأة وبخصوصياتها الفيزيولوجية والعاطفية، وتم استغلال المرأة الصحراوية استغلالا بشعا، لم يسبق له مثيل في العالم وتم تحويلها نفسانيا إلى آلة لإنتاج وتفريخ أطفال للتسول لدى المنظمات الدولية وتربيتهم على العداء للمغرب من خلال خرجاتهم الإعلامية ومن خلال المخيمات الطفولية التي تنظم في معظم الدول الأوروبية، وكذا من خلال محتويات الكتب المدرسية المعتمدة في مدارس المخيمات والتي كتب في إحداها عبارة “السماء تمطر مطرا وطائرات العدو المغربي تمطرنا بالقذائف” وذلك بهدف تأجيج العداوة وزرعها في نفوس الأطفال الأبرياء. مما يفتح الباب على مصراعيه أمام الجزائر وبعض القوى الكبرى التي تنافق المغرب وتتاجر فيه بهذا الملف وتترك باب الأمل في الحل، نصفه مفتوح والنصف الآخر مغلق، وتسهل لها مأمورية المساومة بمواطنين تم تلقينهم الكره لوطنهم الأم.
وبعد السماح للأخوات الصحراويات وللإخوة الصحراويين المغرر بهم والمختطفين بالعودة لأرض الوطن في إطار” الوطن غفور رحيم”، يقول المحاضر، كان استقبالهم يكتسي نوع من الجفاء وعدم القدرة على الاحتضان مما كرس نوعا من التنافر بين مكونات المجتمع الصحراوي، وهو ما عبر عنه الراحل الحسن الثاني رحمه الله، لما قال بأن المغرب استرجع أقاليمه الصحراوية ولم يسترجع بعد أبناء الصحراء في إشارة واضحة لغياب التناغم والثقة بين أبناء الصحراء وباقي مكونات المجتمع المغربي.
ودعا الإعلامي والحقوقي في ختام مداخلته، كل المتدخلين في هذا الملف إلى فتح مزيد من قنوات الاتصال بإخواننا والعمل على احتضانهم لأنهم محتاجون للدعم المعنوي أكثر منه للدعم المادي.
أما الأستاذ البشير عيوش، المستشار بحكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية، فقد اعتبر المعاناة والتنكيل والتعذيب التي يتعرض لها أطفال ونساء المخيمات بتندوف وصمة عار على المنتظم الدولي، وأن ما يقع في مخيمات الذل والعار تقف من ورائه بالدرجة الأولى الدولة الجزائرية التي كان لها نفوذ قوي على الجبهة الخارجية الإفريقية والدولية، مستغلا هذا التواجد القوي لمعاكسة المغرب في كل المنتديات الدولية، وسلط عيوش الضوء على الحصار الكبير الذي ينصب في وجه نساء المخيمات في التنقل وفي التجمعات ولو في إطار عائلي لتفادي أي ائتلاف من شأنه بعثرة أوراق قيادات الجمهورية الوهمية المزعومة، الذين يغتنون من المساعدات الدولية التي يتم تحويلها إلى الأسواق الموريتانية والجزائرية لبيعها والاستفادة من عائداتها كما يسخرون كل طاقاتهم وطاقات صناعهم للتحكم في مجريات الحياة داخل المخيمات من خلال إحكام الطوق على كل المنافذ وعلى تنظيم انتخابات مزورة  يتم من خلالها التصويت على أشخاص بعينهم وبالمنطق القبلي الصرف، في غياب أي برنامج أو مكون إيديولوجي أو حزبي أو مشروع مجتمعي واضح.
واكد المحاضر في الأخير أن الشباب الصحراوي كشف كل مناورات الخصوم الرامية إلى زرع الفتنة وإذكاء النعرات بين الإخوة وسعيها الحثيث للتشويش على الوضعية الحقوقية في الأقاليم الصحراوية المغربية.
وجهة النظر الحقوقية كانت بدورها حاضرة وبقوة في هذه المائدة المستديرة، من خلال مداخلة الأستاذ محمد الشارف رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكادير الذي أكد على أن مناقشة ملف الصحراء يطغى عليه الطابع العاطفي والشوفيني والمنحاز، أكثر مما هو موضوعي وعقلي مرتكز على المعرفة والاطلاع الدقيق بكل تفاصيل ومجريات الأحداث بالمنطقة، مشيرا، إلى أن الحديث على حقوق الإنسان وعلى الديمقراطية ليس حكرا على المناطق الصحراوية بقدر ما هو موضوع يهم كل ربوع المملكة المغربية رغم وجود اختلاف في خصوصيات الجهات الثلاثة لحقوق الإنسان بالمغرب.
وأضاف الجامعي الباحث بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومنذ تأسيسه سنة 2011 خلفا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يقدم بشكل منظم تقريره السنوي حول الوضعية الحقوقية بالمغرب أمام البرلمان بمجلسيه، كما يقوم بتقارير موضوعاتية عن كل المحطات والأحداث التي تعرفها بلادنا بكل مهنية واستقلالية كما يقوم بوضع مذكرات كما هو الحال بوضعية السجون والصحة العقلية ووضعية الأطفال وما إلى ذلك، مذكرا بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أرسى ثلاث لجن جهوية في المناطق الصحراوية تشتغل كلها وفق ما هو متعارف عليه كونيا وهي التي تزود منظمة الأمم المتحدة بتقريرها السنوي في شهر أبريل من كل سنة بعدما كانت المينورسو هي المكلفة في السابق بمراقبة الأوضاع الحقوقية بالمنطقة، مضيفا، بأن الأرقام المسجلة في هذا الإطار خير دليل على مصداقية واستقلالية اللجن الحقوقية حيث استفاد 5783 شخصا من التعويض المادي و155 تسوية مالية وإدارية وأكثر من 2135 بطاقة تغطية صحية وغير ذلك من امتيازات تصب كلها في مصلحة المواطن الصحراوي ..
وفي الأخير، فسح المجال للتفاعل والنقاش والتداول حول فحوى مختلف العروض المقدمة، وهو ما سمح لكل الحاضرات والحاضرين من إخراج كل ما في جعبهم من تساؤلات واستفسارات وتوضيحات كانت تدور بخلدهم وتؤرق بالهم، انبرى لها المحاضرون بتلقائية وبأريحية كبيرة لاقت استحسان الجميع.

حسن أومريــبط

Related posts

Top