نساء في مراكز القرار

حكايات عديدة نسجت في كل مراحل التاريخ عن طبيعة المرأة الفيزيولوجية والبيولوجية واعتبار هذه «الطبيعة» محددا لتدني مكانتها في المجتمع قياسا بموقع الرجل فيه. وقد كان حيفا كبيرا في العديد من مراحل التاريخ البشري أن يُزج بالمرأة، فقط لأنها امرأة، في الدرك الأسفل من المجتمع. لقد كانت المرأة وما تزال ضحية الذهنية الذكورية التي تجعل منها كائنا لا يستقيم إلا بتبعيتها للرجل وموالاتها له، ولهذا، فالأدوار الأساسية والمناصب ذات الحساسية في أي مجتمع كانت وما تزال تسند، في عمومها، إلى الرجل ولا يُلتفت إلى المرأة حتى ولو كانت كفاءتها وأهليتها العلمية تؤهلها لتحمل المسؤولية والوصول إلى مراكز القرار السياسي إسوة بالرجل. من قلب هذه المعاناة التاريخية للمرأة، جراء إقصائها الظالم، يظهر بين الحين والآخر الاستثناء الذي معه تتبوأ المرأة مناصب عليا قد تكون بالغة الحساسية في بعض الأحيان، كما تبرهن على ندّيتها للرجل، وتدحض بذلك كل «الحجج» أو الادعاءات التي تتدرع بها عقلية الذكورة من أجل تثبيت دونيتها. وإنصافا للمرأة من ظلم التاريخ، نورد في ما يلي نماذج من هؤلاء اللواتي كسرن ادعاءات الرجل بشأنهن، بوصولهن لمناصب النخبة والقرارات السياسية في بلدانهن.

خالدة ضياء تقلدت رئاسة الحكومة البنغالية مرتين

ولدت خالدة ضياء يوم 15 غشت 1945 في مقاطعة ديناجبور بالشمال الغربي لبنغلاديش.

الدراسة والتكوين

أكملت خالدة دراستها الجامعية في 1960. وتزوجت في العام نفسه ضياء الرحمن الذي كان نقيبا في الجيش الباكستاني آنذاك، ثم أصبح رئيسا لجمهورية بنغلاديش عام 1977 بعد إعلان استقلالها عن باكستان عام 1971.

التجربة السياسية

لم تكن خالدة تهتم كثيرا بالحياة السياسية قبل اغتيال زوجها، وإثر حادثة الاغتيال دخلت معترك الحياة السياسية فأصبحت نائبة لزعيم الحزب الوطني البنغالي في 1983 ثم زعيمته في 1984.
تعرضت خالدة للاعتقال عدة مرات في فترة حكم الجنرال حسين محمد إرشاد التي ووصفت بأنها “فترة الحكم الفردي في بنغلاديش”.
كان تاريخ فبراير1991 إيذانا لخالدة بدخولها بوابة السلطة بعد أن فاز حزبها بانتخابات وصفت بالحرة، لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة البنغالية.

 قادت حزبها إلى نصر ساحق في الانتخابات البرلمانية

تقلدت خالدة ضياء الرحمن منصب رئاسة الحكومة البنغالية، لفترة ثانية من 2001 حتى 2006. وهي أرملة رئيس بنجلادش السابق ضياء الرحمن، وتقود حزبه القديم، الحزب القومي البنجلادشي.
بعد استقلال بنجلادش حكمت البلاد حوالي 10 سنوات (أطول فترة). وقد انتخب حزبها في خمس دوائر انتخابية في 1991، 1996، 2001، وهو مالم يتحقق من قبل أي حزب سياسي آخر في بنجلادش. وفي 2006، قيمت مجلة فوربس الأمريكية خالدة ضياء الرحمن في الترتيب 33 بقائمة أقوى امرأة في العالم.
بعد أن أصبح زوجها ضياء الحق رئيس القوات المسلحة وبعد ذلك تولى السلطة حاكما عرفيا عقب سلسلة من الانقلابات العسكرية، حاول التحرك تجاه الادارة المدنية بتشكيل الحزب القومي البنجلادشي وأصبح الرئيس الديموقراطي المنتخب.
ترأست الحزب القومي البنجلادشي الذي أسسه زوجها ضياء الرحمن ثم شكلت ائتلافا مع سبعة أحزاب تنادي بالديمقراطية. قادت حزبها إلى نصر ساحق في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 27 فبراير 1991.
عقدت بعد ذلك انتخابات عامة في فبراير 1991. وفي تلك الانتخابات، فاز حزب بنجلادش الوطني بأغلبية مقاعد البرلمان، وأصبحت السيدة خالدة ضياء، زعيمة الحزب، رئيسة مجلس الوزراء في 20 مارس من نفس العام، وكانت أول امرأة تتقلد منصب رئاسة الوزراء في البلاد. وفي سبتمبر سنة 1991، عدلت بنغلادش دستورها، وأُعطيت السلطة التنفيذية لرئيس مجلس الوزراء، كما جعل منصب رئيس الجمهورية منصبًا فخريا.

اهتمام كبير بوضع النساء وعملت على تحسينه

في أوائل سنة 1993م، بدأ الانتماء السياسي يتغير في البلاد، وبدأت الأحزاب السياسية تواجه معارضة من الداخل، فرأت السيدة خالدة ضياء رئيسة الوزراء وزعيمة حزب بنغلادش الوطني تعديل دستور الحزب تفاديًا لما قد يحدث من انقسام، وذلك في أول سبتمبر 1993، فقد تعدل دستور الحزب بحيث أصبحت انتخابات رئيس الحزب تجري عن طريق الاقتراع السري بدلا من الموافقة العلنية. وهذا التعديل جعل المعارضين في الحزب أقوى مما كانوا عليه، إذ أصبح في استطاعتهم التصويت حسب اختيارهم دون الخوف من الانتقام منهم إذا عارضوا. وبهذا التعديل، تمكنت السيدة خالدة ضياء من الاحتفاظ بوحدة الحزب وعدم انقسامه، كما حدث في أحزاب المعارضة الرئيسية.
بعد فوزها في الانتخابات العامة في فبراير 1996. اهتمت كثيرا بوضع النساء في بنجلادش وعملت على تحسينه بكل السبل المتاحة.
فاز حزب رابطة عوامي برئاسة الشيخة حسينة في انتخابات ذلك العام. وفي انتخابات عام 1996 برز حزبها كأكبر حزب معارض في التاريخ البرلماني للبلاد بمجموع 116 مقعدا. وبعد عودتها لرئاسة الوزراء مرة أخرى في عام2001، قادت ائتلافاً من أربعة أحزاب ألحق هزيمة كبيرة بحزب رابطة عوامي.
وشكلت تحالفا معارضا مكونا من أربعة أحزاب في 6 يناير1999، والذي فاز بثلثي مقاعد البرلمان في انتخابات الأول من أكتوبر2001. وفي 10 أكتوبر من نفس السنة أصبحت رئيسة وزراء بنجلادش للمرة الثالثة. وبعد توليها مهام رئاسة الوزراء أعلنت برنامجا مدته مئة يوم لتحقيق معظم ما تعهدت به أثناء الانتخابات.

محاولة اغتيال فاشلة

تعرضت خالدة ضياء، لهجوم مسلح خلال تجمع انتخابي في العاصمة دكا، في 20 أبريل 2015. حيث هاجم مسلحون سيارة زعيمة المعارضة، قبل أن يطلقوا الرصاص على المركبة حينما انطلقت مسرعة، دون أن تتعرض ضياء لأذى.
أصيب في الهجوم الحارس الخاص لخالدة ضياء و5 أشخاص آخرين، وسلط الهجوم الضوء على التوترات في البلاد، حيث صعد الحزب احتجاجاته الرامية إلى إجبار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على التنحي.

خالدة ضياء …اتهام بالفساد والإعدام

لم تمض حياتها بين الحكم والمعارضة فقط، فقد وجهت لخالدة تهم بالفساد واستغلال النفوذ في أبريل 2007 فدخلت السجن هي وابنها عرفات، وفي سبتمبر من العام نفسه أفرجت السلطات البنغالية عنهما.
حكم على خالدة ضياء بالإعدام في نوفمبر2015، حيث وجهت السلطات البنغالية، لـ”ضياء” اتهامات في قضية فساد وسرقة أموال خزينة البلاد والتي تقدر بملايين الدولارات، كما اتهمت ببيع منجم فحم خاص بالدولة لإحدى الشركات الصينية.

اعداد: سيعد ايت اومزيد

Related posts

Top