طلبة كلية الآداب بالجديدة يشاهدون ويناقشون فيلم “جبل موسى” بحضور مخرجه إدريس المريني

شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، يوم الاثنين الماضي 22 أبريل، عرض ومناقشة فيلم “جبل موسى” (Le Mont Moussa)، بحضور مخرجه السينمائي إدريس المريني.
وقال إدريس المريني، الذي لا يتردد في الحضور إلى عروض أفلامه التي تقدم أمام الطلبة والباحثين في الجامعات المغربية، إن فكرة الاشتغال على هذا العمل السينمائي، جاءت بعد قراءة الرواية التي تحمل الاسم نفسه “جبل موسى”، للكاتب عبد الرحيم بهير.
وكشف إدريس المريني، أنه لم يترجم الرواية إلى السينما بشكل حرفي، بل أدخل بعض التعديلات عبر حذف وإضافة أشياء جديدة لم تحملها الرواية، بصيغة أخرى، أضفى لمسته الخاصة على العمل الذي حظي باستحسان الجمهور والنقاد.
وتفاعلا مع أسئلة الحاضرين الذين شاهدوا الفيلم بشأن اشتغال إدريس المريني على تيمات ومواضيع مختلفة، تارة يطبعها الجد وأخرى الفكاهة مثل فيلم “لحنش”، أوضح مخرج “جبل موسى”، أن “التجريب” هو ما يطبع مساره السينمائي.
وبخصوص اختياره الاشتغال على النصوص الروائية، أوضح إدريس المريني، أن الرواية والسينما أمران متلازمان لديه، وسيستمر على هذا النحو، خصوصا أن فيلمه “لحنش” تحول إلى رواية، صدرت بالعنوان ذاته، للكاتب والسيناريست عبد الإله الحمدوشي.
من جهته، اعتبر محمد البوعيادي الناقد والباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، أن فيلم “جبل موسى” إضافة نوعية لخزانة السينما المغربية، نظرا لطبيعة الموضوع الذي يناقشه، إلى جانب مستوى الإبداع الفني الذي قدم به.
وأبرز محمد البوعيادي أن اختيار عرض الفيلم أمام الطلبة في الكلية، جاء لهذين الاعتبارين الاثنين، وما أكد ذلك هو انجذاب الطلبة للعمل ومناقشتهم للأفكار والاختيارات السردية والتقنية البصرية التي اعتمدها إدريس المريني في “جبل موسى”.
ويحكي الفيلم عن علاقة الصداقة الحميمية التي ستجمع بين مروان (عبد النبي البنيوي) أستاذ الفلسفة، وحكيم (يونس بواب) المقعد على كرسي متحرك، بعدما كان هذا الأخير طالبا في السابق بكلية الطب، ودخل في حالة اكتئاب عقب حادث سير أودى بحياة والده الهراس (عمر عزوزي).
ولمساعدة حكيم في الخروج من الوضع النفسي الذي بات يعيش عليه، اهتدت والدته فتيحة (السعدية أزكون) إلى كراء الشقة السفلى لمنزلها لفائدة مروان، الذي اكتشف أسلوب حياة حكيم المولع بالموسيقى، ومطالعة كتب وروايات الفلاسفة والشعراء والمتصوفة، واهتمامه بالصور الفوتوغرافية واللوحات التشكيلية.
وقدم إدريس المريني في “جبل موسى” لوحات بصرية جميلة للجمهور، نظرا لشاعرية الفضاء الذي تم اختيار التصوير به، والذي يجمع بين الجبل والبحر والسماء، وهو ما ساعد المخرج في التعبير بحرية عن الموضوع، نظرا للرمزية الثقافية والاجتماعية والميتافزيقية التي تتمتع بها هذه المكونات الثلاثة.
واعتمد إدريس المريني في “جبل موسى” على تقنية خاصة في السرد، حيث تجاوز الأسلوب التقليدي الخطي في الحكاية، وتسلح بتقنية “الفلاش باك” في عرض الأحداث والقصص المتعددة في الفيلم، وهو ما يجعل المتلقي أكثر اهتماما وتشويقا لمعرفة التفاصيل اللاحقة.
وأعجب جمهور “جبل موسى” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، باعتماد المخرج بشكل كبير على الموسيقى، وإعطائه حيزا محترما للصمت، ناهيك عن إيقاع الحوار الذي كان متوازيا وأكثر إثارة وجذبا لمعرفة آراء ووجهات نظر أطراف شخصيات الفيلم، وتحديدا حكيم ومروان والفقيه (عبد اللطيف الشكرة).
ويطرح الفيلم السينمائي “جبل موسى” للمخرج إدريس المريني، أسئلة حول الوجود والخلق والإيمان والاعتقاد والموت والمأساة والأمل، كما يعالج مواضيع الحب والخيانة، وتعديد الزيجات والحمل خارج إطار الزواج، والتي كلها تكون سببا في الصدمات النفسية والإدمان والتشنج الاجتماعي بين أفراد الأسرة.
إن قصة حكيم في “جبل موسى” هي رحلة بحث فكري ووجداني، لم يتوقف عن الأسلوب الأمثل للحياة، لا سيما أنه كان في بداياته أكثر سفرا نحو مناطق متعددة لاكتشاف المعتقدات والديانات والثقافات، وظل مسافرا وهو في كرسيه المتحرك بين الكتب والمؤلفات والمقاطع الموسيقية الكلاسيكية.
وشكل وجود الأستاذ مروان، حافزا لحكيم من أجل الخروج من العزلة التي كان عليها، وبداية تقاسم هواجسه وتصوراته النظرية، وآرائه حول ما يقع في وسطه الاجتماعي. فأن تحكي معناه أن تتعافى. وأن تصعد لجبل موسى معناه أن تتصالح مع الذات وتنشد للجسد حريته.
جدير بالذكر أن فيلم “جبل موسى”، يعتبر العمل الخامس في مسار المخرج المغربي إدريس المريني، بعد عمله السينمائي الأول “بامو” سنة 1983، وفيلم “العربي” سنة 2010، و”عايدة” سنة 2014، و”لحنش” سنة 2017.

الجديدة- يوسف الخيدر

Top