على امتداد التاريخ، تعاقب على تدريب الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، مجموعة من المدربين المغاربة منهم والأجانب، من بينهم أسماء كبيرة، لكن القلة القليلة منهم هي التي حالفها النجاح، وتركت بصماتها على التاريخ.
اليوغسلافي بلاغوي فيدينيتش بمونديال المكسيك 1970، والروماني مارداريسكو بكأس أمم إفريقيا للأمم 1976 بإثيوبيا، والمهدي فاريا بمونديال المكسيك 1986 وعبد الله بليندة مونديال الولايات المتحدة الأمريكية 1994 والفرنسي هنري ميشيل بمونديال فرنسا 1998، ثم أخيرا مواطنه هيرفي رونار بمونديال روسيا 2018.
هذه التواريخ والمواعيد والأسماء، تختزل رصيد كرة القدم الوطنية عبر التاريخ، صحيح أن الحصيلة حافلة بالعطاءات، إلا أنها تسجل حضورا متقطعا بأبرز المواعيد على غرار باقي الدول العربية، كتونس بـ 5 مشاركات مونديالية، نفس العدد بالنسبة للسعودية والمغرب وهذه الدول صاحبة الرقم الأول عربيا، بينما تبقى الكاميرون الأولى إفريقيا بـ 7 مشاركات.
والملاحظ أن إنجازات الفريق الوطني مرتبطة بحضور الخبرة الأجنبية، باستثناء مونديال أمريكا 1994، حيث كانت بصمة مدربين مغربيين حاضرة، ويتعلق الأمر بعبد الخالق اللوزاني عبد الله بليندة، الأول خاض المراحل الإقصائية لكن تم الاستغناء عنه، وعين المرحوم بليندة لتكملة المشوار، ومرافقة المنتخب الذي خرج من الدور الأول.
سرد هذه الأسماء فقط، لا يعني أن المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب غير أكفاء، فأسماء كبيرة كفونطين، وكليزو، كويلهو، ولومير وكاسبارزاك وغيريتسوغيرهم، ليست أطر غير متمكنة من مهنتها، بل على العكس تتمتع بالخبرة الكافية، والبعض منهم أخفق مع المغرب، لكنه نجح في دول أخرى، وهذا إشكال يطرح تساؤلات عميقة حول الأسباب والمسببات.
بيد أن التجربة الحالية للمدرب الفرنسي هيرفي رونار، يمكن أن تجيبنا على هذا الإشكال الحقيقي الذي شغل أغلب المسؤولين الذين تعاقبوا على تحمل المسؤولية.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن المدرب الحالي إطار ناجح، ولعل قيادته لـ “أسود الأطلس” التأهيل لمونديال روسيا أكبر دليل على أننا أمام حالة ناجحة بكل المقاييس، وهذا ما يقتضي تشريح المعطيات واستخلاص الدروس.
فنجاح أي مدرب، لا يعني أنه وصل إلى ذلك بمفرده، ورونار لا يمكن أن يخرج عن القاعدة، وأكد ذلك بنفسه في كل الحوارات التي أدلى بها بعد الانتصار البين على حساب منتخب الكوت ديفوار بالعاصمة بأبيدجان.
فالإمكانيات الكبيرة التي وفرت له والتعبئة غير المسبوقة وراء المنتخب الوطني، شكلت عوامل حاسمة وأساسية في دعم الأسود، جعلتهم يخوضون المنافسات في أحسن الظروف، إلى درجة وصفها البعض بـ “الفشوش”، لكنها في واقع الأمر ظروف تساعد على ضمان حضور متوازن للفريق، ويسهل مهمة الطاقم التقني بقيادة مدرب يتميز بقوة الشخصية، ويعرف كيف يقود مجموعته نحو النجاح المطلوب.
وبناء عليه، فإن هذا النجاح لا بد وأن تتوفر له شروط ذاتية وموضوعية، والجامعة آمنت بضرورة الوصول إلى المونديال، وعرفت كيف تهيئ الظروف لذلك، و هذا هو السر في تحويل تعثر الأسود في بداية الإقصائيات إلى تفوق في المراحل الحاسمة، وجعل العودة لأعراس المونديال مسألة نجاح لكل المكونات وليس جهة بعينها.
محمد الروحلي