توج مهرجان كان السينمائي بنسخته الخامسة والسبعين أول أمس السبت فيلم “تراينغل أوف سادنس” السياسي الساخر عن العلاقات بين الطبقات في المجتمعات الغربية، بالسعفة الذهبية التي نالها مخرج العمل السويدي روبن أوستلوند للمرة الثانية في مسيرته.
فبعد “تيتان” للفرنسية جوليا دوكورنو العام الماضي، اختارت لجنة المهرجان فيلما غير تقليدي أيضا لكن من دون مشاهد دامية هذه المرة، لمنحه الجائزة الأرفع في المهرجانات السينمائية العالمية.
وبعد خمس سنوات على الفوز بفضل فيلم “ذي سكوير”، انضم المخرج السويدي البالغ 48 عاما إلى النادي المغلق للمخرجين الحائزين “السعفة الذهبية” مرتين، بينهم الأخوان داردين وكن لوتش.
ويقدم المخرج الفائز في هذا الفيلم نقدا لاذعا للرأسمالية وتجاوزاتها في مجتمعات غربية تولي اهتماما كبيرا للمظاهر.
ويروي “تراينغل أوف سادنس” مغامرات يايا وكارل، وهما ثنائي من عارضي الأزياء والمؤثرين على الشبكات الاجتماعية يمضيان إجازة فارهة على سفينة استجمام، لكن رحلتهما تنقلب إلى كارثة.
هذا العمل الذي يبدو أشبه بنسخة معاكسة لـ”تيتانيك” لا يكون فيها الأكثر ضعفا بالضرورة هم الخاسرون، يصور بشكل ساخر التباينات الاجتماعية، بين الأغنياء والفقراء وأيضا بين الرجال والنساء أو بين البيض والسود.
وقال المخرج السويدي الذي تربى على يد والدته الشيوعية والذي يصنف نفسه على أنه “اشتراكي”، إنه لم يسقط في فخ “تصوير الأغنياء على أنهم أشرار”، مفضلا “فهم سلوكياتهم”.
وأوضح أوستلوند الذي بدا متحمسا جدا لدى تسلمه الجائزة “عندما بدأنا العمل على هذا الفيلم، كان لدينا هدف واحد يتمثل في محاولة صنع عمل يثير اهتمام الجمهور ويدفعه إلى التفكير مع منحى استفزازي”.
وأقر رئيس لجنة تحكيم المهرجان الممثل فنسان لاندون من ناحيته بأن “اللجنة كلها صدمت بهذا الفيلم”.
وقد علق في ذاكرة مشاهدي الفيلم مشهد التقيؤ الجماعي على متن السفينة بسبب حالات إعياء عمت المسافرين جميعا خلال حفلة عشاء على السفينة المترنحة، أو معركة الأقوال المأثورة بين القبطان الشيوعي وأحد الأوليغارشيين الروس.
ومنحت لجنة التحكيم التي تضم خصوصا، إلى جانب لاندون، الممثلة البريطانية ريبيكا هول التي برزت في فيلم “فيكي كريستينا برشلونة”، والممثلة الهندية ديبيكا بادوكوني والمخرج الإيراني أصغر فرهادي والفرنسي لادج لي (مخرج فيلم “لي ميزيرابل”)، جائزتها الكبرى مناصفة إلى الفرنسية كلير دوني (76 عاما) عن فيلمها “ستارز أت نون” والمخرج البلجيكي لوكاس دونت البالغ 31 عاما عن فيلمه الثاني “كلوس” الذي يقارب مسألة معايير الذكورة.
على صعيد التمثيل، فاز الكوري الجنوبي سونغ كانغ هو (55 عاما) بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “بروكر” للمخرج الياباني هيروكازو كوري-إيدا.
أما جائزة أفضل ممثلة فنالتها الإيرانية زار أمر إبراهيمي عن دورها في فيلم “العنكبوت المقدس” للمخرج علي عباسي. وتؤدي إبراهيمي في الفيلم دور صحافية شابة من طهران تتعقب بنفسها سفاحا ارتكب سلسلة جرائم قتل أودت بحياة بائعات هوى في مدينة مشهد الإيرانية وتحاول جعله يدفع ثمن جرائمه.
وقالت إبراهيمي “هذا الفيلم يتحدث عن النساء وجسدهن، هو فيلم مليء بالوجوه والشعر والأيدي والصدور والجنس، كل ما يستحيل إظهاره في إيران”.
كذلك قالت بالفارسية “الليلة لدي شعور بأنني مررت برحلة طويلة قبل وصولي إلى هنا على هذه المنصة (…) وهي رحلة تميزت بالإذلال”.
وأصبحت إبراهيمي نجمة في إيران في بداية العشرينات من عمرها بفعل دورها في مسلسل “نرجس”، لكنها اضطرت لمغادرة بلدها ولجأت إلى فرنسا 2008 بعد فضيحة جنسية.
وفاز المخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح (50 عاما) بجائزة أفضل سيناريو عن فيلمه “صبي من الجنة”، وهو عمل تشويقي سياسي ديني ينتقد أداء السلطات المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ويغوص في عالم أبرز المؤسسات المعنية بالإسلام السني.
وحصل الكوري الجنوبي بارك تشان ووك عن فيلم “ديسيجن تو ليف” على جائزة الإخراج. وحصل الكوري الجنوبي سونغ كانغ عن جائزة أفضل ممثل عن فيلم “بروكر”. وحصل فيلم “وور بوني” لجينا جمال ورايلي كو (الولايات المتحدة) عن جائزة الكاميرا الذهبية. فيما حصل “ذي ووتر مورمورز” لجيانيينغ تشين عن السعفة الذهبية للفيلم القصير.
وكانت بلجيكا من أبرز الرابحين في المهرجان، إذ بالإضافة إلى فوز لوكاس دونت بالجائزة الكبرى، حصل الأخوان داردين الميالان إلى السينما الاجتماعية، على جائزة خاصة عن فيلم “توري أند لوكيتا”، وهو دراما اجتماعية عن شباب منفيين، في حين حصل الزوجان شارلوت فاندرميرش وفيليكس فان غارونينغن على جائزة لجنة التحكيم عن “ذي إيت ماونتنز” بالمناصفة مع “إي أو” وهو فيلم عن حمار من إخراج البولندي جيرزي سكوليموفسكي.
وأمتع المهرجان الجمهور هذه السنة بحضور نجمين عرض فيلماهما من خارج المسابقة، أولهما توم كروز في “توب غان: مافريك”، والثاني النجم الصاعد أوستن بتلر البالغ 30 عاما في العرض العالمي الأول لفيلم “إلفيس”، حيث يؤدي شخصية “الملك” إلفيس بريسلي.
وتعول الصناعة السينمائية على هذين الفيلمين لإعادة جذب الجمهور إلى دور السينما بعد الأزمة الصحية المستمرة منذ عامين.
***
الفيلم المغربي “أزرق القفطان” يفوز بجائزة النقد الدولي لمهرجان “كان”
منحت الفيدرالية الدولية للصحافة السينمائية، أول أمس السبت، جائزة النقد الدولي، للفيلم الطويل “أزرق القفطان” لمخرجته مريم توزاني، وذلك قبيل بضع ساعات من الكشف عن الفائزين في النسخة الـ 75 من مهرجان “كان” السينمائي.
وتعد هذه المرة الأولى التي يظفر فيها المغرب بهذه الجائزة الدولية في مهرجان “كان”.
ولقي “أزرق القفطان”، الذي جرى تقديمه في عرض أولي عالمي بمهرجان “كان” يوم الخميس الماضي، وذلك ضمن الفئة الرسمية “نظرة ما” إلى جانب 18 فيلما دوليا، ترحيبا حارا من خلال لحظة احتفاء دامت أزيد من 15 دقيقة.
وتعتبر جائزة الفيدرالية الدولية للصحافة السينمائية استحقاقا سينمائيا يمنح منذ العام 1946 خلال مهرجان “كان”.
وضمت لجنة التحكيم نقاد سينمائيين هم، أحمد شوقي (مصر)، ماريولا ويكتور (بولندا)، ناتالي شيفلي (فرنسا)، إيمانويل ليفي (الولايات المتحدة الأمريكية)، سيمون سورانا (إيطاليا)، جيهان بوكرين (المغرب)، ماغالي فان ريث (فرنسا)، بيدان ريبيرو (بنغلاديش) ويوسف هاليدو هارونا (النيجر).
و”أزرق القفطان” هو فيلم روائي طويل مؤثر يتحدث عن التحول والتقاليد والحب بمعناه الواسع، وهو إنتاج مشترك بين نبيل عيوش وأمين بنجلون.
وتدور قصة الفيلم حول شخصيتي “حليم ومينة”، وهما زوجان يديران متجرا للقفطان بمدينة سلا، تنضم إليهما شخصية يوسف، تلميذ شاب يشاركه “المعلم حليم”، نفس الشغف الجارف لمهنة الخياطة.
وقام بتشخيص “أزرق القفطان” كل من صالح بكري، لبنى أزابال، أيوب ميسيوي، مونيا لمكيميل، حميد الزوقي، إلى جانب عدد من الممثلين والممثلات المغاربة.