المسابقة الأخيرة التي فازت فيها طفلة مغربية والتي تتعلق بالقراءة، تؤكد على الأهمية التي تشكلها المسابقات في إبراز المواهب في شتى الميادين.
غير أن فرص تنظيم هذا النوع من المسابقات ببلدنا العزيز المغرب، تظل ضئيلة جدا ومحدودة جدا سواء من الناحية الزمنية أو الرقعة الجغرافية.
هناك بلا شك العديد من المواهب الدفينة في المناطق النائية وفي القرى، وحتى في المركز، غير أنها لا تتاح لها الفرصة للظهور وللتعبير عن طاقاتها.
ولعل أبرز دليل هو الطفلة الجميلة – كل الأطفال والطفلات جملاء وجميلات- الفائزة أخيرا في مسابقة دولية خاصة بالقراءة؛ فحين أتيحت لها الفرصة للظهور، فاجأت الجميع بما تختزنه من طاقة في التعبير الفصيح وفي القراءة، علما بأنها تتحدر من منطقة مهمشة – إذا جاز التعبير- هي تاونات.
المسابقة لم تأت من بلدتها الصغيرة ولا من داخل وطنها ككل، بل من الخارج، من دولة خليجية تحديدا، وكان ينبغي انتظار أن تأتي المبادرة من الخارج لكي نكتشف أن بين ظهرانينا طفلة صغيرة ذات نبوغ مغربي، هذه الطفلة لم تكن معروفة، مثلما أن العديد من أمثالها لا يزالون مغمورين، بالنظر إلى شبه انعدام مبادرات ومسابقات تهدف إلى اكتشاف المواهب، ليس فقط في القراءة، بل في مختلف فروع الإبداع والمعرفة.
صحيح، هناك مبادرات على هذا الصعيد تقام بوطننا العزيز، لكنها تكاد لا تخلف أثرا.
لماذا لا يكون لهذه المبادرات تأثير يذكر؟
لفهم السبب، لا بد من الوقوف عند المناخ الذي من شأنه أن يساعد على تنمية المواهب الناشئة وتقويتها. هذا المناخ غير صحي. العديد من المناطق ببلادنا تفتقر إلى مؤسسات ثقافية وحتى رياضية.
حينما يتم تحويل -على سبيل المثال- قاعة سينمائية إلى سوق لبيع المواد الغذائية، مع أن تلك القاعة هي الوحيدة الموجودة في الحي، لا بل في المدينة ككل؛ فماذا ننتظر من ذلك؟
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل لا بد من إنشاء في كل حي على الأقل: قاعة مسرح، وسينما، وملعب، ودار للشباب والطفولة، ومكتبة عمومية.. وسوى ذلك من المؤسسات الثقافية والرياضية.
إن إجراء مسابقات لاكتشاف المواهب، في غياب تلك المؤسسات، لن يكون له أي تأثير إيجابي بطبيعة الحال.
الأولى أن يتم وضع البنيات التحتية الأساسية، مع الأخذ بعين الاعتبار سياسة القرب، وبعد ذلك نقوم بالبحث والتنقيب عن المواهب، ولا شك أننا لن نتعب كثيرا في الوصول إليها؛ فهي ستعلن عن نفسها بكل تلقائية، مثلما هو الحال بالنسبة للنبات الذي لا يحتاج سوى إلى التربة الصالحة وإلى الماء وإلى المناخ الملائم لكي يخرج إلى الوجود.
عبد العالي بركات