يجب ألا ننسى قضية الوحدة الترابية..

يسجل كثير من المتابعين أن التعبئة الوطنية التي جسدها مجموع الطيف السياسي والإعلامي حول الوحدة الترابية للبلاد قبل أسابيع بمناسبة تدارس مجلس الأمن بنيويورك للموضوع، بدأت تخفت هذه الأيام، كما لو أن القضية انتهت يومها، ولم تعد تتربص بالمغرب أية مخاطر أو استهدافات لقضيته الوطنية.
وهنا نستحضر فقط ما جرى مؤخرا خلال لقاء برلماني إفريقي بجنوب إفريقيا، لندرك أن الاستهدافات قد تأتي من أكثر من ثقب، وقد تابعنا، من خلال ما عممته وسائل الإعلام عن هذا اللقاء القاري، كيف أن المملكة صارت اليوم في حاجة إلى عمل ديبلوماسي وسياسي وإعلامي مكثف، دفاعا عن حقوقها الوطنية، بما في ذلك داخل بعض البلدان العربية نفسها.
أما داخليا، وهذا هو الأساس، فقد لاحظ الكل أن المغاربة جميعا عادوا على هامش اجتماعات مجلس الأمن الشهر الماضي للتأكيد على وحدة صفهم كل ما هم الأمر مغربية الصحراء، لكن بمجرد صدور  المقرر الأممي تراجع منسوب هذا الاهتمام الوطني والإعلامي، ونسي الجميع أنه الآن بالذات يجب أن ينطلق العمل.
لقد عبرت مختلف أحزابنا الوطنية عن مواقفها، وجددت التأكيد على التزاماتها الوطنية، لكن اليوم عدد منها حول الاهتمام إلى العراكات الداخلية، وتفرغ للترويج لمزاجيات القادة، والكل نسي أن المخاطر لازالت قائمة، وأن الموقف الأمريكي لاشيء يمنع من تكراره ولو بعد عام، كما أن الموقف نفسه يمكن أن يصدر عن بلد آخر، أو عن أكثر من بلد، كما نسي الكل أيضا أن المطلوب اليوم هو تقديم مقترحات ملموسة وجريئة وعملية لتقوية الموقف المغربي، وذلك حتى لا نصدم مرة ثانية بأي موقف سلبي آخر.
اليوم، مطلوب من بلادنا إيجاد الآليات الضرورية والمقبولة دوليا، وأيضا المعجم المناسب، من أجل ربح الرهان الحقوقي والديمقراطي في أقاليمنا الجنوبية وعلى الصعيد الوطني برمته.
اليوم أيضا، مطلوب من بلادنا امتلاك خطة إعلامية خارجية لتقديم حقائق الواقع المغربي للآخرين، بما في ذلك داخل البلدان العربية والإفريقية، وفي الأوساط الأمريكية.
ومطلوب من بلادنا كذلك، تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، وجعل سكانها يلمسون نتائج التنمية على أرض الواقع، ومن خلال الشغل والسكن والصحة والتعليم والبنيات التحتية والدينامية الاقتصادية والتنموية المحلية.
المطلوب اليوم أيضا، هو المرور إلى سرعة أكبر على مستوى تفعيل مضامين مخطط الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة، وأساسا لفائدة الأقاليم الجنوبية…، كما أنه مطلوب من بلادنا، تمتين ديبلوماسية هجومية حول القضية الوطنية، ومطلوب أيضا تعزيز التدبير الديمقراطي والتشاركي للملف على المستوى الداخلي، وذلك بإشراك الأحزاب الوطنية الجدية، وأيضا من خلال الفعاليات الصحراوية الوحدوية داخل الأقاليم الجنوبية…
إنها إذن مهمات وطنية لا تقبل التلكؤ أو التأجيل، وهي أيضا تحتاج إلى أحزاب جدية وناضجة، وإلى طبقة سياسية قادرة على الوعي بما يحيط بالبلاد من مخاطر، وقادرة على استيعاب تفاصيل وصيرورات اللحظة، والفعل في دينامياتها لفائدة المصالح الوطنية.

Top