من ذاكرة التنافس على تنظيم بطولات كأس العالم لكرة القدم -الحلقة 19

سيحاول المغرب مرة أخرى، أن يحظى بشرف استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2026، وللمرة الخامسة، تقدم المملكة المغربية ترشيحها لاستضافة أهم وأقوى حدث رياضي يقام كل أربع سنوات ويحظى بشعبية كبيرة تفوق حتى الألعاب الأولمبية، لكن الملف المغربي كممثل لقارة إفريقيا، سيواجه منافسا قويا بثلاثة رؤوس، والمتمثل في ملف تحالف الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك. أربع محاولات سابقة باءت بالفشل، وهي 1994 بأمريكا، و1998 بفرنسا، و2006 بألمانيا، و2010 بجنوب إفريقيا، ورغم ذلك يواصل المغرب حملة الدفاع عن ملف “موروكو 2026″، رغم مطبات وهجمات يتعرض لها في الأشهر الأخيرة من أجل الإطاحة قبل بلوغ مرحلة التصويت الذي ستعتمد على أصوات 207 اتحادا وطنيا، بدل الرجوع لآراء أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وفي انتظار الإعلان هوية البلد المضيف للنسخة الـ 23 لكأس العالم على هامش المؤتمر الـ68 لـ (الفيفا) في يوم الـ 13 يونيو القادم، أي قبل يوم من انطلاق نهائيات مونديال روسيا بمشاركة المنتخب المغربي، تستعرض “بيان اليوم” التنافس الذي اندلع بين دول حول شرف استضافة بطولات كأس العالم، طيلة 22 دورة، منذ النسخة الأولى من المونديال سنة 1930 بالأوروغواي إلى آخر دورة بقطر سنة 2022.

مونديال 2010 .. وارنر يقبل رشوة جنوب إفريقيا بسبب بخل المسؤولين المغاربة – 2/2

لم تكن عملية التصويت على مستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2010، نزيهة شأنها شأن مونديالي 1998 و2006، إذ خرجت تقارير صحفية في سنة 2015 على خلفية فضيحة “فيفا-غيت” التي هزت أركان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، لتؤكد أن المغرب هو من كان سيفوز بتنظيم النسخة التاسعة عشرة وليس جنوب إفريقيا، لولا التلاعب الذي حصل في اللحظات الأخيرة من عملية تصويت الأعضاء الـ24 للجنة التنفيذية في 15 ماي 2004، وذلك بشراء أصوات 3 أعضاء بـ (الفيفا) مقابل مبلغ 10 ملايين دولار.
فقد نشرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية في يونيو 2015 تسجيلات صوتية تم تسليمها لرئيس الاتحاد الدولي آنذاك السير جوزيف بلاتر، أكد فيها العضو السابق بـ (الفيفا) البوتسواني إسماعيل بهامجي الذي تم توقيفه نهائيا من مهامه بسبب بيعه 3 تذاكر بثمن مضاعف، أن المغرب كان متفوقا في عملية التصويت، إذ حصل على 13 صوتا مقابل 11 صوتا لجنوب إفريقيا، وحسب التسجيل الصوتي، فقد قال بهامجي لأحد الأشخاص: “المغرب فاز بفارق صوتين عن جنوب إفريقيا. من فضلك لا تفصح عن هذا، لأنه أمر سري للغاية”.
بيد أن شبهة الرشوة لم تطل الملف الجنوب إفريقي وحده، فقد ذكرت الصحافة الأمريكية أن مسؤولا من لجنة ترشيح المغرب اتصل برئيس اتحاد دول أمريكا الشمالية والوسطى وبحر الكاريبي (الكونكاكاف) والنائب الأول لرئيس (الفيفا) الترينيدادي جاك وارنر وعرض عليه مليون دولار من أجل دعم الملف المغربي، لكنه وارنر الذي عرف لدى المقربين بالجشع وحبه للمال إلى درجة السفر دون حقائب خلال زيارات قام بها إلى المغرب ودول عديدة، رفض هذا العرض، ويكفي أن نعلم وارنر نفسه رد على سؤال مسؤول عربي حول عدم التصويت لصالح الملف المغربي قائلا: “المغاربة لا يدفعون بسخاء”، وبالتالي كان منطقيا أن يقبل رجل جشع عرض جنوب إفريقيا التي قدمت مبلغا مضاعفا بكثير قيمته 10 ملايين دولار تم دفعه على 3 أقساط من حساب بنكي لـ (الفيفا) بسويسرا إلى حساب بأحد البنوك الأمريكية.
وارنر الذي ذكرت تقارير صحفية أنه كشف عن تصويته لصالح المغرب في المحاولة الثانية المتعلقة بمونديال 1998، قام أيضا بالضغط على نيلسون مانديلا من أجل زيارة ترينيداد وتوباغو وإلقاء خطاب مباشر هناك، وهو ما استجاب له الرئيس السابق لجنوب إفريقيا حتى يضمن صوت المسؤول النافذ آنذاك بـ (الفيفا) وفوز بلاده بتنظيم كأس العالم، كما ظل النائب السابق لبلاتر على اتصال وثيق بمسؤولي الاتحاد الجنوب إفريقي لكرة القدم، بل وقام بزيارات للدولة الواقعة جنوب أقصى القارة للاستجمام وشراء حقائب وملابس جديدة.
بعد اتهامات رسمية من الاتحاد الدولي اللعبة بشراء مونديال 2010، رد مسؤولو جنوب إفريقيا على ذلك، نافين بشكل قاطع مزاعم تقديم رشوة لمسؤولين نافذين مقابل التصويت لصالح الملف الجنوب إفريقي، لكنهم أقروا بأن المبلغ تم تحويله بواسطة الأمين العام لـ (الفيفا) الفرنسي جيروم فالكه في إطار مساعدة قدمتها حكومة بلادهم للشتات الإفريقي في بحر الكاريبي، كما أصر رئيس الاتحاد الجنوب إفريقي للعبة واللجنة المنظمة لمونديال 2010 داني جوردان على أن مبلغ 10 ملايين دولار اقتطع سنة 2008 من منحة (الفيفا) المقدرة بـ 100 دولار من أجل دعم صناديق (الكونكاكاف).
بيد أن العضو السابق باللجنة التنفيذية لـ (الفيفا) الأمريكي تشاك بلازير كرس هذه المزاعم، واعترف خلال عملية التحقيق معه من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بأنه وافق رفقة أعضاء آخرين من بينهم وارنر على قبول رشاو خلال سباق التنافس على مونديال 2010، علما أن بلازير كشف سابقا عن دفع المغرب لرشاو للفوز بتنظيم مونديال 1998.
للإشارة، فقد فازت إسبانيا بلقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه على حساب هولندا، عقب انتصارها في المباراة النهائية التي احتضنها ملعب “سوكر سيتي” بالعاصمة جوهانسبورغ، بهدف متأخر لأندريس إنييستا في الدقيقة 118.

< صلاح الدين برباش

Related posts

Top