القدس المحتلة – بيان اليوم – وليد أبو سرحان
تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بوتيرة متصاعدة، حيث استشهد 170 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية خلال عام 2015، فضلاً عن قيام الشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى في القدس ووصول عناصرها إلى المحراب بأحذيتهم.
وتعد حادثة حرق عائلة «الدوابشة» أبرز الأحداث التي شهدها العام 2015، حيث أحرق مستوطنون إسرائيليون، منزلاً فلسطينياً في مدينة نابلس، بالضفة الغربية، وساكنيه داخله ما أسفر عن مقتل الرضيع علي الدوابشة، ووالده وأمه، ولم ينجو من العائلة سوى شقيقه الطفل أحمد الدوابشة 4) سنوات (الذي لا يزال يتلقى العلاج في المستشفى من حروق أصيب بها في الهجوم.
وتعرضت إسرائيل لانتقادات كثيرة خلال العام الماضي، بسبب تصفيتها لفلسطينيين في شوارع المدن، بدعوى أنهم «يحاولون تنفيذ عمليات طعن ضد إسرائيليين «.
كما شهد العام الماضي، إقرار قانون ينص على سجن الأطفال الذين يرمون الحجارة لمدة 20 سنة، ويسمح لقوات الشرطة والجيش الإسرائيليين بإطلاق النار عليهم.
كما تواصل إسرائيل حصارها المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006، رغم زيادة الأزمة الإنسانية في القطاع.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا)، أعلن قبل عدة أيام، أن 170 فلسطينيا قتلوا على يد القوات الإسرائيلية، خلال عام 2015، وجرح 15 ألفاً و377 آخرين.
وذكر البيان، أن 141 من القتلى الفلسطينيين، و26 من الإسرائيليين، سقطوا في الأحداث التي بدأت في شهر أكتوبر الماضي، وما تزال مستمرة حتى اليوم.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، قالت في بيان لها مؤخراً، أن 6 آلاف و830 فلسطينياً، اعتقلوا من قبل القوات الإسرائيلية، خلال عام 2015، بزيادة قدرها 12.7% عن العام السابق عليه.
وذكر بيان الهيئة أن من بين المعتقلين 1500 فلسطيني لم يتجاوزوا سن الـ 18، مشيراً إلى أن السلطات الإسرائيلية تعتقلهم تحت مسمى «التوقيف الإداري» الذي يسمح لها بالتوقيف لمدة 6 أشهر دون توجيه أية تهمة لهم.
من جهة ثانية، أقدمت السلطات الإسرائيلية، في الضفة الغربية والقدس، على هدم 539 منزلاً ومنشأة، تعود ملكيتها لفلسطينيين، مما دفع إلى نزوح نحو 742 فلسطينياً من أماكن سكنهم، بحسب تقرير(أوتشا).
من جانب آخر، ذكر المركز الإعلامي للمسجد الأقصى والقدس، أن 14 ألفا و64 إسرائيلياً، اقتحموا ودخلوا المسجد الأقصى عنوة خلال عام 2015.
85 بالمائة من الشهداء قتلوا خارج نطاق القضاء
أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين في تقريرها السنوي بأن ما يقارب (%85) من الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2015 والبالغ عددهم 179 شهيدا قد أعدموا ميدانياً خارج نطاق القضاء.
وقالت الهيئة: «أن سلطات الاحتلال وبقرار رسمي إسرائيلي استباحت دماء الفلسطينيين واستخدمت القتل العمد بدل الاعتقال، وأن معظم الشهداء كان بالإمكان اعتقالهم ولم يشكلوا خطراً على حياة الجنود كما تدعي سلطات الاحتلال».
واعتبرت الهيئة أن جنود الاحتلال أعدموا فلسطينيين بدم بارد ولمجرد الاشتباه، وتصرفوا كقضاة وجلادين في آن واحد، وأن كثير من المشاهد التي صورت وبثت عبر وسائل الإعلام، أظهرت أن الجنود الإسرائيليين أعدموا فلسطينيين كان بالإمكان اعتقالهم والسيطرة عليهم بدل من إطلاق الرصاص عليهم.
وأضافت الهيئة: «أن عدد كبير من الشهداء تُركوا ساعات طويلة ينزفون حتى استشهدوا دون تقديم العلاج لهم أو نقلهم إلى المستشفيات، وفي أحيان كثيرة مُنعت سيارات الإسعاف الفلسطينية من نقل المصابين».
وتبين في عدد من حالات الشهداء بعد تسليم جثامينهم أنهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل بهم حتى الموت كحالة الشهيد مأمون الخطيب (16) عاما، من سكان الدوحة قضاء بيت لحم الذي سقط شهيداً مطلع الشهر المنصرم، وظهرت على جثته علامات ضرب واضحة.
وأشارت الهيئة أن معظم الشهداء أُطلق النار عليهم من مسافات قريبة جداً بهدف قتلهم، وأن كثافة الرصاصات المصوبة اتجاههم تشير إلى نية القتل والإعدام.
وذكرت الهيئة باستخدام إسرائيل وحدات المستعربين( فرق الموت) التي أطلقت النار على معتقلين مما أدى إلى إصابتهم بجروح بالغة كحالة الأسير محمد عثمان زيادة.
واتهمت الهيئة إسرائيل بإعدام الأسرى بعد إصابتهم بالرصاص وهم أحياء، وقد شوهدت عبر وسائل الإعلام عمليات التنكيل والتحريض والضرب بحق مصابين حتى الموت.
وكشفت الهيئة أن سياسة الإعدام بحق الفلسطينيين جاءت بقرار وتعليمات وتوجيهات من الحكومة الإسرائيلية التي دعت إلى ما يسمى توسيع إطلاق النار على راشقي الحجارة واستخدام القناصة أنواع من الرصاص المتفجر والقتل في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين.
وبينت الهيئة أن دعوات الساسة الإسرائيليين إلى قتل الفلسطينيين بدل اعتقالهم بمثابة جريمة حرب وقتل متعمد خارج نطاق القضاء واستباحة الدماء على رؤوس الأشهاد، وهو ما ينتهك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربع، وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.
ولم تفتح حكومة الاحتلال أية تحقيقات جنائية مع الجنود والضباط الإسرائيليين الذين قاموا بالقتل العمد وإعدام الفلسطينيين، بل أشادت بأحد الجنود القناصة الذي قتل عدداً من الفلسطينيين على مجمع عيتصيون العسكري واعتبرته بطلاً.
وذكرت الهيئة تصريحات وزيرة الثقافة الإسرائيلية التي طلبت بتغيير معايير إطلاق النار، داعية إلى الإعدام الميداني بحق الفلسطينيين.
وأوضحت الهيئة أن القانون الدولي الإنساني يعتبر الإعدام الميداني جريمة حرب ويحظر جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، والإعدام التعسفي والإعدام بدون محاكمة، وتكفل اعتبار هذه العمليات جرائم بموجب قوانينها الجنائية يعاقب عليها ولا يجوز التذرع بالحالات الاستثنائية.
وكذلك يحظر القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني إصدار أوامر بتنفيذ أي نوع من أنواع الإعدام خارج نطاق القانون، أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة أو التحريض على ذلك.
وكانت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل قد أشارت الشهر الماضي في تقريرها السنوي إلى الظاهرة الأكثر خطورة، التي برزت خلال عام 2015، وهي عمليات إطلاق النار بهدف القتل التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في ظروف لم يكن فيها أي مبرر لإطلاق الرصاص وفق تعليمات إطلاق النار.
وقال تقرير الجمعية: « أنه تحت غطاء( الوضع الأمني)، قررت الحكومة الإسرائيلية السماح للشرطة باستخدام رصاص ( روجر ) ضد راشقي الحجارة، سواء داخل إسرائيل أو في القدس الشرقية».
وتؤكد الجمعية أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين ساهمت في كثير من الأحيان في عمليات الإعدام والقتل والتشجيع على ذلك، فقد نادى وزراء ونواب ومسؤولين في الشرطة بشكل صريح بالانتقام من منفذي عمليات الطعن أو المشتبه بهم، من خلال قتلهم وشجعوا الجمهور على حمل السلاح، وجزء كبير من وسائل الإعلام تجندت لتعزيز نهج مماثل، وأن الجهات التي من المفترض أن تراقب عمل الشرطة، أي النيابة العامة وقسم التحقيقات مع الشرطة وقفت صامتة حيال ما يجري.
وفي بيان لتسع مؤسسات لحقوق الإنسان في إسرائيل صدر عنها في أكتوبر المنصرم، أشارت أن دعوة الساسة الإسرائيليين وعناصر الشرطة والجنود إلى قتل الفلسطينيين بدلا من الاعتقال، هي بمثابة استباحة للدماء.
وقال البيان: « هناك ساسة ومسؤولون في الشرطة لا يعملون على تهدئة الجو العام بل على العكس من ذلك، يدعون علنا إلى قتل المشتبه بهم دون محاكمة، والى دعوة المدنيين إلى حمل السلاح، وهو ما نقل على لسان ( موسي إدري ) قائد شرطة لواء القدس قائلا: «كل من يطعن اليهود أو يصيب أبرياء بأذى حكمه القتل»، وقال وزير الأمن الداخلي( جلعاد آردان ) « أن كل مخرب عليه أن يعرف أنه لن ينجو من العملية الموشك على تنفيذها»، وقال عضو الكنيست ( يائير لبيد ) :»من يخرج سكينا أو مفكا يجب إطلاق النار عليه و قتله».
والجدير ذكره أن المنظمات التي وقعت على البيان هي: جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، امنستي انترناشيونال فرع إسرائيل و بتسيلم و مسلك و اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل و مركز الدفاع عن الفرد و منظمة متطوعين لحقوق الإنسان و عدالة وأطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل.
وكانت منظمة «بتسيلم» قد أصدرت بيانا أعربت فيه عن صدمتها وإدانتها الشديدة للاستهانة بحياة البشر، حيث ينادي مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية وفي سلطات أخرى بإطلاق النار لقتل الفلسطينيين المشتبه بهم واستباحة دمائهم بما في ذلك الذين لا يشكلون خطرا.
و قالت الصحفية الإسرائيلية» عميرة هس» إن تحقيق الجيش الإسرائيلي كشف بأن الجنود الذين قتلوا هديل الهشلمون في الخليل في شتنبر 2015 وهي تعبر حاجز الدخول إلى البلدة القديمة في الخليل، كان بإمكانهم إيقاف الشابة دون قتلها، حيث تم إصابتها بسبع رصاصات في الجزء العلوي من جسدها و ثلاث رصاصات في قدميها وعن مسافة 3-4 أمتار.
و كان مدير عام منظمة بتسليم (حجاي العاد) قد اتهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات قتل ميدانية للفلسطينيين الذين تم السيطرة عليهم من قبل أفراد الشرطة و الجيش والمدنيين الإسرائيليين، و قال في رسالته أن الحكومة الإسرائيلية تشجع و تمكن أفراد الشرطة من أن يكونوا قضاة وجلادين وان يعدموا الفلسطينيين ميدانيا و قد اعدموا فلسطينيين ميدانيا بعد أن تمت السيطرة عليهم.
و ذكر مدير عام بتسيلم أن شرطي إسرائيلي قام بإطلاق الرصاص على الطفلة هديل عواد من مخيم قلنديا بعد أن وقعت على الأرض كما تم إطلاق النار على ابنة خالها نورهان عواد رغم عدم قدرتها على الحركة.
و قال: أن هناك جنود قاموا بإطلاق الرصاص على الصبية اشرقت قطناني من نابلس وأعدموها دون مبرر واضح.
و أكد مدير عام بتسيلم أن عمليات الإعدام تأتي ضمن سياق الخطاب المتوافق لقادة إسرائيل وأعضاء الكنيست، مهاجما المستشار القانوني للحكومة الذي لم يفعل شيئا لوقف عمليات القتل.
و قد طالبت مؤسستا عدالة و الضمير بالنيابة عن عائلة الشهيد فادي علون بفتح تحقيق مع أفراد الشرطة الإسرائيلية في ملابسات إطلاق النار ومقتل علون يوم أكتوبر الماضي في القدس المحتلة الذي تم إطلاق النار عليه بعد قيام عصابة من المستوطنين المتطرفين بمطالبة شرطة الاحتلال بإطلاق النار عليه وتم ذلك، و جرى توثيق الحادثة بالفيديو الذي يظهر بشكل واضح أن الشهيد علون لم يشكل تهديدا مباشرا لأي إسرائيلي.
و قد أضافت منظمة العفو الدولية ( امنستي انترناشيونال) في بيان أصدرته يوم نونبر المنصرم أن منظمة العفو الدولية توصلت إلى أدلة تثبت أن بعض حوادث مقتل الفلسطينيين على أيدي عناصر القوات الإسرائيلية في الخليل كانت عبارة عن عمليات إعدام ميدانية.
و عقبت منظمة العفو الدولية على عملية إعدام عبد الله شلالدة خلال اقتحام قوات المستعربين الخاصة مستشفى الأهلي بالخليل يوم نونبرالماضي و اختطاف الجريح عزام شلالدة، أن كون عبدالله شلالدة أصيب في الرأس والجزء العلوي من الجسم فإن هذا إعدام خارج نطاق القضاء، وأن عمليات القتل غير القانونية والمتعمدة بأمر من الحكومة او المسؤولين العسكريين أو بتواطئهم او إذعانهم هي عمليات إعدام خارج نطاق القانون و الذي يحظر في جميع الأوقات و يعتبر جريمة بموجب القانون الدولي.
و يذكر أن وزيرة خارجية السويد ( مارغوت فالستروم) قد صرحت يوم الشهر المنصرم خلال نقاش في البرلمان السويدي أن إسرائيل تنفذ عمليات إعدام ضد الفلسطينيين دون محاكمة، و أدى هذا التصريح إلى أزمة دبلوماسية بين السويد و إسرائيل وعاصفة يمينية إسرائيلية ضد وزيرة الخارجية السويدية.