القرار الملكي القوي

القرار الملكي القاضي بترسيم رأس السنة الأمازيغية (إيض يناير) عطلة رسمية مؤدى عنها بالمغرب، يكتسب صفة الحدث التاريخي والإشارة الممتلكة لدلالة سياسية وحقوقية ورمزية قوية.
القرار يعبر عن إنصات ملكي مستمر ودائم لانتظارات ومطالب الحركة الثقافية الأمازيغية ومختلف القوى السياسية والمجتمعية التي تدافع عن الأمازيغية منذ عقود، وهو يتجاوب مع ذلك، ويكرس العمق الإفريقي لبلادنا وبعدها المتوسطي وهويتها الحضارية المتعددة، ويصر على القيمة العالية للأمازيغية.
لقد سبق لجلالة الملك، في أولى سنوات توليه العرش، أن أسس للحدث على هذا المستوى عبر خطاب أجدير التاريخي عام 2001، ثم من خلال إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية واعتماد حرف تيفيناغ كأبجدية رسمية لكتابة الأمازيغية، وتوج ذلك بالتنصيص الدستوري في 2011، واعتبار الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، وتلا ذلك إقرار قوانين ذات صلة.
وفي الوقت الذي شهد مسار تفعيل هذا الطابع الرسمي للأمازيغية انحسارا على أرض الواقع، وعرفت الدينامية العامة بعض الفتور في السنوات الأخيرة، خصوصا بسبب ضعف المبادرات الحكومية في ميادين التعليم والإعلام والإدارة، يأتي القرار الملكي الحالي ليوجه المسار نحو الارتقاء بالحقوق الأمازيغية، وللحث على التعاطي الحكومي والبرلماني والإداري معها بجدية أكبر، وبالتالي استثمار التوجيه الملكي لإعمال آثار ايجابية ملموسة على أرض الواقع لفائدة النهوض بالأمازيغية.
القرار الملكي الحالي يؤكد أن التنصيص الدستوري في 2011 لم يكن شكليا أو عابرا أو مجرد اهتمام بلغة وطنية، ولكن الأمر يعتبر إصرارا على هوية بلد، وعلى عمق حضاري وتاريخي، وهو ما يفرض على الحكومة والبرلمان اليوم تحمل المسؤولية لتقوية العمل الميداني والفعلي من أجل الارتقاء بالأمازيغية، وذلك ضمن مقاربة متكاملة والتقائية، وبالتالي أن يستعيد هذا الورش الأساسي حيويته وراهنيته وأولويته، باعتباره اقترن بالمصالحات التاريخية للمغرب مع ذاته وهويته.
الاحتفال ب(إيض يناير)وإدراج رأس السنة الأمازيغية ضمن العطل الرسمية في كامل التراب الوطني ومن لدن كامل الشعب المغربي، هو انتصار ملكي قوي ودال لهوية بلادنا وشعبنا، ولثراء التاريخ المغربي، وهو يخرس كل الأصوات التي تمعن في اختزال تاريخ البلاد وشعبها أو تمزيقه أو تحريفه.
(إيض يناير)يحيلنا كلنا على أرضنا، أي على هويتنا واستقرارنا واستقلالنا ووطنيتنا، وينتصر ل(تمغربيت)، ويعيد تذكير الجميع بأن تاريخ المغرب أعمق وأغنى مما يختزله بعض القاصرين أو الدجالين أو المستلبين، وبأن هذه البلاد بنيت على التعدد والإنفتاح، ولها عمق في إفريقيا وفي المتوسط، ولم يقطر بها سقف الوجود أمس أو أول أمس.
هنا معنى(إيض يناير)، وهنا الرمزية القوية للقرار الملكي، أي التذكير بمعنى التاريخ، وبدلالة أصالة هذا البلد وعمقه الحضاري.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top