النادي السماوي يحتفل بمرور 10 سنوات على انتقال ملكيته لمجموعة “أبوظبي المتحدة للتنمية و الاستثمار”
أنفقوا 1,2 جنيه إسترليني لكسر تفوق اليونايتد ومزاحمة كبار إنجلترا
بعد عشرة أعوام من الاستحواذ على ملكية مانشستر سيتي، حولت مئات ملايين الدولارات التي أنفقتها مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار المملوكة من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، النادي إلى أحد الأندية الكبيرة في إنجلترا وأوروبا، بعد أعوام طويلة في غياهب النسيان.
نجاح السيتي ثمرة عملية إعادة بناء طويلة
في 2017-2018، حقق النادي الذي احتفل السبت بمرور عشرة أعوام على انتقال ملكيته، موسما استثنائيا في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، محطما سلسلة أرقام قياسية، ومحرزا اللقب بفارق 19 نقطة عن وصيفه، الغريم التقليدي في المدينة الشمالية، مانشستر يونايتد.
وصنع المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الذي يقود الفريق حاليا للموسم الثالث، تشكيلة صلبة قوامها أداء جماعي متفوق، ومواهب فردية مثل لاعب خط الوسط البلجيكي كيفن دي بروين (الغائب حاليا بسبب الإصابة)، والمهاجم الأرجنتيني سيرخيو أغويرو.
السطوة التي فرضها النادي على الدوري المحلي في الموسم الماضي (تلقى ثلاثة هزائم في 38 مباراة)، عززت موقعه في مصاف الأندية التي يحسب لها حساب، أكان في “البريميرليغ” أو في دوري أبطال أوروبا حيث بلغ ربع النهائي وخرج بمجموع الذهاب والإياب على يد مواطنه ليفربول.
إلا أن هذا التفوق لم يأت من فراغ، بل كان ثمرة عملية إعادة بناء طويلة بدأت في الأول من شتنبر 2008، مع استحواذ المجموعة الإماراتية على النادي في صفقة قدرت حينها بنحو 360 مليون دولار أميركي.
في عشرة أعوام، أنفق المالكون الجدد ما يناهز 1,2 مليار جنيه استرليني (نحو 1,5 مليار دولار)، ساهمت في كسر تفوق يونايتد في المدينة، وحجز مكان دائم بين الكبار من أمثال أرسنال وتشلسي وليفربول.
من ناد متواضع إلى علامة تجارية كبرى
في 2012، حقق الفريق لقبه الأول في بطولة إنجلترا منذ عام 1968، منتزعا اللقب بفوز حققه في الثواني الأخيرة من المباراة الأخيرة للموسم على فريق كوينز بارك رينجرز (3-2)، حارما مانشستر يونايتد من الاحتفاظ بلقبه.
ووصل “الحصاد الإماراتي” مع سيتي حاليا إلى لقب الدوري الإنجليزي ثلاث مرات، وكأس الرابطة ثلاث مرات، وكأس انكلترا مرة واحدة.
ويسعى فريق غوارديولا في الموسم الحالي الذي بدأه بفوزين وتعادل في المراحل الثلاثة الأولى، الى أن يصبح أول فريق يحتفظ بلقبه في الدوري الإنجليزي الممتاز، منذ حقق ذلك غريمه يونايتد عام 2009.
في عهد الشيخ منصور ورئيس مجلس الإدارة خلدون المبارك، انتقل سيتي من ناد متواضع الإمكانات والطموح، الى علامة تجارية كبرى بين “الشركات” في عالم كرة القدم الشديد التطلب ماليا واستثماريا.
تحول المشروع الطموح الى واقع، اختصره المدافع البلجيكي فنسان كومباني بالقول في غشت المنصرم “عامي الأول مع سيتي والعام الماضي كانا الأفضل في مسيرتي”.
وانضم كومباني (32 عاما) لسيتي صيف 2008، قبل أيام من الاستحواذ الإماراتي على النادي من مالكه السابق التايلاندي ثاكسين شيناواترا.
وأوضح اللاعب الذي ساهم في كل ألقاب ناديه في العقد الأخير “كل ناد تنضم إليه يعطيك الانطباع نفسه +لدينا مشروع كبير، طموحات كبيرة+ (…) لحسن الحظ أن سيتي لم يكن من الأندية التي تكذب بشأن ذلك”.
التتويج الأول بعد 42 من الانتظار
ساهمت الملكية الإماراتية بالدرجة الأولى في كسر عقدة نقص عانى منها النادي إزاء غريمه اللدود مانشستر يونايتد الذي هيمن بشكل كبير على كرة القدم المحلية في تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي.
وعلى سبيل المثال، أنهى سيتي الدوري الإنجليزي موسم 2007-2008 في المركز السابع، بفارق 32 نقطة عن البطل يونايتد.
وعانى الفريق لأعوام طويلة. في 1996، سقط الى الدرجة الإنجليزية الأولى بعد خطأ من مدربه ألان بال الذي طلب من لاعبيه الدفاع لاعتقاده أن التعادل سيكون كافيا للبقاء في الدوري الممتاز، بينما كان يحتاج للفوز.
بعد موسمين في الدرجة الأولى، سقط النادي الى الدرجة الثانية، أسوأ مرحلة له في تاريخه. وعلى رغم العودة الى دوري الأضواء في العقد الأول من القرن الحالي، بقي سيتي بعيدا عن المنافسة، وبات مشجعوه يرددون في المدرجات هتافات تصل الى حد اعتبار أن ناديهم “غير موجود”.
لم تتحقق نقلة النادي الى مصاف الكبار بين ليلة وضحاها. في المراحل الأولى، بدا أن سيتي يحاول تلمس طريق غير معهود، للعودة الى مصاف المنافسة في الدوري الممتاز على الأقل.
ونقلت صحيفة “ديلي مايل” الإنجليزية عن أحد المسؤولين السابقين في إدارة النادي قوله “ينسى الناس أنه قبل عشرة أعوام، لم يكن أحد ليتخيل أن سيتي سيصل الى المكان” الذي يتواجد فيه حاليا.
وأضاف “بناء الفريق الذي يتولى غوارديولا الإشراف عليه، كان يعني بناء فريق من طراز عالمي. اللاعبون (البارزون) لم يكونوا قد سمعوا باسمنا أو لم يكونوا مهتمين بالانضمام الى صفوفنا”.
التعاقد الأول الذي أبرمه المالكون الجدد كان البرازيلي روبينيو، أحد المواهب الشابة الصاعدة في كرة القدم العالمية يومها. كان الإنفاق وسيلة لجذب اللاعبين الى ناد خارج طينة الكبار، وصولا الى التتويج الأول بعد انتظار 42 عاما، والذي أتى في كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2011.
ولم يقتصر تطوير النادي على ضم اللاعبين أو بعض أعمال التوسعة في ملعبه الذي بات يعرف باسم “استاد الاتحاد”، نسبة الى شركة الاتحاد للطيران الراعية الرئيسية لقميصه. شملت عمليات التنمية أكاديمية الناشئين، وترافق الاستثمار في النادي مع استثمار إضافي بكرة القدم من قبل الشيخ منصور ومجموعته التي باتت حاليا تملك خمسة أندية حول العالم.
ويقول الحارس السابق لسيتي الإيرلندي شاي غيفن “عندما انضممت للنادي (في 2009)، كان خلدون المبارك يقول لنا إلى أين يرغبون في إيصال النادي”، مضيفا “كان صادقا حتى اليوم بكل كلمة قالها”.