جرى يوم الاثنين الماضي الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، ولعل أي مهتم بهذا المجال، حاول أن يتابع ظروف الاحتفال ومدى انخراط مختلف المعنيين بقطاع النشر والتأليف في تنشيط اليوم الاحتفالي العالمي.
عند إلقاء نظرة على أجندة الأنشطة الثقافية التي نظمت ببلادنا، سواء في اليوم ذاته أو على امتداد الأيام التي أعقبته حتى الآن، لا نكاد نعثر على أي ندوة أو محاضرة أو أي حصة تقارب الإشكاليات المرتبطة بالكتاب والمحيطة به.
بعض الجمعيات سعت إلى ربط أنشطتها التي صادف تنظيمها اليوم العالمي للكتاب بهذا الحدث بالذات، في حين أنها مجرد أنشطة عادية يمكن عقدها في أي فترة من فترات السنة دون أن يكون هناك ما يحتم ربطها بالاحتفال المشار إليه آنفا.
أنشطة عادية حول مواضيع مجترة، لم تضف أي شيء إلى الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، مع ذلك أصر منظموها إلا ربطها بشكل تعسفي بهذا الاحتفال دون غيره.
ما معنى الاحتفال باليوم العالمي للكتاب؟
الاحتفال كما يشار إليه، يتمحور حول الكتاب والتحديات المطروحة عليه، ونحن نعلم أن التطورات التكنولوجية التي تميز زمننا المعاصر، أحدثت تأثيرا على العلاقة التي يقيمها القارئ مع الكتاب.
المقصود في الاحتفال العالمي، هو الكتاب الورقي تحديدا، دون غيره، وإن كان هناك من لا يحبذ حصر الكتاب في هذا الحيز الضيق، وأن الإلكتروني أو الرقمي أو غيره هو كذلك معني بالاحتفال، على اعتبار أنه بدوره يطرح قضايا وإشكاليات خاصة به.
أكيد، هناك حاجة ماسة إلى أن يكون الاهتمام مشتركا بمختلف أصناف الكتاب. التكنولوجيا تتطور يوما بعد يوم. عادات وتقاليد جديدة صارت تتحكم في علاقتنا بالقراءة، وهذا يحتم مواكبة هذا التطور من طرف مختلف المعنيين بصناعة الكتاب.
الناشرون معنيون بالقدر نفسه الذي يعنى بهذا الإشكال المؤلفون والتقنيون وحتى العارضون.
الطرق التي يتم بها عرض الكتاب الورقي في الأسواق، صارت متجاوزة ولم تعد تغري القارئ؛ فعلى سبيل المثال، نجد بعض المكتبات تتوفر على مساحات لتوقيع وتقديم الإصدارات الجديدة، غير أنها لا تولي هذا الجانب التسويقي أي اهتمام.
هناك بلا شك عدة طرق لإغراء القارئ وجذبه نحو هذا النوع من المعروضات الذي بات يشهد منافسة لا نظير لها من لدن الدعامات الالكترونية والرقمية.
الناشر والعارض والموزع ومصمم الأغلفة.. وحتى المؤلف معني بتطوير العلاقة مع القارئ.
الحجم الكبير للكتاب الورقي في حد ذاته، بات يتطلب إعادة النظر فيه، سيما وأن
هناك ميلا متواترا من طرف الأجيال الجديدة على وجه الخصوص، نحو كل ما هو صغير وخفيف ومختصر، وهذا ناتج عن التأثير الذي أحدثته التكنولوجية الرقمية في علاقة القارئ بالمنتوج القرائي.
كنا نتمنى أن يتم اغتنام فرصة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، لطرح مختلف الإشكاليات ذات الصلة بالكتاب وتقاليد القراءة، وأن ينخرط في هذا النقاش كافة المتدخلين في صناعة الكتاب، علما بأن هذه الصناعة عبارة عن حلقات متسلسلة، غير أن اليوم الاحتفالي مر بشكل عابر، دون أن يكتسي الطابع الحقيقي للاحتفال.
عبد العالي بركات