هل من المنطقي الحديث عن الأدب النسائي؟
الفنون الأدبية، كيفما كان نوعها: شعر، قصة، مسرح، إلى غير ذلك، تكتب بواسطة الكلمات، وهذه الكلمات تشكل قاموسا مشتركا بين الإناث والذكور على حد سواء.
ليس هناك كلمات وألفاظ لا تستعملها غير النساء، أو محرمة على الرجال.
الكلمات ليست إكسسوارا، بمجرد أن نلمحه، نفهم أنه من أغراض النساء دون غيرهن.
* * *
بعض الكاتبات يمنحن الانطباع بأن ما يكتبهن يدخل في خانة أدب النساء، خصوصا عندما يغالين في الحديث عن ذواتهن بشكل طوباوي حالم.
كما أن بعضهن لا تكاد تميز إن كانت كتاباتهن من تأليف رجل أو امرأة، خصوصا عندما يصر البعض منهن على الحديث بلسان رجل، السارد في نصوصهن يتحدث بضمير المتكلم المذكر، وهذا شيء غير مستساغ، في تصوري على الأقل، وإن كن يدافعن عن هذا الاختيار بالقول إن ما دفعهن للحديث بلسان رجل، هو الرغبة في التحدي لا غير.
* * *
هناك نساء يكتبن نصوصا جريئة، ومنهن من لا يجرؤن على الكتابة، بالنظر إلى الوضع المحافظ والمتزمت لمحيطهن، وبالتالي يكن بين خيارين؛ إما التضحية بالأسرة، وإما الانتهاء إلى كتابة جامدة بلا روح.
وقد يلجأ بعضهن إلى الترميز والمجاز لنقل ما يعتمل في دواخلهن. وربما هذا ما يدفع الكتابات النقدية إلى تصنيف كتاباتهن ضمن خانة محددة، من قبيل أدب النساء.
* * *
هناك ظاهرة لافتة، ترتبط بالإنتاج الأدبي النسائي، يتعلق الأمر بندرة هذا الإنتاج في حد ذاته، ومحدودية الأسماء الفاعلة في هذا الحقل، خصوصا ما يتعلق بالفكر والنقد والمسرح، وإلى حد ما الرواية والقصة، في حين أن الشعر يظل هو الأقوى بين إنتاجاتهن، من حيث الكم على الأقل.
* * *
بعض الأديبات يتوقفن عن النشر، حتى لا نقول عن الكتابة، إيمانا بأنه لا أحد بمقدوره أن يعلم إن كان الكاتب الفلاني أو الكاتبة الفلانية، قد توقف بالفعل عن الكتابة، لكن المؤكد أن العديد من الأديبات المغربيات توقفن عن النشر، واختفين إلى الأبد، قبل أن يغيبهن الموت، لحسن الألطاف أن جيلا جديدا من الأسماء الفاعلة في حقول الإبداع الأدبي، يظهر في كل مرة، وينفث دما جديدا في الحركة الثقافية ببلادنا.
* * *
هناك أسباب عديدة ومختلفة، تجعل الكاتبة المغربية تنقطع عن النشر فجأة ودون سابق إشعار، ولعل أبرز هذه الأسباب أن المرأة بطبعها كائن هش، في ميدان يتطلب أعصابا من فولاذ.
عبد العالي بركات