وزير جديد وملفات ثقيلة…

تركز اهتمام الأوساط الرياضية على معرفة اسم الوزير المكلف بحقيبة الشباب والرياضة في حكومة سعد الدين العثماني، المعينة بعد زوال يوم الثلاثاء من طرف جلالة الملك محمد السادس، ويعتبر هذا الاهتمام مسألة طبيعية بالنسبة لكل القطاعات ذات الخصوصية، ومن بينها القطاع الرياضي نظرا لكون المنصب السياسي ما يزال مؤثرا في تدبيره، في وقت ارتفعت أصوات المتدخلين للمطالبة  باستقلالية القطاع عن المؤثرات السياسية ولعبة الحقائب.
وتبين من خلال الكواليس التي تداولتها الأوساط الصحفية والرياضية، أن حقيبة الرياضة، كانت من بين الحقائب التي تم الحسم فيها في آخر لحظة، لا لأهميتها أو لصراع خاص حولها، لكن لكون أحزاب الأغلبية لم تراهن عليها بقوة لاعتبارات خاصة بها.
فبعد عدة مشاورات وحسابات، عادت الحقيبة لحزب لتجمع الوطني للأحرار، بعد تجربة غير قصيرة تحمل فيها وزراء الحركة الشعبية مسؤولية القطاع الرياضي، والحصيلة والنتائج المترتبة يحفظها الرأي الرياضي العام عن  ظهر قلب.
وعليه، فقد كان من الضروري أن تفرض حساسية القطاع الرياضي نقاشا عميقا خلال تداول أحزاب الأغلبية لمسألة توزيع المناصب، نظرا للأهمية الاستثنائية التي يحظى بها هذا القطاع الحيوي، باعتباره قطاعا مفتوحا على المستقبل، ويشهد تغييرات عميقة.
    إذن، سيرث الوزير الجديد ملفا ضخما تحول خلال السنوات الأخيرة إلى خيار من بين الخيارات الإستراتيجية للدولة، إذ شهد بفضل إرادة ملكية سامية تغييرات كبيرة، منحته ثقلا خاصا، تجلى ذلك في تخصيص موارد مالية قارة بعد انخراط مؤسسات صناعية وطنية كبرى، وتشييد مركبات رياضية بأهم المدن، وتطبيق نظام الاحتراف بكرة القدم التي تبقى الرياضة الرائدة وطنيا، وسن قوانين جديدة تواكب التحولات التي يعرفها القطاع وطنيا ودوليا، واحتضان المغرب لتظاهرات دولية في مجموعة من الأنواع.
  وبما أن أغلب تصريحات زعماء الأحزاب المكونة للحكومة الجديدة، ركزوا في مداخلاتهم على ضرورة، تنزيل مضامين الدستور الجديد، فإن الوزير الجديد محكوم في عمله، بالمقتضيات الجديدة التي أقرها الدستور، والتي تنص بشكل صريح على الحق في الممارسة الرياضية، كحق من حقوق الإنسان وتحديد دور الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية في تأطير الممارسة الرياضية، ومد الرياضة بالإمكانيات اللازمة وبمختلف الجهات.
وقد تجاوزت هذه المقتضيات الدستورية الجديدة بالفعل توقعات الحركة الرياضية، وذلك بتخصيص ثلاثة فصول (26 و31 و 33) للقطاع، ليشكل نقلة نوعية تسمو بالرياضة من قطاع يركز اهتمامه على المرخصين داخل الجامعات الرياضية، إلى ضمان ممارسة الرياضة لجميع المواطنين.
لكن بالمقابل، سيجد الوزير الجديد نفسه محاطا بمجموعة من الإكراهات والتحديات التي لا يمكن تجاهلها، أولها إعادة الاعتبار للفعل الرياضي، وبالتالي إعادة المصداقية للوزارة وذلك بربط الأقوال بالأفعال، والوفاء بالوعود.
ومن بين الإكراهات التي سيجدها الوزير الجديد في طريقه، التعامل مع رؤساء جامعات تعودوا على جعل الوزارة مجرد مصدر مالي فقط، وليس سلطة وصاية، فرؤساء جامعات مثل كرة القدم، العاب القوى، الملاكمة، الكاراطي، الفروسية، الغولف، جيت سكي، القنص… تفوق سلطتهم ونفوذهم سلطة السيد الوزير.
فكيف سيتعامل الوزير الجديد القادم من عالم لا علاقة له بـ “العالم الرياضي” مع مثل هذه الجامعات التي لا تعترف لا بالقانون ولا بسلطة الوزارة، ولا بالبرلمان ولا السلطة التنفيذية ..؟ رؤساء حولوا جامعات معينة إلى ملكيات خاصة يسودها قانون خاص بهم.  
في ظل كل هذه الحيثيات والتحديات، تسلم إذن رشيد الطالبي العلمي حقيبة الشباب والرياضة من سلفه بالنيابة خالد البرجاوي، وهى مهمة صعبة وثقيلة، تتطلب المثابرة والكفاءة والدراية، وكثيرا من الجرأة…  

محمد الروحلي

Related posts

Top